تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[القرية الغريبة (قصة قصيرة)]

ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[30 - 10 - 2008, 08:41 ص]ـ

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

هذه المشاركة كنت قد وضعتها في منتدى الأعضاء لكنّها لم تلقَ نصيباً من الملاحظات و التوجيهات النقدية , فجئت بها هنا علّها تجد مكاناً رحباً في صدوركم , و حبراً سيّالاً من أقلامكم .... سلمت أناملكم

القرية الغريبة

في ذلك الزمن الغابر الذي عثى عليه الدهر قروناً تلو قرون فأكل عليه و شرب حتى ارتوى و شبع , كانت هنالك قرية أهلها غريبو الأطوار , كانوا يعيشون في الليل و ينامون في النهار , بل لم يكونوا يعرفون النهار أصلاً , فموازين الحياة عندهم مقلوبة , هكذا اعتادوا , فكانت حياتهم ظلام في ظلام , , أجمل أيامهم هي أيام منتصف الشهر حين يكتمل القمر و تنجلي الغيوم عن السماء , أما باقي الأيام فكانت الرؤية عندهم شبه منحسرة إلا من ضوء القمر الخافت , بل قد تنحسر الرؤية تماماً في الأجواء الغائمة.

و في أحد الأيام مرّ بتلك القرية زائر غريب من قرية أخرى , وكان وصوله عندهم وقت الضحى فقرر أن يستريح في تلك القرية بضعة أيام ثم يكمل طريقه , فاتجه فور وصوله إلى السوق فهو مكان تجمع الناس عادةً , لكنه لم يرَ أحداً هناك بل وجد السوق خالياً تماماً و المحلات مقفلة , فانتظر قليلاً فلم يخرج أحد , فلم يملك بداً من الانتظار , فاستلقى و نام حتى أوشكت الشمس على المغيب , و بعد غروب الشمس بدأ الناس يخرجون واحداً تلو الآخر و بدأ السوق يعج بالسكان و أخذت الأصوات تعلو شيئاً فشيئاً , فاستيقظ الزائر و استغرب من أهل تلك القرية فهم يمارسون حياتهم اليومية و يبيعون و يشترون في هذا الظلام الدامس , فاتجه إلى مجموعة منهم و سألهم عن سرّ حياتهم الغريبة , فلم يلقَ جواباً غير العجب و الاستغراب من هذا السؤال , فهم لا يرون أن في حياتهم سراً أو غرابة , فأخبرهم أن الناس ينامون في الليل و يكدحون في النهار و ووضح لهم طريقة الحياة الاعتيادية و أنّ الناس كلهم يعيشون في النهار و ينامون في الليل , فبدت علامات الدهشة و العجب على وجوههم , و استغربوا مما سمعوا فأصروا على عدم النوم في ذلك اليوم , و جلسوا ينتظرون حتى كادوا ييأسون من الانتظار و أخذ بعضهم يشكك في صحة كلامه و البعض الآخر يتذمر و يستنكر , و ما هي إلا ساعات محدودة حتى بدأ النور يشع في أعالي السماء و بدأت الشمس تشرق على استحياء , فاندهشوا مما رأوا و عجبوا من ذلك.

و ما إن مضت بضع أيام حتى عادت الحياة إلى طبيعتها في تلك القرية , و تكيف أهلها مع هذه الطبيعة بل فرحوا أيما فرح بذلك الضوء و بهذه الحياة , فقد أبصروا النور أخيراً.

طلبوا من الرجل البقاء معهم , و ألحوا عليه في الطلب حتى وافق على طلبهم , أحب أهل القرية ذلك الرجل و أكنّوا له الاحترام و التقدير , بل أصبح مسموع الكلمة من قبلهم , فالتفوا حوله و أخذوا يتّبعون رأيه و يصدقون قوله حتى صار من وجهاء تلك القرية.

و مع مرور الوقت و انقضاء الزمن أخذ ت الغيرة تسري في عروق بعض أهل تلك القرية , و هكذا طبيعة البشر , و بدأ الحقد على ذلك الرجل من بعض الوجهاء في تلك القرية , بل ارتدى بعضهم عباءة الكبرياء و الغرور , فحاولوا التخلص من ذلك الرجل و دبروا له المؤامرات و كادوا المكائد , لكنّ محاولاتهم ذهبت أدراج الرياح فكانت هباءً منثورا.

مضت السنون و توفي ذلك الرجل و توفي أهل القرية , و مضت الأزمنة و العصور فتوالت الأجيال تلو الأجيال في تلك القرية , لكنّ قصة ذلك الرجل لم تنمحِ من أذهانهم فتوارثوها جيلاً جيلا.

و في أحد الأجيال ظهر جماعة من المفسدين الذين لا خلاق لهم في الدنيا و لا في الآخرة , فكرروا فعلة أجدادهم و حاولوا محي صورة ذلك الرجل من أذهان أهل القرية جميعهم , فما استطاعوا , فحاولوا غرس كرهه في صدورهم فخابوا و فشلوا.

ولم ييأس أولئك الشرذمة من الناس فحاولوا تشويه صورته و إبدالها بصورة سلبية في أذهان الناس , فاستهزؤا به و رسموه في أقبح منظر , و صوروه بأسوأ صورة , لكنهم خسئوا و الله و خابوا , فلن يصلوا إليه بجمعهم و لن يطفئوا نوره برسوماتهم فحبه باقٍ إلى الأبد , و سيظل ينمو و ينمو في أفئدتنا حتى يوم الدين.

(رسمتَ) محمداً فأجبتُ عنه=و عند الله في ذاك الجزاء

(أترسُمه) و لستَ له بكفءٍ=فشركما لخيركما الفداء

فإن أبي و والده و عرضي=لعرض محمد منكم فداء

ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[30 - 10 - 2008, 12:22 م]ـ

سأعود لتعليق على ذلك ....

ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[31 - 10 - 2008, 08:34 ص]ـ

السلام عليكم ...

جميل ماسطرته أخي الكريم ...

قال تعالى: ((ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون))

مقدمة تمهيدية رائعة للقصة

, فعلا ً تحتاج الى القراءة بعمق والتمعن بـ مابين السطور ,.

وكلماتك أيضا اضافت التشويق

وعنصر التشويق مهم جدا في القص حيث طرحت معنى الحق والباطل بمعنى الليل والنهار .. بأسلوب بلاغي رائع ...

وكذلك عنصر الحركة: وهو مضمون القصه واحداثها وموضوعها وشخصياتها

مضمون القصه أي ما تحتوي من اهداف والهدف كان واضح وهو الدفاع عن النبي محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم ... ورسمه بصوره جميله مهما عبث الماكرون من عصره الى عصرنا

ارتوى و شبع ___ ارتوى وامتلاء

الأيام فكانت الرؤية عندهم شبه منحسرة إلا من ضوء القمر الخافت

أحسنت وابدعت

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير