تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[في السوق - قصة قصيرة خارج المسابقة]

ـ[ضاد]ــــــــ[08 - 11 - 2008, 03:07 م]ـ

أمسك الصغير بيد أبيه بقوة وهي تقوده عبر السوق المزدحم وقد بدا له كأنه يقتحم به أدغالا وبدت الأرجل والسيقان كأنها جذوع أشجار تمشي يمنة ويسرة. كان خائفا من أن تدوسه إحدى الأرجل أو يصطدم بإحدى السيقان, ولم يكن يبدد خوفه قليلا إلا مرأى صغير مثله يمسك بيد والده, فيسعدان لترائيهما, فهو يعزيهما عما هما فيه, فيتبادلان ابتسامة سرعان ما تختفي بين السيقان. كم كان يتمنى لو يحمله أبوه على كتفه كما كان يفعل دائما, لولا أن تلك السلة بشماله لم تترك له مكانا على الكتف. وكم كان يتمنى لو كان كبيرا مثل أخيه كي يرى ذلك العالم من فوق رأسه. كان يتمنى ويتمنى ويغرق في التمني, فلم يرده إلى ما هو فيه إلا وقوف أبيه عند أحد الباعة وارتفاع صوتيهما. طال الوقوف, فأخذ يجول ناظريه فيما حوله بحثا عما يسليه غير السيقان, فتسمرت عيناه عند منظر عجيب بمحاذاة محل البائع, منظر اضطر أن ينخفض بعينيه كي يراه لا أن يرفع رأسه مثل كل مرة: كان أمامه متسول يفترش كيسا متهرئا وعليه ثياب ليست بأحسن حالا وقد تناثرت حوله بعض المليمات, غير أن معظمها كان في علبة طماطم صدئة. كان منظر الفقر والانكسار عجيبا في عيني الطفل, فظل ينظر إلى المتسول ويحاول أن يقارنه بما حوته ذاكرته من أشكال الناس. قارن ثيابه بثيابه ولون بشرته بلون بشرته, ولكن أكثر ما تعجب منه كان تلك النظرة المنكسرة الحزينة الذليلة؛ لم ير الصغير لها مثيلا في أعين من يعرفهم؛ كلهم كانوا يبتسمون له ويقبلونه, ولكن تلك النظرة كانت تختلف كثيرا. وبكل الحيرة امتدت يده لتمسك بسروال أبيه وتهزه وقال: "بابا لماذا هذا هكذا؟ " فلم يجبه أبوه الذي كان منشغلا عنه بجدال البائع. فكرر المحاولة, فقال له ناهرا: "ليس هذا وقتك, انتظر قليلا! " فصمت وعيناه تراقبان المتسول بكل فضول. وبينما هما كذلك إذ رأى ساقيْن تنثنيان أمام المتسول وتبرز يد ممسكة ببعض المال فترميه أمامه. تعجب الصغير من ذلك. إذن فهذا الشخص يجمع النقود! ولكنه لا يملك شيئا ليعطيه. فالنقود لا يعطيها أبوه إلا أخاه الكبير, أما هو فلا يطلب إلا الحلوى والألعاب. فكر الصغير قليلا, ثم امتدت يده إلى سلة أبيه وجالت فيها واستخرجت تفاحة وأخفتها بامتداد جسمه. في تلك اللحظة كان أبوه قد أنهى جداله مع البائع وأخذ السلة بعد أن وضع فيها شيئا ما وانطلق ليواصل جولته في السوق. كان الصغير بيمين الأب وكان المتسول عن شماله, فلما مرا أمام المتسول أدار الصغير يده اليمنى الممسكة بالتفاحة خلف ظهره وألقى بها إلى المتسول الذي تعجب من ذلك ورفع رأسه تجاه الصغير وابتسم ابتسامة سرعان ما اختفت بين السيقان.

ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[08 - 11 - 2008, 06:04 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كان خائفا من أن تدوسه إحدى الأرجل أو يصطدم بإحدى السيقان

اظنها سيقان قوم يأجوج ومأجوج:)

فأخذ يجول ناظريه فيما حوله بحثا عما يسليه غير السيقان,

هنا تناقض واضح بين هذه الجملة وبين الجملة السابقة " كان خائفاً من أن تدوسه ... الخ "

إن كان خائفا منها فهي لا تسليه ...

غير أن معظمها كان في طست صدئ

الطست عادة لا يكون من معدن يصدأ كالحديد، فلذلك الطست لا يصدأ، والسبب في عدم كونه من معدن كالحديد وهو ان الطست عادة ما يستخدم لحمل الأشياء فلو كان الطست حديدا لأصبح الطست ثقيلا ...

وذكر ابن منظور في لسان العرب باب طست:

الطَّسْتُ: من آنية الصُّفْر، أُنثى، وقد تُذَكَّر. الجوهري: الطَّسْتُ الطَّسُّ، بلغة طَيِّئ، أُبدل

من إِحدى السينين تاء للاستثقال، فإِذا جَمَعْتَ أَو صَغَّرْتَ، رددتَ السين، لأَنك فصَلْتَ

بينهما بأَلف أَو ياء، فقلت: طِساسٌ، وطُسَيْسٌ.

"بابا لماذا هذا هكذا؟ "

لو قال " أبي " لكان أفضل.

إذ رأى ساقيْن تنثيان أمام المتسول

أظن النون في " تنثنيان " سقطت سهوا

أعجبني كثيرا قولك:

بيد أبيه بقوة وهي تقوده عبر السوق المزدحم

وبكل الحيرة امتدت يده لتمسك بسروال أبيه

ثم امتدت يده إلى سلة أبيه وجالت فيها واستخرجت تفاحة وأخفتها بامتداد جسمه

والسبب انك جعلت الفعل للجسم لا للشخص

جميل جدا

القصة رائعة: واعذرني على تطاولي ...

ـ[ضاد]ــــــــ[09 - 11 - 2008, 02:48 م]ـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير