عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة لها أعلام فنظر إلى أعلامها نظرة فلما انصرف قال اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم وأتوني بأنبجانية أبي جهم فإنها ألهتني آنفا عن صلاتي وقال هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قال النبي صلى الله عليه وسلم كنت أنظر إلى علمها وأنا في الصلاة فأخاف أن تفتنني.
رواه البخاري (366) ومسلم (556).
قال الشوكاني – في التعليق على حديث آخر -:
وكره مالك أيضا الصلاة على ما كان من نبات الأرض فدخلته صناعة أخرى كالكتان والقطن. قال ابن العربي: وإنما كرهه من جهة الزخرفة.
" نيل الأوطار " (2/ 147).
قال الصنعاني – في التعليق على حديث عائشة -:
وفي الحديث دليل على كراهة ما يشغل عن الصلاة من النقوش ونحوها , مما يشغل القلب , وفيه مبادرته صلى الله عليه وسلم إلى صيانة الصلاة عما يلهي , وإزالة ما يشغل عن الإقبال عليها. قال الطيبي: فيه إيذان بأن للصور والأشياء الظاهرة تأثيرا في القلوب الطاهرة , والنفوس الزكية , فضلا عما دونها ; وفيه كراهة الصلاة على المفارش , والسجاجيد المنقوشة , وكراهة نقش المساجد , ونحوه.
" سبل السلام " (1/ 226).
2. المنع من الصلاة على السجاد للموسوسين من نجاسة الأرض أو السجاد تحتها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
فإذا كان النبي وأصحابه يصلون في نعالهم ولا يخلعونها بل يطؤون بها على الأرض ويصلون فيها فكيف يظن أنه كان يتخذ سجادة يفرشها على حصير أو غيره ثم يصلى عليها فهذا لم يكن أحد يفعله من الصحابة وينقل عن مالك أنه لما قدم بعض العلماء وفرش في مسجد النبي شيئا من ذلك أمر بحبسه وقال أما علمت أن هذا في مسجدنا بدعة والله أعلم.
" مجموع الفتاوى " (22/ 192).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:
من اتخذ السجادة ليفرشها على حصر المسجد لم يكن له في هذا الفعل حجة في السنة بل كانت البدعة في ذلك منكرة من وجوه:
أحدها: أن هؤلاء يتقى أحدهم أن يصلى على الأرض حذراً أن تكون نجسة، مع أن الصلاة على الأرض سنَّة ثابتة بالنقل المتواتر.
" مجموع الفتاوى " (22/ 179، 180).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:
أما الغلاة من الموسوسين فإنهم لا يصلون على الأرض ولا على ما يفرش للعامة على الأرض لكن على سجادة ونحوها، وهؤلاء كيف يصلون في نعالهم وذلك أبعد من الصلاة على الأرض؛ فإن النعال قد لاقت الطريق التي مشوا فيها واحتمل أن تلقى النجاسة بل قد يقوى ذلك في بعض المواضع، فإذا كانوا لا يصلون على الأرض مباشرين لها بأقدامهم مع أن ذلك الموقف الأصل فيه الطهارة ولا يلاقونه إلا وقت الصلاة: فكيف بالنعال التي تكررت ملاقاتها للطرقات التي تمشى فيها البهائم والآدميون وهى مظنة النجاسة.
" مجموع الفتاوى " (22/ 177).
وقال ابن قيم الجوزية – رحمه الله -:
فأين هذا الهدي من فعل من لا يصلي إلا على سجادة تفرش فوق البساط فوق الحصير ويضع عليها المنديل ولا يمشي على الحصير ولا على البساط بل يمشي عليها نقرا كالعصفور فما أحق هؤلاء بقول ابن مسعود لأنتم أهدى من أصحاب محمد أو أنتم على شعبة ضلالة وقد صلى النبي على حصير قد اسود من طول ما لبس فنضح له بالماء وصلى عليه ولم يفرش له فوقه سجادة ولا منديل وكان يسجد على التراب تارة وعلى الحصى تارة وفي الطين تارة حتى يرى أثره على جبهته وأنفه وقال ابن عمر كانت الكلاب تقبل وتدبر وتبول في المسجد ولم يكونوا يرشون شيئا من ذلك رواه البخاري ولم يقل وتبول وهو عند أبي داود بإسناد صحيح بهذه الزيادة.
إغاثة اللهفان (ص 149).
3. المنع من الصلاة على السجاد لمن رأى استحباب ذلك وسنيته، ورأى كراهة الصلاة على غيرها، واتخذ السجادة شعاراً.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
وإذا كان كذلك فإذا لم يكن عالماً بالنجاسة: صحَّت صلاته باطناً وظاهراً، فلا حاجة به حينئذ عن السؤال عن أشياء إن أبديت ساءته قد عفا الله عنها، وهؤلاء قد يبلغ الحال بأحدهم إلى أن يكره الصلاة إلا على سجادة، بل قد جعل الصلاة على غيرها محرماً فيمتنع منه امتناعه من المحرم، وهذا فيه مشابهة لأهل الكتاب الذين كانوا لا يصلون إلا في مساجدهم، فإن الذي لا يصلِّي إلا على ما يصنع للصلاة من المفارش شبيه بالذي لا يصلِّي إلا فيما يصنع للصلاة من الأماكن.
¥