تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مراتب المدود عند ابن الجزري]

ـ[أبو الحسين باوزير]ــــــــ[29 Oct 2008, 11:22 ص]ـ

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:

فيقول الإمام الحافظ محمد بن الجزري ـ رحمه الله تعالى رحمة واسعة ـ في كتابه الشهير النشر في القراءات العشر:

والمنضبط من ذلك غالباً هو القصر المحض والمد المشبع من غير إفراط عرفاً. والتوسط بين ذلك. وهذه المراتب تجري في المنفصل، ويجري منها في المتصل الاثنان الأخيران وهما الإشباع والتوسط، يستوي في معرفة ذلك أكثر الناس ويشترك في ضبطه غالبهم وتحكم المشافهة حقيقته ويبين الأداء كيفيّته، ولا يكاد تخفى معرفته على أحد وهو الذي استقر عليه رأي المحققين من أئمتنا قديماً وحديثاً وهو الذي اعتمده الإمام أبو بكر بن مجاهد وأبو القاسم الطرسوسي وصاحبه أبو الطاهر ابن خلف وبه كان يأخذ الإمام أبو القاسم الشاطبي. ولذلك لم يذكر في قصيدته في الضربين تفاوتاً ولا نبه عليه بل جعل ذلك مما تحكمه المشافهة في الأداء، وبه أيضاً كان يأخذ الأستاذ أبو الجود غياث بن فارس وهو اختيار الأستاذ المحقق أبي عبد الله محمد بن القاصع الدمشقي وقال هذا الذي ينبغي أن يؤخذ به ولا يكاد يتحقق غيره. (قلت) ــ أي ابن الجزري ــ وهو الذي أميل إليه وآخذ به غالباً وأعول عليه، فآخذ في المنفصل بالقصر المحض لابن كثير وأبي جعفر من غير خلاف عنهما عملاً بالنصوص الصريحة والروايات الصحيحة ولقالون بالخلاف من طريقيه وكذلك ليعقوب من روايتيه جمعاً بين الطرق ولأبي عمرو إذا أدغم الإدغام الكبير عملا بنصوص من تقدم وأجرى الخلاف عنه مع الإظهار لثبوته نصاً وأداءً، وكذلك أخذ بالخلاف عن حفص من طريق عمرو بن الصباح عنه كما تقدم، وكذا آخذ بالخلاف عن هشام من طريق الحلواني جمعاً بين طريقي المشارقة والمغاربة واعتماداً على ثبوت القصر عنه من طريق العراقيين قاطبة 0 وأما الأصبهاني عن ورش فإنني آخذ له بالخلاف كقالون لثبوت الوجهين جميعاً عنه نصاً عمن ذكرنا من الأئمة وإن كان القصر اشهر عنه إلا أن من عادتنا الجمع بين ما ثبت وصح من طرقنا لا نتخطاه ولا نخلطه بسواه، ثم إني آخذ في الضربين بالمد المشبع من غير إفراط لحمزة وورش من طريق الأزرق على السواء وكذا في رواية ابن ذكوان من طريق الأخفش عنه كما قدمنا من مذهب العراقيين، وآخذ له من الطريق المذكور أيضاً ومن غيرها ولسائر القراء ممن مد المنفصل بالتوسط في المرتبتين وبه آخذ أيضاً في المتصل لأصحاب القصر قاطبة، هذا الذي أجنح إليه وأعتمد غالباً عليه مع أني لا أمنع الأخذ بتفاوت المراتب ولا أرده، كيف وقد قرأتُ به على عامة شيوخي وصح عندي نصّاً وأداءً عمن قدمته من الأئمة. ا هـ النشر المجلد الأول ص333ــ334 دار الكتب العلمية.

يتضح من كلام ابن الجزري ــ رحمة الله تعالى عليه ــ أنّ مراتب المدود عنده ثلاثة، وهي: القصر والتوسط والإشباع، وإن كان هو يقول بالتفاوت في المدود، إلا أنّ كلامه يوحي إلى أنّ المدود عنده ثلاثة وكلامه واضح في ذلك وهو (وهو الذي استقر عليه رأي المحققين من أئمتنا قديماً وحديثا) و (وهو الذي أميل إليه وآخذ به غالباً وأعول عليه) و (هذا الذي أجنح إليه وأعتمد غالباً عليه).

فإذا كان الأمر كذلك هل يصح أن يقرأ المرء رواية حفص عن عاصم أداءً بجميع طرقه من الطيبة بهذه المراتب الثلاث وترك ما عداها.

جزا الله الجميع خير الجزاء.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير