تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهي وقفة مع طرق التعلم. ما هي طرق التعلم المجدية والمفيدة وما هي الطرق التي سلكها أهل العلم في التعلم والتعليم واستفادوا منها وأفادوا. هذه القضية أيها الأحباب على أنها قضية بدهية إلا أننا نحتاج أن نقف معها وقفة يسيرة.

أهل العلم عليهم رحمة الله عليهم ألفوا كتباً كثيرة في علوم شتى وهذه الكتب التي ألفوها وصنفوها ليست على منهج واحد ولا طريقة واحدة. وإنما نجدها متفاوتة، متفاوتة من حيث الطول والاختصار والبسط، فمنها المختصر ومنها المتوسط ومنها المطول. وهي كذلك من حيث الاستدلال، متفاوتة، فبعضها يعتني كثيراً بالاستدلال وبعضها آخذ بشيء من الاستدلال لكن يعتني به بشكل مفصل وموسع. وبعضها مجرد عن الدليل. كل ذلك فعله أهل العلم الكبار فعلوه لهدف وغاية مقصودة ما عملت هذه الكتب ولا ألفت هذه الكتب بهذه الطريقة عبث، وإنما ألفت بهذا التدرج وبهذه الطريقة من كونها مستويات متفاوتة مختصرة ومطولة ومتوسطة ألفت لغرض مقصود، ما هو هذا الغرض؟ هذا الغرض هو أن يدرس كل طالب بحسب المرحلة التي هو فيها. فإذا كان مبتدأ فيقرأ في المختصرات، ثم بعد ذلك ينتقل إلى المتوسطات، ثم بعد ذلك إلى الكتب المطولة، ولا يبدأ بالكتب المطولة، فإن بدئه بالكتب المطولة سيؤدي إلى عدم الفهم والوقوع في الملل والانقطاع عن الطلب، لأن الإنسان لا يستطيع أن يستوعب المعلومات الكثيرة من أول دراسة وقراءة وهذا أمر بدهي لا يحتاج إلى تدليل ولا إلى تعليل.

ولهذا كلنا يعلم أن الموفق عليه رحمة والله وغير الموفق، الكتب كثيرة جداً، لكن الموفق من أشهرها ... ألف الكتاب المختصر وهو عمدة الفقه ثم المقنع، أوسع منه قليلا، ثم الكافي وهذا بسط فيه الخلاف في المذهب، ثم بعد ذلك ألف الكتاب الرابع وهو كتاب المغني الذي ذكر فيه الخلاف العالي بين الفقهاء جميعاً بين المذاهب، ذكر المذاهب الأخرى إلى غير ذلك

إذاً ... ألفوا هذا وعملوا هذا لهدف وغاية ولم يؤلفوا ذلك عبثاً

أيها الأحباب ...

لذلك ينبغي للطالب أن يبدأ في دراسة أي علم بكتاب مختصر، ثم بعد ذلك، ننبه إلى أمر آخر، هذا المختصر الذي يبدأ فيه لا ينبغي أن يتحول في طريقة الشرح من كتاب مختصر إلى كتاب مطول. كيف ذلك؟ يأتي المصنف ويذكر مجموعة من الأحكام الفقهية في باب معين ويقتصر عليها، فيأتي الشارح ويضيف على هذا الباب لم يذكرها الشارح ويفصل ويسهب في توسعات وتفصيلات كثيرة قد تؤثر على فهم الطالب. القضية كلها تدور حول مصلحة الطالب وقدرة إدراكه وفهمه وتحصيله، هذا هو الهدف وهذه هي الغاية.

وأنا حقيقة يمكن أن أحيلكم ولا أقرأ عليكم شيء من كلام الأئمة. أحيلكم إلى كتاب المدخل لابن بدران عليه رحمة الله، ذكر في آخر كتابه معلومات مهمة ومفيدة في قضية الطلب وفي طريقة التحصيل، ويمكن أيضاً أن أذكر شيئاً يسيراً.

يقول عليه رحمة الله تحت باب لطائف وقواعد ... قال: اعلم أن كثيراً من الناس يقضون السنين الطوال في تعلم العلم بل في علم واحد ولا يحصلون منه على طائل وربما قضوا أعمارهم فيه ولم يرتقوا عن درجة المبتدأين.

لماذا؟ لأي شيء يحصل هذا الأمر؟

قال رحمه الله: وإنما يكون ذلك لأحد أمرين.

ما هو الأول؟

قال أحدهما عدم الذكاء الفطري وانتفاء الإدراك التصوري وهذا لا كلام لنا فيه ولا في علاجه.

إذاً، السبب الأول في أن الطالب يمكث السنين الطويلة يطلب العلم ويحضر الدروس ويحضر دورات ويحضر عند مشايخ ويسمع وكذا ثم لا يجد أنه تأصل ولا حصل ما يوازي هذا الجهد وهذا الوقت وهذا العمر الذي أفناه وصرفه في تعلم العلم.

ما هو السبب؟

السبب الأول هو أمر مرده ورجوعه إلى الفطرة، يقول: عدم الذكاء الفطري، ما عنده قدرة عقليه، يعني مستواه في الإدراك ليس بقوي، فالبتالي لا يستطيع أن يستوعب المسائل. هذا ليس له علاج، هذا علاجه بيد الله سبحانه وتعالى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير