تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثاني، السبب الثاني، قال الثاني الجهل بطرق التعليم، وهذا قد وقع فيه غالب المعلمين، فتراهم يأتي إليهم الطالب المبتدئ ليتعلم النحو مثلا فيشغلونه بالكلام على البسملة ثم على الحمدلة أياماً بل شهوراً، ليوهموه سعة مداركهم وغزارة علمهم ثم إذا قُدِّرَ له الخلاص من ذلك، أخذوا يلقنونه متناً أو شرحاً بحواشيه وحواشي حواشيه ويحشرون له خلاف العلماء ويشغلونه بكلام الرد على القائل وما أجيب به على الرد ولا يزالون يضربون له على ذلك الوتر حتى يتركز في ذهنه أنَّ نوال هذا العلم من قبيل الصعب الذي لا يصل إليه إلا من أوتي الولاية وحضر مجلس القرب والاختصاص.

يعني يصبح هذا العلم في ظن هذا الطالب الذي درس بهذه الطريقة يظن أن هذا العلم لا يؤتى إلا بالكرامة. يحتاج إلى كرامة تحصل له حتى يحصل هذا العلم.

ما هو السبب؟ العلم يناله كل أحد. والله سبحانه وتعالى يسر العلم ويسر القرآن “ {فهل من مدكر}

وحيث إن كتابي هذا مدخل لعلم الفقه، أحببت أن أذكر من النصائح ما يتعلق بذلك العلم، فأقول: [ذكر عدة نصائح]

النصيحة الأولى: فأقول: لا جرم أن النصيحة كالفرض وخصوصاً على العلماء، [النصيحة لطالب العلم فريضة واجبة]، وخصوصاً على العلماء، [لا يترك طلاب العلم يتخبطون ويخبطون خبط عشواء وتضيع أوقاتهم سدا وهدر لا يستفيدون] قال: فالواجب الديني على المعلم إذا أراد إقراء المبتدأين أن يقرئهم أولا كتاب أخصر المختصرات أو العمدة للشيخ منصور متناً إن كان حنبلياً [والشيخ ابن بدران عندما يذكر هذا على سبيل المثال ولا يقال بأنه يجب أن يبدأ بأخصر المختصرات أو بالعمدة أو بغيرها لكن المقصود أن يبدأ بمتن مختصر كهذه المختصرات، هذا أو غيره مما هو في مرتبته وفي درجته] قال: أو الغاية لأبي شجاع إن كان شافعياً أو العشماوية إن كان مالكياً أو غير ذلك ..... ، [يعني يختار كتاب في مذهب من المذاهب التي يختارها وهذا الاختيار قد يكون له سبب، قد يكون سببه وترشيحه واختياره بسبب البلد الذي فيها والنشأة التي نشأها، بمعنى لو كان الإنسان يعيش في بلد كله حنابلة فلا أظن أنه من المناسب ولا أقول هذا أنه يجب عليه شرعاً وإنما أقول قد لا يكون من المناسب أن يدرس مذهب آخر خلاف المذهب السائد في هذا البلد وكذلك لو كان في بلد يحل فيه المذهب الشافعي أو المالكي أو الحنبلي أو كذا، فلعل المناسب أن يتفقه الإنسان على المذهب الذي نشأ فيه أو الذي انتشر في بلده وهو لن يقف عند المذهب، هنا أنبه إلى قضية التفريق بين التقليد والتمذهب والتعصب، وهذه الثلاثة مختلفة. أما التقليد، فالله سبحانه وتعالى أرشد من لا يعلم قال:{فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} ”، وأما التمذهب أن يدرس مذهباً كاملا من أوله إلى آخره وهذا يكون الأول، والثاني في حق غير العالم المجتهد، هذا يكون في البداية. فطريق المبتدأ ما هو؟ طريق المبتدأ التقليد، ليس له إلا التقليد، والتقليد قد يكون تقليد لمذهب وقد يكون لشيخ وقد يكون تقليد لفتوى واحدة، لكن لن يكون لطالب العلم المبتدأ قدرة على الاجتهاد من البداية، هذا ضرب من المستحيل، ومن ظن أنه يستطيع أن يفعل ذلك، فهو يتوهم خيالاً وليست حقيقة، لكن إذا طلب العلم في الابتداء سيكون مقلد، ثم بعد ذلك يطلب العلم ويحصل علوما أخرى كثيرة، لا يكفي الفقه فقط، هناك علوم كثيرة لا بد من تقسيمها واتقانها، فإذا حصل هذه العلوم ارتقى إلى درجة يستطيع أن يرجح بين كلام أهل العلم وقد لا يصل إلى هذه المرتبة، هذه المنزلة عالية ينالها من شرَّفَه الله واختار له هذه الفضيلة، لكن هذا هو الطريق، من أراد أن يصل إلى هذه المرتبة لا بد أن يسلك الطريق من أوله، ولا بد أن يأتي البيوت من أبوابها ولا نقول أنه يجب على الناس أن يتمذهبوا بمذهب معين وأن يلتزموه التزام الكتاب والسنة لا يخرجوا عنه، هذا الكلام غير صحيح، لكن في نفس الوقت لا نقول: إن دين الله تبارك وتعالى ينبغي أن يكون عبثاً وكلأ مباحاً يجرؤ عليه كل أحد، هذا أيضاً لا يجوز، فإن الله أرشد غير العالم وأرشد الجاهل إلى سؤال أهل العلم ولم يرشده إلى أن يرجعوا إلى الكتاب والسنة ويجتهدوا كما يريدون وأن يعبثوا كما يشاؤون لأن الله كلام الرجل في الفن الذي لا يحسنه لا شك أنه ضرب من الفساد ولا شك أنه جهل ولا شك أنه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير