تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[وا أماه (نزف قلم: محمد سنجر)]

ـ[محمد سنجر]ــــــــ[09 - 12 - 2008, 10:22 ص]ـ

صعدت الجسر رغما عني،

خوف سيطر على أوصالي،

تذكرت ما قالوه لي عن خطر السقوط نتيجة التدافع فوق الجسر،

وجدتني أسير غصبا عني وسط الجموع،

تتدافع أمواج الآلاف من البشر من خلفي،

مجرد التفكير في التوقف درب من دروب الخيال،

أحسست و كأنني محمولا، قدماي بالكاد تلامس الأرض،

أنقلهما بسرعة مخافة اعتراض هذه الحركة التوافقية للجموع من ورائي،

فجأة علق نعلي،

عندها سقط قلبي بين أقدامي،

تذكرت لحظتها نصيحة أخي الأكبر،

إذا حدث هذا لا قدر الله فانزع قدمك بسرعة و إلا وقعت أرضا،

و ساعتها قل على نفسك يا رحمن يا رحيم،

أفلت قدمي كالصاروخ من بين فكي الموت،

نجوت بحمد الله من الكارثة حافيا،

حاولت السيطرة على نفسي و التماسك مرة أخرى،

عندما اقتربنا من منتصف الجسر ازداد التدافع قوة،

وجدت الناس تتقاتل للهرب بعيدا عن حافة الجسر مخافة التردي،

كلما لفظ التدافع أحدهم ناحية أسوار الجسر يستميت للهرب من مجرد تخيل السقوط،

عدوى هلع استشرت بين الجموع،

حاولت جاهدا التخفيف من روعهم،

حاولت تذكيرهم بهذه الروحانيات التي تعبق المكان من حولنا،

حاولت تذكيرهم بنبي الرحمة (صلى الله عليه و سلم)،

حاولت تذكيرهم بوصيته بتوادهم و تراحمهم،

حاولت و حاولت و لا حياة لمن تنادي،

ازداد التدافع شراسة،

فجأة وجدتني مدفوعا تجاه هوة بين الناس،

فراغ من البشر يحاول الجميع الهرب بعيدا عنه،

تخيلت للوهلة الأولى أنه ناتج عن حجر أو صندوق تحكم كهربي يعترض الطريق، أو ربما هوة حدثت بالجسر،

فجأة بدأت الغشاوة تزول أمام عيني،

يا للهول،

امرأة؟؟؟؟؟

لا لا لا غير معقول،

إنما هو كابوس، نعم كابوس،

تضرعت إلى الله أن يكون كابوسا،

لا حول و لا قوة إلا بالله،

هل هي حقيقة؟

امرأة سقطت بين الأقدام؟

يبدو أنها بالفعل حقيقة،

نعم أرى امرأة هناك، فركت عيني جيدا،

و الله إنها الحقيقة المخزية،

امرأة في عقدها السابع سقطت تدوسها الأقدام،

يا للهول،

وجدت المسكينة ممددة أرضا، عبثا تحاول النهوض و لا فائدة،

حاولت إحداهن مساعدتها، و بمجرد أن انحنت تحاول ايقافها،

فإذا بالجموع من خلفها يدفعونها رغما عنهم،

و إذا بالمسكينة هي الأخرى تسقط بين الأقدام،

صرخت بأعلى صوتي)

: يا عالم حرام عليكم،

أرجوكم لا تتدافعوا.

(و لا حياة لمن تنادي)

: هناك أناس يموتون نتيجة هذا التدافع،

أرجوكم، يا عالم، يا هو.

(ضاعت صرخاتي أدراج الرياح)

: أستحلفكم بالله، استحلفكم باللطيف الحليم، أستحلفكم بالرحمن الرحيم.

(حاولت جاهدا الابتعاد عنهما، حاولت و حاولت و لا فائدة)

: من لا يرحم لا يرحم، الراحمون يرحمهم الرحمن.

(وجدتني مشدودا إليهما رغما عني)

: ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.

(وجدت عينيها بعيني،

وجدتهما عينا أمي عليها رحمة الله،

أخذت تستعطفني، تصرخ من خلال نظراتها)

ـ أنقذني يا بني.

(فاضت الدموع من عيني، أغرقت الكون من حولي)

ـ صدقيني لا أستطيع يا أمي، و الله الذي لا إله إلا هو لا أستطيع،

لا أستطيع،

إنما تدفعني الجموع من خلفي رغما عني.

ـ أرجوك يا بني، بالله عليك، استحلفك بالله.

ـ يا أمي لو حاولت ـ مجرد المحاولة ـ لسقطت كهذه المسكينة بجوارك.

ـ حاول يا بني، بالله عليك.

ـ و الله لا أستطيع يا أمي، لا أستطيع،

(أخذت المسكينة تصرخ و تصرخ تحاول النهوض و لا فائدة،

وجدتهما تختفيان تحت الأقدام،

حاولت أن أهرب بعيني من نظراتهما،

دفعتني الجموع تجاههما،

حاولت و حاولت و لا فائدة،

أحسست بأقدامهن الرخوة تحت أقدامي،

أخذت أبكي و أصرخ)

: سامحيني يا أمااااااااااااه،

اعذريني يا أماااااااااااااااااااااااااااه،

أرجوك سامحيني يااااااااااااااااااا أمي.

(صم أذني صوت تكسر عظامهما الهشة تحت أقدامي الحافية القذرة،

دارت الدنيا من حولي،

كلما حاولت تذكر ما حدث بعدها،

ترتد أبواب الذاكرة، تعتصرني بين مصراعيها بقوة،

أجدني أجهش بالبكاء حتى أفقد الوعي ثانية)

ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[09 - 12 - 2008, 04:03 م]ـ

موهبة قصصية واضحة، وصف مؤلم بارع، هو حقاً مايحدث للأسف، وكان المؤثر أكثر نظرات الأم، وصف المشاعر ورصدها وحديث النفس أشعرني وكأني صاحبة الحدث

هناك بعض الهنات النحوية واللغوية: أحسست و كأنني محمولا، محمول

(حاولت تذكيرهم بهذه الروحانيات التي تعبق المكان من حولنا،

حاولت تذكيرهم بنبي الرحمة (صلى الله عليه و سلم)،

حاولت تذكيرهم بوصيته بتوادهم و تراحمهم)

فعل ذكَّر يتعدى بمفعولين دون حاجة لحرف الجر الباء

(ذكرتهم هذه الروحانيات - نبي ـ وصيته)

(وجدتهما عينا أمي) عيني: مفعول به ثاني

(أحسست بأقدامهن) بأقدامهما

وفقت في وصف التدافع الذي وجهك إليهما مجبراً (ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم)

تسلسل فكري وسلاسة في المداد تجعلنا نقرأ حتى النهاية دون توقف

سرد رائع وحوار النفس أروع يرصد المشاعر المتضاربة، وفقت في الحبكة والخاتمة رغم أن القصة تعبر عن موقف معين بزمن قصير ومكان واحد.

الجمل قصيرة متقطعة تدل على المفاجآت التي تعرض لها الكاتب ولكن، ماسبب هذه الطريقة في الكتابة (أنصاف أسطر؟)

ولماذا هذا الحقد على التنوين والهمزات؟؟:) لست أقصدك وحدك أخي فالكثيرون يختصرونهما وكأنهما مهملان، رغم أهميتهما اللغوية كحروف.

هذا ما استطاع قلمي المتواضع الوصول إليه ولعل لإخوتي الفصحاء آراء أخرى لم أذكرها

واعذر تطفلي

بوركت أخي وفقك الله

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير