["أن لايطوف بهما" هل ثبتت هذه القراءة]
ـ[خالد السهلي]ــــــــ[10 May 2009, 10:31 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل ثبتت أنها في مصحف ابن مسعود رضي الله عنه
وفي مصحف أبيّ
وأن ابن عباس قرأ بها
وأنس بن مالك
رضي الله عنهم أجمعين
ومن من التابعين عمل بها
ننتظر إفادة إخواننا مشايخنا
ـ[خالد السهلي]ــــــــ[11 May 2009, 11:54 م]ـ
لازلنا ننتظر المحتسبين
ـ[أبو عمار المليباري]ــــــــ[05 Sep 2010, 11:21 م]ـ
نعم هذه القراءة منسوبة إلى هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم، وهي مروية في مظانها بأسانيد، منها ما هي متصلة ومنها ما هي منقطعة.
أما فيما يتعلق بوجود هذه القراءة مكتوبة في مصحف ابن مسعود فقد روى الإمام الطبري في تفسيره بإسناد صحيح: (حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا ابن جريج قال، قال عطاء: لو أن حاجًّا أفاضَ بعدما رمى جمرة العقبة، فطاف بالبيت ولم يَسع، فأصابها -يعني: امرأته- لم يكن عليه شيء، لا حجٌّ ولا عمرة، من أجل قول الله في مصحف ابن مسعود: "فمن حج البيت أو اعتمر فلا جُناح عليه أن لا يَطوَّف بهما" ... ).
وأما أن ابن عباس قرأ بها، فقد روى الطبري بإسناد صحيح: (حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال أخبرنا عبد الملك عن عطاء، عن ابن عباس أنه كان يقرأ: "إن الصفا والمروة منْ شعائر الله" الآية ... "فلا جُناح عليه أنْ لا يَطوَّف بهما")، وقد رواه أيضاً ابن أبي داود في كتاب المصاحف [تحقيق الدكتور محب الدين واعظ] عن ابن عباس برقم (186) وما بعده، ورواه أيضاً الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن ص (290) طبعة دار ابن كثير، تحقيق مروان العطية وآخرين.
وأما مَن من التابعين عمل بها، فأرى أن القول يدل على العمل، فهو قول مجاهد وغيره من التابعين كما هو قول أنس وعبد الله بن الزبير من الصحابة حيث قالوا: إن الطواف بهما تطوع وليس فرضاً، وتجد التفاصيل في تفسير الطبري.
وأما إن كان المقصود بالعمل أن أحداً منهم قرأ بها أو لا؟ فالجواب: أن الإمام ابن أبي داود روى في كتاب المصاحف رقم (256): (حدثنا عبد الله حدثنا يوسف بن عبد الملك، حدثنا معمر، حدثنا عبد الوارث، عن حميد، عن مجاهد أنه كان يقرأ: "فلا جناح عليه ألا يطوَّفَ بهما").
وذكر المحقق أن في الإسناد من لا يعرفهم وهم: يوسف بن عبد الملك ومعمر، وكأنه يشير إلى جهالة الإسناد، والله أعلم.
وقد أنكر الإمام الطبري هذه القراءة فقال: (فإن اعتل بقراءة من قرأ: "فلا جُناح عليه أنْ لا يَطَّوف بهما"، قيل: ذلك خلافُ ما في مصاحف المسلمين، غيرُ جائز لأحد أن يزيد في مصاحفهم ما ليس فيها ... ).
ولكنه مع ذلك ذكر تخريجاً لهذه القراءة بإيراد احتمال، فقال: (وقد يحتمل قراءة من قرأ: "فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما" أن تكون "لا" التي مع "أن"، صلة في الكلام، إذ كان قد تقدمها جحد في الكلام قبلها، وهو قوله: (فلا جناح عليه)، فيكون نظير قول الله تعالى ذكره: (قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك) بمعنى ما منعك أن تسجد).
وأما كونها موجودة كذلك في مصحف أبي رضي الله عنه، فقد روى الإمام ابن أبي داود في كتاب "المصاحف" تحقيق الدكتور محب الدين واعظ رقم الأثر (162): (حدثنا عبد الله حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن زيد، نا حجاج، نا حماد قال: وجدت في مصحف أبي "فلا جناح عليه ألا يطوف بهما")، وهذا الإسناد فيه انقطاع كما ذكر المحقق؛ لأن حمادًا لم يسمع من أبي ولم يلقه.
الخلاصة: أن هذه قراءة شاذة مخالفة لخط المصحف حتى لو كانت مروية عن بعض الصحابة، لكون ذلك قبل جمع عثمان رضي الله عنه، وأما بعد الجمع العثماني فيبعد أن يصر هؤلاء الصحابة على القراءة بما خالفه.
وأما بخصوص ترجيح أحد القولين بهذه القراءة، فلا يصح لأنها مخالفة للقراءة الصحيحة المتواترة، والقاعدة تنص على أن معنى القراءة المتواترة أولى بالصواب من معنى القراءة الشاذة.
وقد قرر هذه القاعدة الشيخ الدكتور حسين الحربي في كتابه "قواعد الترجيح عند المفسرين" (1/ 104)، وذكر أن أئمة التفسير كالطبري اعتمد هذه القاعدة في الترجيح بين أقوال المفسرين، قال الطبري رحمه الله في تفسيره (16/ 507) تحقيق محمود شاكر طبعة مكتبة ابن تيمية: ( ... كان التأويل الذي على المعنى الذي عليه قرأة الأمصار أولى بالصواب مما خالفه، إذ كانت القراءة بما هم عليه مجمعون أحق بالصواب).