تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الله وجهه، أن يتولى الخلافة قبل أبى بكر وعمر وعثمان لكنت من المرحبين السعداء بذلك نفس الترحيب والسعادة اللذين أتقبل بهما تولى أبى بكر إياها قبل على. إنهم عندى جميعا متساوون، رضى الله عنهم جميعا. لكننى لا أرى تولّى أبى الحسنين الخلافة قبلهم أمرا لازما، ودَعْنا من وجوب استمرارها فى ذريته من بعده إلى يوم القيامة.

لقد كان طلحة بن عبيد الله مثلا يعرف لأبى هريرة فضله وعلمه ويقر بأنه كان لديه من العلم ما ليس لدى كثير من الصحابة لظروفه مع رسول الله وملازمته إياه، ولم يقع فى الرجل كما يفعل الموسوى بحنق ورعونة وتعصب كريه، ففى الجزء الثانى من "سير أعلام النبلاء" نجد رواية عن "ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبي أنس مالك بن أبي عامر، قال: جاء رجل إلى طلحة بن عبيد الله فقال: يا أبا محمد، أرأيت هذااليماني، يعني أبا هريرة؟ أهو أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم منكم؟ نسمع منه أشياء لا نسمعها منكم. أم هو يقول على رسول الله ما لم يقل؟ قال: أما أن يكون سمع ما لم نسمع فلا أشك. سأحدثك عن ذلك. إنا كنا أهل بيوتات وغنم وعمل. كنا نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار، وكان مسكينا ضيفا على باب رسول الله، يده مع يده، فلا نشك أنه سمع ما لم نسمع. ولا تجد أحدا فيه خير يقول على رسول الله ما لم يقل". فانظر كيف ينفى الصحابى الجليل أن يفكر أبو هريرة أو غيره من الصحابة فى الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكنت أتمنى أن يتعلم أمثال الموسوى من هذا الكلام النبيل، ولكن ليس كل ما يتمنى المرء يدركه!

لقد ذم الموسوى أبا هريرة أيضا بأنه كان مشايعا للأمويين (بالباطل طبعا، فالشيعة لا ترى فى الأمويين حقا ولا خيرا)، أفلو كان كذلك أكان يروى مثل الحديث التالى الذى يثنى فيه النبى على بعض أهل فارس، ونحن نعرف أن دولة الأمويين لم تكن ترتاح إلا إلى العرب ولا تقرّب سواهم، على عكس دولة بنى العباس، التى كانت تقرّب الفرس وتعتمد عليهم: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كان الدين عند الثريّا لذهب رجل من فارس أو أبناء فارس حتى يتناوله". كما تصفحت ما رواه له ابن حنبل فى مسنده فقرأت فيه مثلا ما يلى: "حدثنا محمد بن أبي عدي عن ابن عون عن عمير بن إسحاق، قال: كنت مع الحسن بن علي فلقِيَنا أبو هريرة فقال: أرني أُقَبِّل منك حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبِّل. قال: فقال بقميصه. قال: فقبَّل سرته". أما مروان بن الحكم فإليك، أيها القارئ، ما قاله أبو هريرة فى وجهه يبكّته على صنيع صنعه وهو يبنى داره، وهو متاح لمن يريده فى "مسند الإمام أحمد"، ومثله فى الصحيحين: "حدثنا محمد بن فضيل عن عمارة عن أبي زرعة، قال: دخلت مع أبي هريرة دار مروان بن الحكم فرأى فيها تصاوير وهي تبنى، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يقول الله عز وجل: ومَنْ أَظْلَمُ ممن ذهب يخلق خلقا كخلقي؟ فليخلقوا ذَرّة أو فليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة. ثم دعا بوضوء فتوضأ وغسل ذراعيه حتى جاوز المرفقين. فلما غسل رجليه جاوز الكعبين إلى الساقين فقلت: ما هذا؟ فقال: هذا مبلغ الحلية". إن الذين أساؤوا إلى الحسين وآله قبل غيرهم إنما هم الذين بتظاهرون بأنهم نصراء أهل البيت، فهؤلاء الذين دَعَوُا الحسين إلى العراق ومَنَّوْه الأمانى، وحين جاءت الفأس فى الرأس انفضوا عنه وتركوه لمصيره المأساوى. إننى لا أبرئ يزيد ورجاله مما اجترحته أيديهم فى حق سبط رسول الله رضى الله عنه، إلا أن الطامة الكبرى إنما أتت من قِبَل من خدعوا حسينا، إذ غرروا به وساقوه لنهايته التعيسة وهم يتظاهرون له بأنهم شيعته الذين يحبونه ويغارون على حقه فى خلافة المسلمين، وعندما جد الجِدّ هربوا وخَلَّوْا بينه وبين رجال الأمويين يصنعون به ما يشاؤون. ألا لعنة الله على من قتلوا ابن فاطمة الزهراء رضى الله عنه، وفصلوا رأسه عن جسده، وعلى من أمر بذلك أو رضى به. ولكنْ لعن الله قبل هذا من كان السبب فى أن انتهى أمر الكريم ابن الكريم تلك النهاية الشنعاء على يد جلاوزة الأمويين!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير