بدأت لحظات اللقاء بالفارس المغمور تقترب ... وأزف الموعد على الحضور ... فاستعد كل منهم ... وأخذ للقاء عدته ... قدم الفارس ...
وصل الفارس ... والتقت العيون ... فبدا كما قالوا ... أو أقل ... أو أدني ... وبدت هي كالقمر المضيء في جملة الكواكب ... وكالنجم المشع في زمرة النجوم ...
تحدث بكبرياء لا يتلاءم مع شخصيته ... وجلس جلسة لو كانت لغيرة لكانت أرحم به منه ...
كانت مصغية بذهول ... وتراءت لها الصور التي نقلت عنه ... رفعت رأسها ... ورمقته ببصر أتعبه الكلام ... وأعياه الشوق ... وأضناه الحنين ... فبدت عيناه فاترة في سويدائها ذهول وحيرة وحيلة ...
هزتها نظرته ... وأذهلتها صلابته ... وأتعبتها كلماته ...
صحت من مشاعرها ... وقامت من أحاسيسها ... وتلازم واقعها ... وأدركتها غصة شديدة ... وحشرجت مؤلمة ... مما فاجأها ...
عضت على شفتيها ... وأحست بارتعاش في أطرافها ... نظرت بطرف خجول ... ولم تقل شيئا ... غير أنها تمتمت بجمل يسيرة خرجت بصوت واهٍ يتقطع ألما من القدر الكئيب ...
خرج من عندها يجر أذيال الخيبة ... فالتمست له المعاذير ... وأصبحت كما لو كانت طليقة من سجن القهر ... ومحررة من قيود الظلم ... ومطلقة من أغلال الحرية ... وأسر الحياة القاسية ... فما كرهت شيئا ككرها هذا الحلم الملطخ بالتناقضات ...
أرسلت دمعة انسابت على خدها في دلال يصحبه كبرياء الأنثى الطموح ... ومال الألم على جسمها الطري فكسا مفاتنها جمالا وبهاء كبهاء الصبح في إشراقة يوم قشيع.
غاب فغابت الكآبة عنها ... ورحل فعادت البسمة إلى شفتيها ... وتوارى فتوارى معه الألم ... وابتعد فعادت الأيام الجميلة ... وسرى عن حياتها فأظلتها الغيوم ... وذرف الدمع قطرات النشوة والابتسامة ... غاب فرست الأماني على شواطئ الأمل في حياتها ...
تركها فغرق في لجة الدمع ... وهام في طريق العزلة ... وضاع في درب الوحشة ... أضاعها فلم يجد نفسه ولا روحه ... تبخرت أمانيه ... وجفت أحلامه ... وذبل ورده ... وأحس باختناق فتلاعبت به الضنون ... ورمته في متاهات الكآبة والحزن ... أحلامه الوردية أصبحت رهينة في ألم البعد ولوعة الفراق ... وأصبحت في نظره كالوردة اليانعة وسط غابة من الأشواك ... الوردة تستحق العناء والمخاطرة ... والشوك لا يترك سبيلا للوصال ...
كانت فكان ... وصار الحلم يحكي واقعا مريرا ... وينكأ جرحا أتعبته السنون ... ولسان حالها: أيها الحلم العابر .... لا تبق لي أنين الأماني ... وزفرات اللوعة ... وهمس الأحلام ... فقد منحتك القلب والروح والجسد ... وآليت أن أعيش موفورة الجناب ... واثقة النفس .... ولو بالخيال العابر ... ... ودمتم
الأديب بدر
ـ[أم أسامة]ــــــــ[10 - 10 - 2008, 01:15 ص]ـ
أيها الأديب بدر ..
قراءة سريعة لما سكبه مدادك من روائع ..
أجد قصة رائعة بحق جمعت معنى رائع،ودافئ، ولغة راقية،وتلاعب جميل بفنون البديع المعنوية، واللفظية يدل على قدرة فائقة،وملكة متدفقة ساحرة ... ،وقدرة متجلية على محاكاة الواقع ..
وأنعتاق جميل من ربقة المحاكاة والتقليد وإبداع في سرد القصة ...
ـ[طاوي ثلاث]ــــــــ[10 - 10 - 2008, 01:27 ص]ـ
تحية طيبة يا بدر، تقبل هذه الكلمات من أخ لا يفرق بين القصة و المقالة (و ما يزيد الطين بلة فاضي و لم يجد غير قصتك يتسلى بالتعليق عليها).
أولاً: استخدام القدر في القصة و بخاصة العنوان في غير محله، فلا قدرين و إنما قدر كلنا يؤمن به و لا تتأول (و هذا ما جذبني إلى قصتك، فأنا لا أعرف كوعي من بوعي في القصة)
و الزواج للمتطلع إليه حلم جميل لا قدر محتوم.
ثانياً: عاشت جوهرتك صراع داخلي مداره كيف تتقبل مغادرة حاضرها الجميل و كيف تكون حياتها بعد، ثم نتفاجأ بها تقبل بهذا الزوج رغم أن ما حولها و هم في الأصل مصدر سعادتها يعترضون على هذا الخاطب، تقول (كان يظن أن الكلام أقوى من الحب) متى حصل هذا الحب، فقط لأنها (كانت تتوقع أن يزيدها من بوح العشق ... ويذكي جذوتها الحنونة ... ويعزف ألحان الغزل ليبدأ معها لحن الغرام ... توقعت أن يعطف عليها ليرويها من فيض أحاسيسه الذائبة بروعة جمالها ...
توقعت أن يخلص لها الحب ... وأن يمنحها الود ... ويهبها المحبة ... فقد انتظرته كما تنتظر الصحراء قطرات المطر.) كيف نوفق بين هذا التوقع و بين رفض المحيطين بها و خوفها من المجهول. ثم الأسرة تقبل بهذا القرار بكل هذه السهولة.
ثالثاً: نجدها تكتشف عيوبه من خلال جلسة واحدة أليس الحب أعمى و عين الرضا عن كل عيب كليلة.
(ومال الألم على جسمها الطري فكسا مفاتنها جمالا وبهاء كبهاء الصبح في إشراقة يوم قشيع.
غاب فغابت الكآبة عنها ... ورحل فعادت البسمة إلى شفتيها ... وتوارى فتوارى معه الألم ... وابتعد فعادت الأيام الجميلة) كأن فيه تناقض في أثر الألم عليها، و إن كان الألم لا يكسو المتألم جمالاً أبداً.
مشاعر فارس الأحلام جملة معترضة في قصتك، نهاية القصة غير مقنعة، كأحادث القصة. (فقد منحتك القلب والروح والجسد ... وآليت أن أعيش موفورة الجناب ... واثقة النفس .... ولو بالخيال العابر) " ما معنى آليت؟ " لا حظ أن الحديث للحلم.
سلبيات القصة (تفتقر إلى الحبكة، تفتقرإلى أحداث متناسقه نفسياً و عقلياً، حشو القصة بكم من الجمل الشاعرية مما جعل القصة أطول مما هي، الربط بين الفقرات ضعيف)
إيجابيات القصة: (اللغة متوافقة تماماً مع موضوع القصة، الصور منتقاه بعناية، في القصة ضرورة التفريق بين الحلم و الواقع، و التأكيد على أهمية الاستشارة)
في النهاية القصة لا تزال في عقلك و لم تكتب بعد.
ما رأيك ألا أبدو كناقد حقيقي.
دمت في حفظ الله و رعايته
¥