تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[قواعد في المنهجية والطلب]

ـ[سلطان العميرة]ــــــــ[17 - 07 - 10, 06:53 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

إن من أعظم ما يمتن الله به على عباده أن يوفقهم لسلوك دروب العلم الشرعي للنيل من معين القرآن والسنة والنظر في كلام العلماء ومجالسة أهل العلم , ولا يخفى أن هذا الدرب هو من أسهل الطرق وصولا إلى الجنة على من رُزق الإخلاص فيه , فعن كثير بن قيس قال كنت جالسا مع أبى الدرداء في مسجد دمشق فجاءه رجل فقال يا أبا الدرداء إني جئتك من مدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لحديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما جئت لحاجة. قال فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول «من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر». [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn1)

والعجيب أن لطلب العلم لذة أعظم من لذة الطعام والشراب والجماع , بل إنه نعيم في الدنيا ونعيم في الآخرة , حتى إن أهل الجنة ليعيشون لذته ويتدارسون في الجنة ماخفي عليهم في الدنيا من مسائل , ذكر ابن أبي الدنيا من حديث الربيع بن صبيح عن الحسن عن انس يرفعه "إذا دخل أهل الجنةِ الجنةَ فيشتاق الإخوان بعضهم إلى بعض, فيسير سرير هذا إلى سرير هذا وسرير هذا إلى سرير هذا حتى يجتمعا جميعا فيتكئ هذا أو يتكئ هذا فيقول أحدهما لصاحبه تعلم متى غفر الله لنا فيقول صاحبه نعم يوم كذا و كذا و موضع كذا و كذا فدعونا الله فغفر لنا "يقول ابن القيم [2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn2) : وإذا تذاكروا ما كان بينهم فتذاكرهم فيما كان يشكل عليهم في الدنيا من مسائل العلم و فهم القرآن و السنة و صحة الأحاديث أولى و أحرى فان المذاكرة في الدنيا في ذلك ألذ من الطعام و الشراب و الجماع فالتذاكر في الجنة أعظم لذة و هذه لذة يختص بها أهل العلم و يتميزون بها على من عداهم.

لكن هذا العلم لا سبيل لغير المخلص أن يلج فيه , فإن زاحم أهله وقد َعري عن الإخلاص فقد حكم على نفسه بالهلاك.

فعن ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال «من طلب العلم لغير الله أو أراد به غير الله فليتبوأ مقعده من النار». [3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn3)

وعن الحسن قال: من طلب شيئا من هذا العلم فأراد به ما عند الله يدرك إن شاء الله، ومن أراد به الدنيا فذاك والله حظه منه. [4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn4)

وقال سفيان الثوري: «ما من عمل أفضل من طلب العلم إذا صحت النية» [5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn5)

وصلاح النية في طلب العلم بأن يقصد به وجه الله عز وجل والعمل به، وإحياء الشريعة، وتنوير قلبه، وتحلية باطنه، والقرب من الله تعالى يوم لقائه، والتعرض لما أعد لأهله من رضوانه، وعظم فضله، ولا َيقصد به أغراضا الدنيوية من تحصيل الرياسة، والجاه، والمال، ومباهاة الأقران وتعظيم الناس له، وتصديره في المجالس، ونحو ذلك فليستبدل الأدنى بالذي هو خير.

ولذا فإن النية أساس العلم كما هي أساس كل عمل , فإذا كانت لله خالصة كان فهم العلم يسير ونتاج العلم محمود العواقب.

يقول ابن المبارك: «أول العلم النية ثم الاستماع ثم الفهم ثم الحفظ ثم العمل ثم النشر» [6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ftn6)

ومن نعمة الله أنه لا يبقى في هذا العلم إلا من أخلصوا نيتهم لله , بل إن من كان فيه داخلا وقد شابة نيته الشوائب لا يبقى فيه إلا حين تصفى نيته من هذه الشوائب , وفي ذلك بشارة على من ُغلب على نيته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير