انقضى الليلُ إلا قليله، وبينما الزوجُ على هذا الحال إذ سَمِعَ أنّة ً ضعيفة ً ما لبثت أن انقطعت ثم أرخى سَمعَهُ وأصَاخَ جيداً فإذا بالصوتِ يتكررُ، أخذ يتلفتُ من حوله عَلّهُ يجدُ طفلاً نائماً أو شخصاً قريباً من خيمته فلم يجد!!
توجه إلى الجثة بخطوات متثاقلة، فكانت مشاعره خليطاً بين الخوف والحزن والرجاء فأزاحَ الكَفَنَ عن وجهِ زوجتهِ ووضعَ يدهُ على عُنُقِهَا يَجُسُّ نَبضَها وقد كان على يقين بأنها قد فارقت الحياة
وبينما هو على هذا الحال إذ سمع أنّة ً ضعيفة ً كسابقاتها أوقفت الدماءُ في عروقِه فأخذ ينادي زوجته باسمها وهي تُجِيبُهُ بِهَمهَمَةٍ لا تكاد تُبين
لم يصدق الزوج ما سمعه ولم يتمالك نفسه فصرخ صرخة ًعظيمة ً شقَّت صدرَ الليل الكئيب الحزين وأخذ يُقَبِلُ جبينها ودمُوعُه تُبَلل وجهها فيمسح ذلك الوجه الطاهر برحمة ٍ وشفقة ٍ وود
انتشر الخبر سريعاً فتجمعَ أهلُ الزوجةِ في بيتها والتفّوا حولها حتى طلعت الشمس فلم يظهر عليهم نهارٌ أجمل من هذا النهار كيف لا وقد دَبت الروحُ في جسد تلك المرأة كما تدُب الحياةُ في غصنٍ يابس ٍفيُورِقُ ويَخضَرّ
كانت هذه المرأة تتصفح الوجوهَ َ من حولها فترى العيون وقد فاضت بالدموع فتنظر إليهم ذاهلة مستغربة حتى أشفقت أمُها عليها فقصَّت عليها خبرها
وبعد أن انتهت الأم من حديثها سكتت الزوجة ثم نظرت إلى الجميع وقالت: أهذا ما حدث لي؟؟!!
اسمعوا إذن ما سأقولُهُ وماذا رأيت!
لمّا سقطتُ على الأرض ِمغشياً علي رأيت كما يرى النائم ُأني أسيرُ في أرضٍ ٍ جرداء شديدة الحرارة وقد بلغ بي العطش مبلغاً عظيماً فبحثت عن ماءٍ فلم أجد فبقيت أسير لا أَلوِي على شيء حتى وصلتُ إلى مكانٍ ما فوجدت ُ ثلاث قِرَبٍ يحرسها كلبٌ ينبح فنظرت إليها فوجدتها ملآ ففتحت القربة الأولى لأشرب فإذا هي قد مُلِئَت دماً فتركتها فقلت أفتح الثانية فوجدتها قد مُلِئَت فرثاً فتركتها ففتحت الثالثة فوجدتها قد ملئت صديداً وقيحا فكرهتها وعافتها نفسي ثم نظرت إلى يميني فوجدت قربة صغيرة قد عُلقت على شجرة فذهبت إليها وفتحتها فإذا بمائها عذبٌ باردٌ زلال فشربت حتى رويت فوجدت بجانبها امرأة تلفّعَت بالسواد، سلمت عليها فردت السلام فقصصت عليها ما حدث معي مع القِرب ثم طلبت منها تفسيراً لما حدث
فقالت تلك المرأة: حسنا سأخبرك
تلك القِرَبُ التي ترين هي قِرَبُ زوجك الذي كان يمنع الناس من الماء وذلك الكلب هو عمله القبيح وتلك القربة الصغيرة هي قربة لك صنعتها في الحياة الدنيا فكنتِ تطلبين وجه الله ورضاه فوجدتها اليوم والله لا يضيع أجر من أحسن عملا
فما انتهت الزوجة من حديثها حتى رأت الدموع وقد فاضت من المآقي وكان أشدهم بكاء زوجها فكانت سببا في نجاته بإذن الله
لا أعلم ما الذي حدث لهذه المرأة بالضبط لكني أعلم أن الله يقول (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)
ـ[البحر الوافر]ــــــــ[04 - 10 - 2008, 03:29 م]ـ
فعلا إنها قصة مؤثرة والعبرة لمن يعتبر
بوركت أخي الكريم
ـ[أبوالشمقمق]ــــــــ[12 - 10 - 2008, 02:35 م]ـ
فعلا إنها قصة مؤثرة والعبرة لمن يعتبر
بوركت أخي الكريم
أهلا بأخي البحر الوافر
أسعدني حضورك
أسأل الله لك التوفيق والسداد