تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومعاوية؟ هذه حكمة الله، ولن تجد من مؤمن على حكمة الله اعتراضا!

ولا يستطيع الموسوى أن يطامن من بغضه للصِّدّيق فيورد ما فى بعض كتب الحديث من روايات منسوبة لأبى هريرة فى فضل أبى بكر تَذْكُر حلمه ومكانته العالية فى الجنة وغير ذلك إيراد المنكر المستنكر الحاقد (ص35). والواقع أن أبا بكر يستحق كل ما ذكرته كتب السنة الصحيحة من ثناء نبوى عليه، ومنها تبشيره بالجنة هو وبعض الصحابة الآخرين رغم أنف الموسوى وأشباهه ممن ضيقوا الإسلام ولا يريدون أن يبصروا فيه شيئا إلا عليا كرم الله وجهه. ومقطع الحق واليقين أنْ لو كان على حيا واطلع على هذه الضغائن من القوم لكان أول المتبرئين منها ومنهم، إذ لم يكن رضى الله عنه وأرضاه بهذا الضيق فى العطن، ولم يعرف قلبه يوما بغض أولئك انبلاء الأشراف. ذلك أنه إنسان كبير النفس والعقل، ومثله لا يمكن أن يسقط فى تلك الحمأة التى تلطخ عقل الموسوى وتطمس على قلبه وضميره. وسواء قال النبى الكريم الحديث التالى: "إن في السماء الدنيا ثمانين الف ملك يستغفرون لمن أحب أبا بكر وعمر، وفي السماء الثانية ثمانين ألف ملك يلعنون من أبغض أبا بكر وعمر" أو لا فإننا نؤمن أنه صحيح المعنى مجازا لأن الله ورسوله لا يمكن أن يرضيا أبدا بلعن الصديق والفاروق أو ببضغهما، وإلا فلا أمل فى أى شىء ولا معنى لأية قيمة كريمة مما يمثله هذان العملاقان من معانٍ إيمانية وخلقية رفيعة وحب لله ورسوله وإخلاص للإسلام يعزّ أن نجد له نظيرا. ومثله هذا الحديث أيضا: "هذا جبرئيل يخبرني عن الله: ما أَحَبَّ أبا بكر وعمر الا مؤمنٌ تقيٌّ، ولا أَبْغَضَهما إلا منافقٌ شقيّ" (ص37).

وفى ص38 يبلغ الموسوى فى سخافته وقلة عقله مبلغا شنيعا إذ يقول عن الأفضال المزعومة للأمويين على أبى هريرة: "تتمثل لك نعمهم عليه إذا أنعمت النظر في حاليه: حاله قبل دولتهم حيث كان ذليلا مهينا ينظر إلى القمل يدب على نمرته، وحاله على عهدهم حيث أخذوا بضبعيه وأطلقوا عنه ربقة الخمول فكَسَوْه الخَزّ والساج، وجعلوه يزرّ أزراره بالديباج، وألبسوه الكتان المشيق، وبَنَوْا له القصر في العقيق، وطوقوه ببرهم، وناطوا نعمهم قلائد في عنقه وأذاعوا ذكره، ونوهوا باسمه، ووَلَّوْه على المدينة الطيبة مدينة النبي وأنكحوه أيام ولايته عليها بسرة بنت غزوان بن جابر بن وهب المازنية أخت الأمير عتبة بن غزوان. وما كان ليحلم بذلك، ولا ليسنح في أمانيه. وقد كان يخدمها بطعام بطنه، ويكدح في خدمتها حافيا". فهذا الحاقد الممتلئ قلبه قيحا وصديدا يتناسى ان أبا هريرة لا يمكن أن يكون بتلك الصورة السمجة التى رسمتها ريشة البغض والافتراء والتعصب الأعمى القبيح، وإلا لما قربه النبى صلى الله عليه وسلم إليه. أستغفر الله! أإلى هذا المدى تغلب الضغينة أقواما على عقولهم وضمائرهم وتدفعهم إلى الافتئات على كرام الحلق بكل هذا البرود فى الأعصاب والجمود فى القلب؟ الحق أنه لو كان بنو أمية قد صنعوا هذا لأبى هريرة إنه لكرم منهم ونبل عظيم! وإن كنت لا أظن أنهم قد فعلوا شيئا من هذا كسبا لقلب الصحابى الكريم، إذ هم لم يفعلوه مع واحد كعمرو بن العاص ذاته، وهو بالنسبة إليهم من هو، فكيف يفعلونه مع أبى هريرة؟ ترى ماذا كان يمثله لهم أبو هريرة بحساب المصالح السياسية، وهو، كما يبدئ ويعيد هذا الحقود الطويل اللسان، لم تكن له مكانة تذكر؟ لقد قيل قديما: إذا كنت كذوبا فكن ذكورا. لكن الموسوى يكذب دون أن يكون على ذكر مما كذبه وافتراه. إنه يقول الشىء ونقيضه دون أن يبالى، إذ كل همه هو تلطيخ الرجل الكريم بأى طريق، والسلام. ولقد كان أبو هريرة يشكر ربه دائما أنْ رَفَعَه سبحانه إلى تلك المكانة الجميلة التى تحقق له عندها الزواج من مخدومته السابقة. أما صاحبنا الحقود فهو لا يستحى من التدخل فيما لا يعنيه وإفساد كل معنى نبيل. وعلى رأى المثل: أنا راض، وأبوها راض، فما دخلك أنت يا فاضى؟ يا فاضى: بالفاء لا بالقاف. هل اشتكت لك السيدة النبيلة؟ أم هل اشتكى لك أهلها؟ أم هل اشتكى لك أى فرد ممن يعرفونها؟ أم تراهم وكّلوك للتحدث باسمهم والتطاول على أبى هريرة؟ أم تراك أنت بسرة بنت غزوان نفسها، وقد أُكْرِهْتَ على الزواج من ذلك الصحابى الكريم فأتيت، بعد كل هاتيك القرون، تعلن كراهيتك لما تم؟ أمَا إن البعيد لمتنطع سمج!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير