تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

السنة فليس فيها "العقل" بالمعنى المجرد، أى العقل مستقلا عن الإنسان كما فى هذا الحديث، بل العقل متلبسا بالإنسان غير مستقل عنه، كالكلام عن نقصان العقل عند النساء مثلا. وفوق ذلك فالحديث عن أول شىء خلقه الله سبحانه وتعالى هو من الأمور التى تضاربت فيها الآثار: فمرة هو القلم، ومرة هو العقل، ومرة هو هذا الأمر أو ذاك.

ومن الآثار التى رواها الكلينى فى "الكافى" ولا تصح إلا بعد حملها على المجاز ما جاء فى الحديث التالى: "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا (عليه السلام) يَقُولُ صَدِيقُ كُلِّ امْرِئٍ عَقْلُهُ وَعَدُوُّهُ جَهْلُهُ". ذلك أن الصداقة والعداوة إنما تقوم بين الإنسان والإنسان لا بين الإنسان وبين العقل أو الجهل. ومثله فى ذلك الحديثُ التالى، وهو يجرى على شاكلة التعبير القرآنى الذى يتحدث عن إقراض المؤمن ماله لله تعالى رغم أنه سبحانه هو الغنى المعطى، فلا يحتاج ولا يقترض، لكنه المجاز كما نعرف جميعا، ومن ثم لا يقول قائل إن الحديث ينال من الله ويسىء إلى مقام الألوهية كما قال الموسوى عن بعض ما رواه أبو هريرة من أحاديث ينبغى حملها على المجاز، وإلا فسدت اللغة وتوقف العقل البشرى عاجزا فى كثير من الحالات عن التعبير عما يريد بالطريقة المثلى. وهذا هو الحديث المذكور: "أَبُو عَلِيٍّ الأشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ وعبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) قَالَ اللَّهُ عَزَّ وجلَّ إِنِّي جَعَلْتُ الدُّنْيَا بَيْنَ عِبَادِي قَرْضاً فَمَنْ أَقْرَضَنِي مِنْهَا قَرْضاً أَعْطَيْتُهُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَشْراً إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ وما شِئْتُ مِنْ ذَلِكَ ومنْ لَمْ يُقْرِضْنِي مِنْهَا قَرْضاً فَأَخَذْتُ مِنْهُ شَيْئاً قَسْراً فَصَبَرَ أَعْطَيْتُهُ ثَلاثَ خِصَالٍ لَوْ أَعْطَيْتُ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ مَلائِكَتِي لَرَضُوا بِهَا مِنِّي قَالَ ثُمَّ تَلا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وجلَّ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وانَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ فَهَذِهِ وَاحِدَةٌ مِنْ ثَلاثِ خِصَالٍ ورحْمَةٌ اثْنَتَانِ واولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ثَلاثٌ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) هَذَا لِمَنْ أَخَذَ اللَّهُ مِنْهُ شَيْئاً قَسْراً".

وينكر الموسوى أيضا على أبى هريرة روايته حديثا تتكلم فيه الجنة والنار وتتحاوران، فما قوله فى هذا الحديث الذى يحاور الجهل فيه الله سبحانه وتعالى؟ فما دام الجهل يتكلم ويتحاور، ومع من؟ مع الله سبحانه وتعالى، فلماذا لا تتكلم الجنة والناروتتحاوران؟ وفوق هذا فقد جعل الحديث لكل من الجهل والعلم جندا ووزيرا، وهو ما لا يكون إلا لملوك البشر. إننى طبعا لا آخذ الكلام هنا أو هناك على الحقيقة، بل أفهمه على أنه كلام مجازى: "عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَقَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ مَوَالِيهِ فَجَرَى ذِكْرُ الْعَقْلِ والْجَهْلِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) اعْرِفُوا الْعَقْلَ وجنْدَهُ وَالْجَهْلَ وجنْدَهُ تَهْتَدُوا قَالَ سَمَاعَةُ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ لا نَعْرِفُ إِلا مَا عَرَّفْتَنَا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وجلَّ خَلَقَ الْعَقْلَ وهوَ أَوَّلُ خَلْقٍ مِنَ الرُّوحَانِيِّينَ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ مِنْ نُورِهِ فَقَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وتعَالَى خَلَقْتُكَ خَلْقاً عَظِيماً وَكَرَّمْتُكَ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِي قَالَ ثُمَّ خَلَقَ الْجَهْلَ مِنَ الْبَحْرِ الأُجَاجِ ظُلْمَانِيّاً فَقَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَلَمْ يُقْبِلْ فَقَالَ لَهُ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير