تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أقصرت الصلاة؟ ورجل يدعوه النبي ذو اليدين فقال: انسيت أم قصرت؟ فقال: لم انس ولم تقصر! قال: بلى نسيت! فصل ركعتين! ثم سلم ثم كبر! فسجد ... الحديث، وفيه كيفية سجود السهو، وأنت ترى ما فيه من الوجوه الحاكمة بامتناعه. احدها: ان مثل هذا السهو الفاحش لا يكون ممن فرغ للصلاة شيئا من قلبه، أو أقبل عليها بشئ من لبه، وانما يكون من الساهين عن صلاتهم، اللاهين عن مناجاتهم، وحاشا انبياء الله من احوال الغافلين، وتقدسوا عن اقوال الجاهلين، فان انبياء الله عزوجل ولا سيما سيدهم وخاتمهم أفضل مما يظنون على أنه لم يبلغنا مثل هذا السهو عن أحد ولا أظن وقوعه الا ممن يمثل حال القائل:

أُصَلِّي فما أدري إذا ما ذكرتُها * أثِنْتَيْنِ صَلَّيْتُ الضحى أم ثمانيا؟

وأما سيد النبيين، وتقلبه في الساجدين ان مثل هذا السهو لو صدر مني لاستولى على الحياء واخذني الخجل واستخف المؤمتون بي وبعبادتي ومثل هذا لا يجوز على انبياء الله ابدا. الثاني ان الحديث قد اشتمل على ان النبي صلى الله عليه وآله قال لم أنس ولم تقصر فكيف يمكن أن يكون قد نسى بعد هذا؟ ولو فرضنا عدم وجوب عصمته عن مثل هذا السهو. فان عصمته عن المكابرة والتسرع بالاقوال المخالفة للواقع مما لا بد منه عند جميع المسلمين. الثالث: ان أبا هريرة قد أضطرب في هذا الحديث، وتعارضت أقواله فتارة يقول: صلى بنا احدى صلاتي العشى اما الظهر واما العصر، على سبيل الشك، واخرى يقول: صلى بنا صلاة العصر، على سبيل القطع بأنها الظهر. وهذه الروايات كلها ثابتة في صحيحي البخاري ومسلم كليهما، وقد ارتبك فيها شارحو الصحيحين ارتباكا دعاهم إلى التعسف والتكلف كما تكلفوا وتعسفوا في الرد على الزهري إذ جزم بان ذا اليدين وذا الشمالين واحد لا اثنان، وقد أوضحنا ذلك في كتابنا: "تحفة المحدثين". الرابع: ان ما اشتمل هذا الحديث عليه من قيام النبي صلى الله عليه وآله عن مصلاه ووضع يده على الخشبة وخروج سرعان الناس من المسجد وقولهم أقصرت الصلاة؟ وقول ذي اليدين أنسيت أم قصرت؟ وقول النبي صلى الله عليه وآله لم أنس ولم تقصر، فقال له: قد نسيت، وقول النبي لاصحابه: أحق ما يقول قالوا: بلى نعم وغير ذلك مما نقله أبو هريرة لمما يمحو صورة الصلاة بتاتا، والمعلوم من الشريعة المقدسة يقينا بطلان الصلاة بكل ماح لصورتها فلا يمكن بعد هذا بناؤه صلى الله عليه وآله على الركعتين الاوليتين لانه يناقض الحكم المقطوع بثبوته عنه صلى الله عليه وآله فتأمل. الخامس: أن ذا اليدين المذكور في الحديث انما هو ذو الشمالين ابن عبد عمرو حليف بني زهرة، وقد استشهد في بدر، نص على ذلك امام بني زهرة واعرف الناس بحلفائهم محمد بن مسلم الزهري كما في الاستيعاب والاصابة وشروح الصحيحين كافة وهذا هو الذي صرح به الثوري في أصح الروايتين عنه وأبو حنيفة حين تركوا العمل بهذا الحديث، وافتوا بخلاف مفاده كما في اواخر باب السهو والسجود له من شرح النووي لصحيح مسلم. وحسبك حديث النسائي، مما يدل على ان ذا اليدين وذا الشمالين واحد. واليك لفظه: قال فقال له ذو الشمالين ابن عبد عمرو: انقصت الصلاة أم نسيت؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما يقول ذو اليدين فصرح بان ذا الشمالين هو ذو اليدين، ومثله بل اصرح منه ما أخرجه أحمد من حديث أبي هريرة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي بكر بن سليمان ابن أبي خيثمة كليهما عن أبي هريرة، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله الظهر أو العصر فسلم في ركعتين، فقال له ذو الشمالين بن عبد عمرو (قال): وكان حليفا لبني زهرة أخففت الصلاة أم نسيت؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله ما يقول ذو اليدين؟ قالوا صدق ... الحديث. وأخرج أبو موسى من طريق حعفر المستغفري كما في ترجمة عبد عمرو ابن نضلة من الاصابة بالاسناد إلى محمد بن كثير عن الاوزاعي عن الزهري عن كل من سعيد بن المسيب وأبي سلمة وعبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة قال: سلم رسول الله صلى الله عليه وآله في الركعتين فقام عبد عمرو بن نضلة رجل من خزاعة حليف لبني زهرة فقال: أقصرت الصلاة أم نسيت؟ الحديث، وفيه قول النبي صلى الله عليه وآله: اصدق ذو الشمالين؟ فهذه الاحاديث كلها صريحة في أن ذا اليدين المذكور في حديث أبي هريرة انما هو ذو الشمالين ابن عبد عمرو حليف بني زهرة، ولا ريب في ان ذا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير