تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[ما سبب الاختلاف في رسم بعض الكلمات؟]

ـ[أحمد شكري]ــــــــ[13 May 2009, 05:34 م]ـ

من المعلوم لدينا أن المصحف لما كتب زمن عثمان رضي الله عنه كتبت ألفاظه بوجه واحد سوى ما فيه قراءتان ولا يحتمل الرسم أن يقرأ بهما فكتب برسمين كما في ألفاظ (سارعوا، ووصى، بما كسبت، ولا يخاف) ومما يدل عليه الرواية المشهورة أن اللجنة اختارت في لفظ (التابوت) بعد الاختلاف في كيفية كتابته أن يكتب بالتاء المفتوحة وهذا يدل على عدم حصول اختلاف في سائر اللفاظ وأنها كتبت بوجه واحد، وعن هذه المصاحف أخذت المصاحف المكتوبة لاحقا، وعنها نقل علماء الرسم في كتبهم، إلا أن هذه الكتب لم تتفق على وصف رسم عدد من الكلمات، ومن الأمثلة عليها:

- لفظ (صراط) اختلف في إثبات ألفه وحذفها، وذكر أبو داود الوجهين واختار الحذف وعليه عمل المشارقة، والعمل على مذهب الداني بإثباتها.

- (أن لو) في الجن:16 نص أبو داود على وصله وعليه عمل المشارقة، ونص الداني على قطعه وعليه عمل المغاربة.

- ورد في لفظ (وسقياها) في الشمس:13 ثلاثة مذاهب: إثبات الألف، وحذفها، وبالياء.

فما سبب حصول هذا الاختلاف بينهم مع أن ما يصفونه في الأصل شيء واحد؟ فهذه الكلمات وغيرها مثبتة في مصاحف عثمان بأحد هذه الأوجه فمن أين جاءت الأوجه الأخرى؟

ـ[د. أنمار]ــــــــ[14 May 2009, 07:51 م]ـ

طبعا هي مواضع معدودة حصل فيها الخلاف.

سمعت بعض المحققين يذكر في مثل ذلك بأن سببه الجزم بتعميم ما ورد في كتابة لفظة ما إلا في موضع كذا وكذا. فينقل عن صاحب الكتاب الوهم في الاستثناء.

فهنا ينبغي الرجوع للأتقن والأوثق والناقل للتفصيل بالتخصيص دون المعمم

ـ[أحمد شكري]ــــــــ[18 May 2009, 08:48 ص]ـ

جزاك الله خيرا د. أنمار على هذه المشاركة الكريمة.

وقد تبين لي من خلال مراجعة كتب الرسم وما ينقله علماء الرسم من أوجه في كتابة ألفاظ أن هذا الاحتمال هو أحد أسباب الاختلاف في نقل كيفية كتابة ألفاظ لا خلاف فيها بين القراء.

ومن الأسباب: احتمال حصول الاختلاف بين المصاحف العثمانية في كتابة هذه الألفاظ، وإن كان النص في الرواية صريحا على لسان عثمان وهو يوجه اللجنة إلى كيفية الكتابة: " إذا اختلفتم أنتم وزيد في شيء فاكتبوه بلسان قريش"، وهذا الجزء من الرواية يفتح لنا آفاق التفكر والتأمل في كيفية سير عمل اللجنة في الكتابة، وهل كانوا يجتمعون معا ليكتبوا ويتباحثوا في كل لفظ وهذا يطيل أمد الكتابة كثيرا ويؤخر الإنجاز، أو كان كل واحد منهم يستقل بجزء كسورة مثلا أو نسخة فيكتب كما يعلم ويعرضه على الآخرين أو على بعضهم، وقد ذكره الباقلاني على أنه من أسباب اختلاف الرسم فقال: "كان كل منهم يكتب كما يعرف"، وورد في الرواية نفسها أنهم اختلفوا في لفظ (التابوت) فكان رأي زيد أن يكتب بالتاء المربوطة، وكان رأي البقية أن يكتب بالتاء المفتوحة، ولما كان هذا اللفظ يكتب عند القرشيين بالتاء المفتوحة كتب كذلك في المصحف، وقد يفسر هذا الكلام لنا سبب ورود اللفظ الواحد برسم مختلف، كما في مبحث المقطوع والموصول ومبحث هاءات التأنيث، ولفظ (الصلوة) المضاف إلى الضمير، وغيرها.

وقد يثور تساؤل بسبب النص على هذه الكلمة وهو: لماذا رفعوا اختلافهم في لفظ (التابوت) فقط إلى عثمان؟ وهل هو الاختلاف الوحيد الذي حصل بينهم؟ وهل هذا يعني اتفاقهم على فتح التاءات المفتوحة وربط التاءات المربوطة، وقطع ما قطع من كلمات ووصل ما وصل منها؟ ولعل الذي حصل أنهم بعد أن اختلفوا في لفظ (التابوت) وهم ما يزالون في بداية العمل، ورفعوا أمر الاختلاف إلى عثمان، لم يكتف عثمان بإجابتهم عن هذا الموضع فقط، وإنما أكد لهم ما سبق أن وجههم إليه وهو الكتابة وفق طريقة قريش، ولذا فإن افتراض حصول اختلاف بينهم بعد ذلك يتم حله فورا بالرجوع إلى تلك القاعدة.

فإن قيل: إن هذا الجواب لا يفسر لنا وجود ألفاظ كتبت بأكثر من هيئة كالتاءات ونحوها، يقال في رده: وصولها مكتوبة إلينا بهذه الهيئات يدل على اتفاقهم على كتابتها كذلك، ولعل طريقة قريش في الكتابة في ذلك الوقت كانت تجيز الوجهين فيها.

ومما يمكن أن يدعم ويقوي هذا الاحتمال ما حصل بين علماء الرسم من اختلاف منسوب إلى المصاحف القديمة، فقد يكون في نسبتهم هذه خطأ، وقد تكون المصاحف القديمة مختلفة فعلا في ألفاظ عديدة، ولو أمكننا الاطلاع على أحد هذه المصاحف أو أكثر لأمكن الجزم بإثبات هذا الاحتمال أو نفيه، إلا أن جميع المصاحف المكتوبة زمن عثمان فقدت مع الزمن، ونسبة الاطمئنان إلى دقة نقل المصاحف المأخوذة عنها متفاوتة، وكذلك الكتب التي تصفها، وما ورد في بعض كتب الرسم أو القراءات من ذكر هذه المصاحف ووجودها أو الاطلاع عليها من قبل مؤلفي هذه الكتب لا يكفي لتكوين صورة كاملة عنها، فمعظم هذه النصوص تصف جزئيات دقيقة أو كلمات محددة.

ومن ذلك ما حدث أبو عبيد قال: "في الإمام مصحف عثمان رضي الله عنه: (ولا تحين مناص) [ص:3] التاء متصلة بحين"، وعلق عليه أبو عمرو الداني بقوله: "ولم نجد ذلك كذلك في شيء من مصاحف أهل الأمصار، وقد رد ما حكاه أبو عبيد غير واحد من علمائنا إذ عدموا وجود ذلك في شيء من المصاحف القديمة وغيرها".

ومنه ما أورده الداني عن أبي حفص الخزاز ويحيى بن الحارث أن لفظ (لننظر) [يونس:14] رسم بنون واحدة في الإمام، وعلق عليه بقوله: "ولم نجد ذلك كذلك في شيء من المصاحف".

وفي عبارات أبي داود ما ينسب اختلاف الرسم إلى الصحابة، مثل قوله: "واختلفت المصاحف في قوله: (ولم تجدوا كاتبا) [البقرة:283] فكتبه الصحابة بألف وبغير ألف"، والعبارة غير صريحة في نسبة اختلاف الرسم إلى مصحف عثمان أو إلى مصاحف كتبت بعده زمن الصحابة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير