تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34) "، وهو واضح المعنى حتى للأعمى البصر. أما الأعمى البصيرة فهذا َأَمْرُه أَمْرٌ!

وبمناسبة هذا الكلام أيضا نسوق هذين الحديثين من كتاب "الكافى" للكلينى، وفيهما أن النبى، مَثَلُه مَثَلُ جميع الأنبياء، لم يورِّث درهما ولا دينارا، بل ورَّث العلم والهدى فحسب، وهو ما يدل على أن اتهام الشيعة للصديق بأنه ظلم فاطمة الزهراء رضى الله عنها رضا واسعا حين رفض أن يدفع لها ما تريده من ميراث أبيها عليه الصلاة والسلام هو اتهام لا أساس له ولا معنى. وقد ورد هذان الحديثان فى باب "ثواب العالم والمتعلم وهذان هما: "إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَاراً وَلا دِرْهَماً ولكِنْ وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ"، "مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وعلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ومحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَشْعَرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ وعلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَطْلُبُ فِيهِ عِلْماً سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقاً إِلَى الْجَنَّةِ وانَّ الْمَلائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِهِ وانَّهُ يَسْتَغْفِرُ لِطَالِبِ الْعِلْمِ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ حَتَّى الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ النُّجُومِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَاراً وَلا دِرْهَماً ولَكِنْ وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ".

ولا ريب أن هذين الحديثين يضربان موقف الشيعة من أبى بكر رضى الله عنه فى الصميم، إذ إن ما جاء فيهما هو نفسه ما قاله الصديق حين طُلِبَ منه أن يعطى الزهراء رضى الله عنها ميرائها المالى من أبيها فأكد أنه سمع الرسول يقول: "نحن معاشر الأنبياء لا نُورَث. ما تركناه صدقة". ومع هذا فإنه، رضى الله عنه وعن فاطمة رضا واسعا عريضا، لم يسلم من ألسنتهم منذ ذلك الحين إلى يوم الناس هذا، ونرجو أن يكفوا أذاهم عنه ما داموا قد رَوَوْا بسلاسل إسنادهم الحديثين الفائتين اللذين لا يختلفان عما قاله هو عن ميراث النبى عليه الصلاة والسلام. ونرجو أن ينظر الفريقان إلى الخلاف بين الصِّدّيق وعمر وبين علىّ باعتباره اختلافا فى الاجتهاد، ومن ثم لا حرج عليهما حتى لو قال الشيعة إنهما لم يصيبا المراد باجتهادهما هذا. إننى طبعا لا أخطئهما للحظة واحدة، لكنى أحاول أن أساهم فى إطفاء تلك النار المشتعلة بين جناحى الأمة منذ قرون وقرون. فهل أنجح؟ لا أظن ذلك، بل كل ما أطمع فيه أن أكون قد قدمت شيئا يمكن التفكر فيه، وقد يؤدى يوما إلى تخفيف الاحتقان الخطير بين الفريقين. قل: يا رب!

أما قول المعلق الذى أطلق على نفسه لقب "شيعى": "وأما حملك الأحاديث غير المعقولة لأبي هريرة على المجاز فهو تهرب من نقدها، خصوصا وإنها حولت الدين الى قصص فولكلورية"، فرَدِّى عليه هو أننى لم أقل إن كل الأحاديث المنسوبة إلى أبى هريرة ولا يمكن حملها على الحقيقة ينبغى أن تحمل على المجاز، بل الذى فعلته هو أننى طبقت هذا المبدأ على بعض أحاديثه فقط رضى الله عنه. كما قلت إن من الممكن أن تكون هناك أحاديث حُمِلَتْ عليه خطأ أو كذبا، مستبعدا أن يَكْذِب صحابى جليل كأبى هريرة لم يقل النبى عليه الصلاة والسلام فى حقه كلمة سيئة واحدة على رغم توافر الدواعى التى تدفع إلى هذا لو كان، رضى الله عنه، معيبا كما يحاول الشيعة أن يجعلوه، حاشا لله!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير