تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أبيه بذلك. خامسها: لا ينقضى والله عجبي ممن يسعه تصديق أبي هريرة في قوله: والله إن سمعت بـ"السكين" إلا يومئذ، وما كنا نقول إلا "المدية". وَيْ! كأن السكين أكثر دورانا في كلام العرب من المدية بكثير! وما أظن أحدا منهم يجهل معنى السكين بخلاف المدية، فإن أكثر العامة لا يعرفونها. وَيْ! كأن أبا هريرة لم يقرأ ولم يسمع قوله تعالى في سورة "يوسف"، وهي مكية: "وآتت كلَّ واحدة منهن سكينا". وكأنه لم يرو عن رسول الله صلى الله عليه وآله قوله: من جُعِل قاضيا بين الناس فقد ذبح بغير سكين" (ص64 - 66).

وواضح أن المؤلف يخلط هنا بين العصمة الخلقية والعقيدية والتبليغية التى لا يمكن أن تنفك عن الأنبياء وبين العصمة فى أمور الحياة التى تحتاج إلى خبرة والتى لا يحوزها كلها على وجهها الصحيح فى جميع الأحوال أحد من البشر. ألم يحدث أن اختار النبى فى غزوة بدر موضعا يتمركز فيه الجيش الإسلامى، ثم نبهه بعض الصحابة إلى أن ثَمّ منزلا أفضل منه من الناحية الحربية، فنزل النبى على الرأى الجديد دون أى حرج أو تأفف؟ ألم يأتنا عنه صلى الله عليه وسلم فى حادثة تأبير النحل: "أنتم أعلم بأمور دنياكم ألم يقل النبى ذاته عليه الصلاة والسلام عن نفسه وحكمه الشرعى: "إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إليَّ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، وأقضي له على نحو مما أسمع. فمن قضيتُ له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار"؟ فماذا يريد الموسوى أكثر من هذا كى يقتنع أن حكم الأنبياء يمكن أن يتأثر بالمُعْطَيَات التى تُبْسَط أمامهم؟ ألم ينزل القرآن العظيم بمعاتبة النبى عليه الصلاة السلام فى بعض المواقف؟ ألم يقل القرآن عن داود وسليمان: "وداود وسليمان إذ يحكمان فى الحرث إذ نَفَشَتْ فيه غنم القوم، وكنا لحكمهم شاهدين* ففهّمناها سليمان، وكُلاًّ آتينا حكما وعلما ... إن هاتين الآيتين لتذكراننى بالحديث الذى يقول فيه سيدنا رسول الله: "المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفى كلٍّ خير". وأحسب أن فى تلك الإيماءة ما يكفى لتوضيح ما أريد أن أقول. أما أن سليمان قد قضى بالطفل للصغيرة فلقد كان واضحا تمام الوضوح أنه ابنها بعدما رفضت شقه نصفين وأعلنت أنها تنزل عنه للكبرى، وإلا فلا عقل عند أحد ولا فهم إن فاتنا هذا الأمر فلم نر فيه ما رآه نبى الله سليمان. وعلى كل فإن الكبرى قد خرست بعدما أصدر سليمان عليه السلام حكمه ذاك ولم تفتح فمها بكلمة اعتراض أو مراجعة، وهو ما يدل دلالة قطعية على أن الولد إنما هو ابن الصغرى.

أما ما كتبه الموسوى تحت عنوان "خيالية ثالثة ترمى إلى عواقب شكر النعم وعواقب كفرها"، بما يعنى أنه يتهم أبا هريرة بتأليف القصص ا لخيالية ونسبتها زورا ومينا إلى النبى عليه السلام، فإنه ضلال وحمق وعناد بلغ الغاية فى السخف والرقاعة، وليس وراءه إلا الحقد والتعصب الأعمى. قال: "أخرج البخاري عن أبي هريرة مرفوعا قال: إن ثلاثة من بني إسرائيل: أبرص وأقرع وأعمى بدا لله عزوجل أن يبتليهم فبعث إليهم مَلَكًا، فأتى الأبرصَ فقال: أي شئ أَحَبُّ إليك؟ قال: لونٌ حسنٌ، وجلد حسن. قد قَذِرني الناس! قال: فمسحه فذهب عنه، فأُعْطِيَ لونا حسنا وجلدا حسنا. فقال: أي المال أحب إليك؟ قال: الابل. فأُعْطِىَ ناقة عُشَراء، فقال: يبارك لك فيها. وأتى الأقرعَ فقال: أي شئ أحب اليك؟ قال: شَعْرٌ حسنٌ، وقد قذرني الناس. قال: فمسحه فذهب، وأُعْطِيَ شعرا حسنا. قال: فأي المال أحب اليك؟ قال: البقر. فاعطاه بقرة حاملا وقال: يبارك لك فيها. وأتى الأعمى فقال: أي شئ أحب اليك؟ قال: يردّ الله إلىَّ بصري. قال: فمسحه، فردّ الله إليه بصره. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الغنم. فأعطاه الله شاة والدا. فأنتج هذان، وولد هذا، فكان لهذا واد من ابل، ولهذا واد من بقر، ولهذا واد من الغنم. ثم إنه أتى الأبرصَ في صورته وهيئته التي كان الأبرص أولا عليها فقال له: رجل مسكين تقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك. أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيرا أتبلّغ عليه في سفري،. فقال له: إن الحقوق كثيرة. فقال له: كأني أعرفك. ألم تكن أبرص يَقْذَرُك الناس فقيرا، فأعطاك الله؟ فقال: ورثتُ هذا كابرا عن كابر. فقال: إن كنتَ كاذبا فصَيَّرَك الله

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير