تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ألقاب العلوم]

ـ[ذو المعالي]ــــــــ[02 - 07 - 10, 08:15 م]ـ

الاشتغال بالعلوم درجات، و كل درجة تتميز عن سابقتها بكونها ناقلةً المشتغلَ نُقلة أكبر، و هذا الاشتغال يُعطي المُشتغِلَ وصفا و نعتا يتميز به عن غيره في سائر الدرجات، و هذه الأوصاف و النعوت لها أثرها في نهضة العلم و ارتقائه.

اهتم المصنفون في ترجمة رجال العلوم بهذه الألقاب، و أعطوها حقها حين ترجمتهم للشخص المعنيِّ بها، و اعتمدوا في ذلك على أهله الأكابر الذين هم عُمدة و مرجعٌ في الفن، و ليس كلَّ أحد يعتمدونه، و إنما شخصٌ متين العلم راسخ القدم فيه، مُحقق مدقق.

من آثار هذه الألقاب معرفة المُحقق من مسائل العلم و قضاياه، و مدى قيمة صاحب اللقب فيها، و أيضا عند تعارض الأقوال يُنظر إلى اللقبِ المُطلَقِ على المتعارِضَِيْن، و أيضا عند اعتماد الكتبِ عند الترجيح أو التقديم. و قضايا أخرى، منهجية و غيرها. و كذلك عند الاختيارات العلمية في الفنِّ، فلا تكون تلك إلا ممن نال الرسوخَ في العلم ذاته.

الألقاب كغيرها من أحوال العلوم و أهلها، تحتاج إلى إعادة نظرٍ و دراسة، و تنقية و تصفية، و إعادة الأمور إلى أصولها، فلا تجوز المحاباة في العلم، و لا تجوز المجاملة في أصوله، فالعلم قائم حاكم على كل من دخل فيه، و حينما نُعطي العلم قيمته فإننا نضمن أثرَه العائد عليه في ترقية معارفنا، و لكننا حينما نحرمه قيمته و منزلته نكون كأننا لم نجنِ شيئا منه. فلنكن قائمين للعلم بالقسط.

نال الألقاب كما نالَ غيرَه من أمور العلم، حيث أصبحت بين طرفين ذميمين ووسط محمود، فكان أن غلا الكثير في إطلاق الألقاب بدرجاتها الكبرى المتقدمة على من لا يستحق، و كذلك الطرف الذميم الآخر سلبها ممن يستحق، و أما الوسط فنادرٌ، و النادر لا حكم له.

ميزان إطلاق الألقاب على الأشخاص ليس مضبوطاً، خاصة في هذا الوقت، فقط أصبح يُطلق اللقبُ الكبير للراسخ في العلم على من اشتغل ب هبه اهتماما، دون تحقيق، و بمجرد من أن يتسامَع الناسُ أن فلاناً محبٌ للفن أو العلم، و يُسمَّى، إلا و يُطلَق عليه لقلب الراسخين فيه، و الآفة الكبرى حين يُطلقُه من يُعتبَرُ قوله. و هذه الإطلاقات لها أثرها على نفسِ المُلقَّبِ، و لا نفسَ معصومة، و النفوسُ زكاؤها مظنون و ليس يقينياً، لتجاذبُ أحوالها لها. و لها أثرها، أيضاً، على العامةِ حيثُ يمنحونه مرتبة الاهتمام كما للأكابر، و أيضاً يُولون رأيه عناية كبرى.

لا مشاحة في الاصطلاح، و لكن أن يُترك الأمر دون قيد أو زمام فإن هذا ما ليس محمودا و لا مقبولاً، فكثيرا ما نرى تلك الألقاب الكبيرة تُطلق على من لم يبلغ الدرجة المتوسطة في في الطلب، أو الدرجة العالية قبل القمة الهرمية. و السبب أن ميزان اللقبِ غير معروف. فتكون الإطلاقات لأسباب و بواعث، أغلبها عاطفية لا علمية أو عقلية، و الألقابُ لا تُطلق إلا بناءً على أصول، و الأصول تُبنى على أُسسٍ علمية، لا على حِسٍّ ذوقيٍ. من البواعث على إطلاق الألقاب الكبرى على المشتغلين بالعلوم الحبُّ، فالحُبُّ " يُعمي و يُصمُّ"، فلا ينظر المُطلِقُ اللقبَ إلى على هالةٍ كبرى بادية من المشتغلِ المحبوبِ، و تعمى عين قلبه عن مدى رسوخه في ذلك.

كثيرةٌ هي مظاهر إطلاق الألقاب على من ليسوا أهلا لها، أو خلْق المراتب العلمية لم ليسوا مستحقين لها، فكثيراً من الكتب العصرية اليوم اهتمت بهذا الجانب في تحرير اختيارات أقوام من المشتغلين بالعلوم، و هم مشاركون في العلم و ليسوا محققين، و المشارك مقلِّد، و اختيارُه ليس إلا تقليداً لرأي و مذهب، و ليس تحقيقَ مجتهدٍ فيه، و عند التحقيق و التدقيق نجد أن السبب في جعل رأيه اختياراً كاختيار مجتهد الفنِّ تلك الألقاب التي أُطلقت عليه. و الألقاب تميزُ بين المشتغل بالعلم تخصصا و بين مُشارك فيه. فعند تعارض الرأيين للشخصين يُقدم رأي الراسخ المختصِّ فيه، إذا كان رسوخه على أصول العلم المعتبرة.

إننا حين نُشغل أنفسنا بتحصيل العلوم و المعارف فإننا نسعى لأن نكون قائمين على قدم الصيانة و الإبانة، و هاتان الغايتان لا تكونان إلا حينما نتخلَّق بوصف الأمانة، التي تجعلنا نعطي الحقَّ لأهله، و ألا نتجرأ على إعطائهم ما ليس لهم من باعثِ العاطفة، و لا أن نمنعهم حقَّهم من باب عدم الاعتبار بأنهم كذلك. و متى ما أعطينا من لا يستحق ما لا يستحق فإننا نسلُبُ مَن يستحق ما يستحق، و هذا ليس محمودا.

ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[02 - 07 - 10, 11:16 م]ـ

إننا حين نُشغل أنفسنا بتحصيل العلوم و المعارف فإننا نسعى لأن نكون قائمين على قدم الصيانة و الإبانة، و هاتان الغايتان لا تكونان إلا حينما نتخلَّق بوصف الأمانة، التي تجعلنا نعطي الحقَّ لأهله، و ألا نتجرأ على إعطائهم ما ليس لهم من باعثِ العاطفة، و لا أن نمنعهم حقَّهم من باب عدم الاعتبار بأنهم كذلك. و متى ما أعطينا من لا يستحق ما لا يستحق فإننا نسلُبُ مَن يستحق ما يستحق، و هذا ليس محمودا.

يا ذا المعالي أعلى الله قدرك ... بالله عليك هل رأيت بعينيك من يفعل هذا؟

لا أحب أن أكون متشائماً ..... ولكن قليل ما هم .. والله المستعان ... فمن شرح كتاب في الحديث صار محدثا ومن أفتى في مسألة في الفرائض أصبح فرضياً ومن شرح كتاب في العقيدة أصبح ... وهلما جرا ...

وهذا التعليق لا أعني به أهل العلم إنما أعني به معاشر الطلبة الذين ينتسبون إليه

أما أهل العلم الذين عرفوه وعرفوا أهله قلما تجد هذا الأمر في عباراتهم والسبب قلة من يستحقها وفق الله الجميع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير