[دراسة نقدية حول الأحرف السبعة ج1]
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[16 Nov 2008, 03:48 م]ـ
دراسة نقدية حول الأحرف السبعة
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد:
فلقد ظن التراث الإسلامي وعلى رأسه القرّاء أن الأحرف السبعة التي أنزل عليها القرآن هي لهجات العرب المأذون بقراءة القرآن بها للرعيل الأول الذي لا يستطيع العدول عن لسانه الذي تربى عليه وهو تصور يحتاج على نقاش ومراجعة.
وإنما سأناقش في هذا البحث أربع مسائل تتعلق بحديث إنزال القرآن على سبعة أحرف:
أولاها إجماعهم على تأويلهم دلالة الأحرف السبعة
وثانيها إجماع القراء والمفسرين على ما حسبوه سبب ورود الحديث
وثالثها مناقشة روايات الحديث
ورابعها نقض الإجماع المذكور.
المسألة الأولى:
إن المصنفين من طرق الرواة كالداني في جامع البيان (1/ 107) قد أوّلوا الأحرف السبعة التي أنزل عليها القرآن بأحد وجهين:
1. بأوجه اللغات بقوله ? ومن الناس من يعبد الله على حرف ? الحج 11 أي على وجه النعمة والسراء.
2. بالقراءات من باب تسمية الشيء باسم بعضه.
وعلق ابن الجزري في النشر (1/ 24) على مذهب الداني المذكور بقوله " وكلا الأمرين محتمل إلا أن الأول محتمل احتمالا قويا في قوله ? "سبعة أحرف" أي سبعة أوجه وأنحاء، والثاني محتمل احتمالا قويا في قول عمر رضي الله عنه في الحديث: "سمعت هشاما يقرأ سورة الفرقان على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله ? أي على قراءات كثيرة ... " اهـ محل الغرض منه.
ولقد أجمع المصنفون من طرق الرواة على مسألتين:
1. أن ليس المقصود بالأحرف السبعة جواز قراءة كل كلمة من القرآن بسبعة أوجه
2. وأن ليس المقصود بالأحرف السبعة القراءات السبع التي جمعها ابن مجاهد في سبعته في القرن الرابع الهجري
وتخلص المصنفون من طرق الرواة ومن المفسرين من الإشكالية بتأويل دلالة الأحرف السبعة على أنها لغات رغم اختلافهم في تعيينها فمنهم من يقول هي لغة قريش وهذيل وثقيف وهوازن وكنانة وتميم واليمن.
ولقد المحقق ابن الجزري في رد هذا التفسير بقوله (1/ 24) "وهذه الأقوال مدخولة فإن عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم اختلفا في قراءة سورة الفرقان كما ثبت في الصحيح وكلاهما قرشيان من لغة واحدة وقبيلة واحدة " اهـ بلفظه
ويلاحظ أن ابن الجزري قد اعتبر القول المدخول حسب وصفه وعدّه أولا ضمن تأويله دلالة الأحرف السبعة قال (1/ 26):" ولا زلت أستشكل هذا الحديث وأفكر فيه وأمعن النظر من نيف وثلاثين سنة حتى فتح الله عليّ بما يمكن أن يكون صوابا إن شاء الله وذلك أني تتبعت القراءات صحيحها وشاذها وضعيفها ومنكرها فإذا هو يرجع اختلافها إلى سبعة أوجه من الاختلاف لا يخرج عنها وذلك:
1. إما في الحركات بلا تغير في المعنى والصورة نحو ? البخل ? بأربعة
و? يحسب ? بوجهين.
2. أو بتغير في المعنى فقط نحو ? فتلقى آدم من ربه كلمات ? ? وادكر بعد أمة ? و ? أمه ?
3. وإما في الحروف بتغير المعنى لا الصورة نحو ? تبلوا ? و ? تتلوا ? و ? ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك ? و ? ننحيك ببدنك ?
4. أو عكس ذلك نحو ? بصطة ? و ? بسطة ? و ? الصراط ? و ? السراط ?
5. أو بتغيرهما نحو ? أشد منكم ? و ? ومنهم ? و ? يأتل ? و ? يتأل ? و ? فامضوا إلى ذكر الله ?
6. وإما في التقديم والتأخير نحو ? فيقتلون ويقتلون ? ? وجاءت سكرة الحق بالموت ?
7. أو في الزيادة والنقصان نحو ? وأوصى ? ? ووصى ? ? والذكر والأنثى ?
فهذه سبعة أوجه لا يخرج الاختلاف عنها وأما نحو اختلاف الإظهار والإدغام والروم والإشمام والتفخيم والترقيق والمد والقصر والإمالة والفتح والتحقيق والتسهيل والإبدال والنقل مما يعبر عنه بالأصول فهذا ليس من الاختلاف الذي يتنوع فيه اللفظ والمعنى لأن هذه الصفات المتنوعة في أدائه لا تخرجه عن يكون لفظا واحدا ولئن فرض فيكون من الأول " اهـ بلفظه
وهنالك أربعة أقوال عن المتقدمين في تأويل دلالة الأحرف السبعة هي:
1. أنها معاني الأحكام كالحلال والحرام والمتشابه والأمثال والإنشاء والإخبار.
2. أنها الناسخ والمنسوخ والخاص والعام والمجمل والمبين والمفسر
3. أنها الأمر والنهي والطلب والدعاء والخبر والاستخبار والزجر
¥