تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الشوق المنتظر]

ـ[سعد حمدان الغامدي]ــــــــ[15 - 12 - 2008, 01:14 م]ـ

هذا شذًا من رِياضِ الشّوقِ أسْكرني = أذاقني مِنْ لِباسِ البُؤْسِ والنِّعَمِ

إذْ خلت أني سأحيا لا أذوقُ هوى = ولن أُذِيْبَ مِنَ الأشواقِ بعضَ دَمِي

ولن أُجَرّعَ كأسَ الشّوقِ مُهْلِكة = ولن أحرِّق في نَهْرِ الدّموعِ فَمِي

مرّت دُهُورٌ عِجافٌ ما بها رَمَقٌ = خلت من الحبِّ والأشواق والنَّغَمِ

إِذْ كنتُ فيها أنامُ الليلَ أجمعَهُ = وكنتُ فيها أخافُ النّجْمَ في الظُّلَمِ

وكَمْ رأيتُ من العشاقِ لهفتَهُمْ = وكم سمعتُ، وكم عانيتُ مِنْ سَأَمِ

وكمْ تمنّيتُ أنّ الحُبَّ يحرقُني = وكم تضرّعتُ أنّ الشوقَ مُغْتَنمِي

لكنّهُ زَمَنٌ من هَوْلِ فاقَتِهِ = يدافع السُّحْبَ أنْ تنْدَى على الأَكَمِ

أفنى من النّفْسِ أحلامًا بها طَرِبتْ = لم يُبْقِ شيئاً سوى الأشواكِ في قَدَمِي

يمضي الزمانُ وأُسْقى مِنْ نِكايتِهِ = طويتُ نفسي على كِبْدِي من الأَلَمِ

يا أيّها الزّمَنُ الآتي أَتحملُني = فضلاً إلى الفجر أم أمضي إلى العَدَمِ

تبسّمَ الزّمنُ القاسي وأخبرني: = بأنّ للقلبِ شوقاً خُطَّ بالقَلَمِ

وأَنّني من غبائي سوف أَشْكُرُهُ = وأنّني من شقائي فُزْتُ بالنّدَمِ

دار الزمانُ وإني لا أُصدّقُهُ = لكنّ نفسي من الآمالِ في حُلُمِ

لم يكذبِ الزمنُ الماضي وأَسْلمني = إلى شذًا من رياض الشوق والنّسَمِ

ما أحْسنَ الحبَّ حتّى لو غدا تَلَفًا = ما أرْوَعَ الشّوقَ إِذْ يغْشاكَ بالحِمَمِ

فأيُّ حُبٍّ سرى في القلبِ ينْخُرهُ = وأيُّ شَوْقٍ سرَى في العَظْمِ بالسَّقَمِ

ليلى فإنّك شوقُ القلبِ يرقبُهُ = من أَلْفِ عامٍ وما يَخْشى مِنَ الهَرَمِ

ترينه الآن في حالٍ مروّعةٍ = يُعانِقُ النّجْمَ إِنْ يَصْحُ .. وإِنْ يَنَمِ

مشتّتَ النّفْسِ ملهوفًا ومهترئًا = كمَنْ يُمزّقُهُ نِسْرٌ على العَلَمِ

ـ[محمد الجهالين]ــــــــ[15 - 12 - 2008, 10:19 م]ـ

رفقا بنا أيها الغامدي

جمال شعرك يستعصي على النقد السريع

ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[16 - 12 - 2008, 04:01 ص]ـ

قصيدة جميلة وغاية في الروعة أخي سعد، ولكن اسمح لي أن أشير إلى بعض الأمور، بدت لي حين قرأت القصيدة.

-

هذا شذًا من رِياضِ الشّوقِ أسْكرني ... أذاقني مِنْ لِباسِ البُؤْسِ والنِّعَمِ

قلت في بداية البيت " هذا " فكنت أنتظر أن تقول " وذا " حتى أني علقت الكلام إلى البيت الخامس وأنا أنتظر أن تأتي ولم أجد، وعليه فإنني أراك استعجلت في وصف ما أصابك، وانتقلت بنا مباشرة من الكلام عن الذي أسكرك إلى النتيجة التي أُوصلت إليها، وقد يكون هذا الانتقال المباشر أفقد إعمال الذهن لدى القارئ في وصف ما سيصيبك، فأتت النتيجة مباشرة.

وإن كنت أرى لها مخرجا وهي أن نقول:

إن من شدة ما أصاب الشاعر لم يملك أن يفصل لنا، فحالته النفسية التي هو فيها وقتها لم تساعده.

ثم إني أرى أن الفعل " أذاق " عند سماعه يتبادر إلى الذهن أول ما يتبادر أنه متعلق بالعذاب فقط، ونتذكر للوهلة الأولى الآية الكريمة: " فأذاقهم الله لباس الخوف والجوع ... "، غير أنك ذكرت " البؤس والنعم ".

وجميل ما أراه في الشطر الثاني " أذاقني مِنْ لِباسِ البُؤْسِ " فإني أراك قد استوحيت الصورة من الآية.

-

إِذْ كنتُ فيها أنامُ الليلَ أجمعَهُ ... وكنتُ فيها أخافُ النّجْمَ في الظُّلَمِ

ولِمَ تخاف النجم والله جعله دليلا يهتدي به المسافر؟ - بالإضافة لكونه زينة للسماء وكون النجوم رجوما للشياطين -.

-

وكمْ تمنّيتُ أنّ الحُبَّ يحرقُني ... وكم تضرّعتُ أنّ الشوقَ مُغْتَنمِي

ألا يتعارض هذا البيت مع البيت الثاني؟! الذي تقول فيه:

إذْ خلت أني سأحيا لا أذوقُ هوى ... ولن أُذِيْبَ مِنَ الأشواقِ بعضَ دَمِي

-

لكنّهُ زَمَنٌ من هَوْلِ فاقَتِهِ ... يدافع السُّحْبَ أنْ تنْدَى على الأَكَمِ

ما أجمل هذه الصورة وأروعها.

تقبل مروري ولك تحيتي.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير