تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأنا العبد الضعيف لايمكنني الجزم بمذهبه مالم يصرح به في أحد كتبه , وببالغ الأسى تلاحق أذهاننا حادثة إحراق كتبه وفقدان معظمها ومن ضمنها كتبه في القراءات , وهذه فاجعة في حق العلم لضياع وجهة نظر خبير محقق في هذا المبحث كان من الممكن أن تحل إشكالا علميا قد طالت مدة الصراع حوله ...

بادئ ذي بدء أقول مذهب ابن حزم في معنى التواتر موافق لتعريف الجمهور القائم على اشتراط العدد –ولو من غير تعيين- برهانه:

ما قال في النبذة:" فأما القرآن فمنقول نقل الكواف والتواتر وأما السنة فمنها ما جاء متواترا ومنها خبر الآحاد العدل عن مثله وقد يقع فيه العدل عن العدلين وعن الثلاثة والثلاثة عن الواحد"

وقال في الإحكام:" لا كما يظنه أهل الجهل أنه ألف بعد موت النبي (ص) ولو كان ذلك ما كان القرآن منقولا نقل الكافة.

ولا خلاف بين المسلمين واليهود والنصارى والمجوس أنه منقول عن محمد"

فهل يذهب ابن حزم إلى أن مالم يتواتر لا يعتد به؟ أو أنه يرى أن القراءات السبعة كلها قد تواترت فرشا وأصولا-كما هو ظاهر كلامه-؟

أجدني أميل للرأي الثاني لقوله رحمه الله في الفصل: أما قولهم إننا مختلفون في قراءة كتابنا فبعضنا يزيد حروفاً وبعضنا يسقطها فليس هذا اختلافاً بل هو اتفاق منا صحيح لأن تلك الحروف وتلك القراآت كلها مبلغ بنقل الكواف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها نزلت كلها عليه فأي تلك القراآت قرأنا فهي صحيحة وهي محصورة كلها مضبوطة معلومة لا زيادة فيها ولا نقص فبطل التعلق بهذا الفصل ولله تعالى الحمد وأما قولهم أنه قد روى بأسانيد صحاح عن طائفة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن التابعين الذي نعظم ونأخذ ديننا عنهم أنهم قرأوا وفي القرآن قراآت لا نستحل نحن القراءة بها فهذا حق ونحن وإن بلغنا الغاية في تعظيم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضوان الله عليهم وتقربنا إلى الله عز وجل بمحبتهم فلسنا نبعد عنهم الوهم والخطأ ولا نقلدهم في شيء مما قالوه إنما نأخذ عنهم ما أخبرونا به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو عندهم بالمشاهدة والسماع لما ثبت من عدالتهم وثقتهم وصدقهم وأما عصمتهم من الخطأ فيما قالوه برأى وبظن فلا نقول بذلك ولو أنكم أنتم فعلتم كذلك بأحباركم وأساقفتكم الذين بينكم وبين الأنبياء عليهم السلام ما عنفناكم بل كنتم على صواب وهدى متبعين للحق المنزل مجانبين للخطاء المهمل لكن لم تفعلوا هكذا بل قلدتموهم في كل ما شرعوه لكم فهلكتم في الدنيا والآخرة وتلك القراآت التي ذكرتم إنما هي موقوفة على الصاحب أو التابع فهي ضرورة وهم من الصاحب والوهم لا يعري منه أحد بعد الأنبياء عليهم السلام أو وهم ممن دونه في ذلك وأما قولهم أن مصحف عبد الله بن مسعود خلاف مصحفنا فباطل وكذب وإفك مصحف عبد الله بن مسعود إنما فيه قراءته بلا شك وقراءته هي قراءة عاصم المشهورة عند جميع أهل الإسلام في شرق الدنيا وغربها نقرأ بها كما ذكرنا وبغيرها مما قد صح أنه كله منزل من عند الله تعالى فبطل تعلقهم بهذا والحمد لله رب العالمين وأما قولهم إن طائفة من علمائنا الذين أخذنا عنهم ديننا ذكروا أن عثمان بن عفان رضي الله عنه إذ كتب المصحف الذي جمع الناس عليه أسقط ستة أحرف من الأحرف المنزلة واقتصر على حرف منها فهو مما قلنا وهو ظن ظنه ذلك القائل أخطأ فيه وليس كما قال بل كل هذا باطل ببرهان كالشمس وهو أن عثمان رضي الله عنه لم يك إلا وجزيرة العرب كلها مملوءة بالمسلمين والمصاحف والمساجد والقراء يعلمون الصبيان والنساء وكل من دب وهب واليمن كلها وهي في أيامه مدن وقرى والبحرين كذلك وعمان كذلك وهي بلاد واسعة مدن وقرى وملكها عظيم ومكة والطايف والمدينة والشام كلها كذلك والجزيرة كذلك ومصر كلها كذلك والكوفة والبصرة كذلك في كل هذه البلاد من المصاحف والقراء ما لا يحصي عددهم إلا الله تعالى وحده فلو رام عثمان ما ذكروا ما قدر على ذلك أصلاً وأما قولهم أنه جمع الناس على مصحف فباطل ما كان يقدر على ذلك لما ذكرنا ولا ذهب عثمان قط إلى جمع الناس على مصحف كتبه إنما خشي رضي الله عنه أن يأتي فاسق يسعى في كيد الدين أو أن يهم وأهم من أهل الخير فيبدل شيئاً من المصحف يفعل ذلك عمداً وهذا وهماً فيكون اختلاف يؤدي إلى الضلال فكتب مصاحف مجتمعاً عليها وبعث إلى كل أفق مصحفاً لكي إن وهم واهم أو بدل مبدل رجع إلى المصحف المجتمع عليه فانكشف الحق وبطل الكيد والوهم فقط وأما قول من قال أبطل الأحرف الستة فقد كذب من قال ذلك ولو فعل عثمان ذلك أو أراده لخرج عن الإسلام ولما مطل ساعة بل الأحرف السبعة كلها عندنا قائمة كما كانت مثبوتة في القراآت المشهورة المأثورة والحمد لله رب العالمين "

وقال في الإحكام" والقراءات التي كانت على عهد رسول الله (ص) باقية كلها كما كانت، لم يسقط منها شئ، ولا يحل حظر شئ منها قل أو كثر.

قال الله تعالى: * (إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه) "

انتظر الإستفادة والتوجيه من المشايخ على احر من الجمر.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير