تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بل إن ما فعله عمر عقب دخوله فى الإسلام مباشرة هو صنيع لا يمكن أن يفكر فيه، فضلا عن أن يفعله، منافق. يقول ابن هشام: "قال ابن إسحاق: وحدثني نافع مولى عبد الله بن عمر عن ابن عمر قال: لما أسلم أبي عمر قال: أيُّ قريش أنقل للحديث؟ فقيل له: جميل بن معمر الجمحي. قال: فغدا عليه. قال عبد الله بن عمر: فغدوت أتبع أثره وأنظر ما يفعل، وأنا غلام أعقل كل ما رأيت، حتى جاءه فقال له: أعلمت يا جميل أني قد أسلمت ودخلت في دين محمد؟ قال: فوالله ما راجعه حتى قام يجر رداءه، واتبعه عمر، واتبعت أبي، حتى إذا قام على باب المسجد صرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش، وهم في أنديتهم حول الكعبة، ألا إن عمر بن الخطاب قد صبأ. قال: ويقول عمر من خلفه: كَذَبَ، ولكني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله. وثاروا إليه فما برح يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رءوسهم. قال: وطلَّح فقعد وقاموا على رأسه وهو يقول: افعلوا ما بدا لكم، فأحلف بالله أنْ لو قد كنا ثلاث مئة رجل لقد تركناها لكم أو تركتموها لنا. قال: فبينما هم على ذلك إذ أقبل شيخ من قريش عليه حلة حبرة وقميص موشى، حتى وقف عليهم فقال: ما شأنكم؟ قالوا: صبا عمر. فقال: فَمَهْ! رجل اختار لنفسه أمرا، فماذا تريدون؟ أترون بني عدي بن كعب يسلمون لكم صاحبهم هكذا؟ خَلُّوا عن الرجل. قال: فوالله لكأنما كانوا ثوبا كُشِط عنه. قال: فقلت لأبي بعد أن هاجر إلى المدينة: يا أبت، من الرجل الذي زجر القوم عنك بمكة يوم أسلمت، وهم يقاتلونك؟ فقال: ذاك، أي بُنَيَّ، العاص بن وائل السهمي. قال ابن هشام: وحدثني بعض أهل العلم أنه قال: يا أبت، من الرجل الذي زجر القوم عنك بمكة يوم أسلمت، وهم يقاتلونك، جزاه الله خيرا؟ قال: يا بني، ذاك العاص بن وائل، لا جزاه الله خيرا. قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الرحمن بن الحارث عن بعض آل عمر أو بعض أهله قال: قال عمر: لما أسلمتُ تلك الليلة تذكرت أيّ أهل مكة أشدّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم عداوة حتى آتيه فأخبره أني قد أسلمت. قال قلت: أبو جهل. وكان عُمَر لحنتمة بنت هشام بن المغيرة. قال: فأقبلت حين أصبحت حتى ضربت عليه بابه. قال: فخرج إليّ أبو جهل فقال: مرحبا وأهلا بابن أختي. ما جاء بك؟ قال: جئت لأخبرك أني قد آمنت بالله وبرسوله محمد وصدقت بما جاء به. قال: فضرب الباب في وجهي وقال: قبَّحك الله وقبَّح ما جئتَ به". فهل يستطيع الكاتب الجاهل أن يفهم مغزى هذا كله إن كان عقله هو الذى يملى عليه ما يكتب؟ أم إن لقلبه المظلم الكلمة العليا هنا؟

أما قول الكاتب إن اليهود قبل البعثة كانت تردد أن النبى المنتظر هو نبى كاذب فهو كلام رقيع، وإلا فمن أين له هذه الدعوى؟ لقد حاجّهم القرآن بأنهم كانوا ينتظرون نبيا وأنهم كانوا يستفتحون به على الذين كفروا فى يثرب قائلين لهم إنهم حين يظهر هذا النبى فسوف يتبعونه دونهم ويستأصلون شأفتهم، لكنهم عندما تحقق ما كانوا يتطلعون إليه كانوا أول كافر بذلك الرسول. فهل يمكن أن يوصف بأنه رسول كاذب؟ لو كان الأمر كذلك ما استفتح اليهود به على كفار يثرب، ولما قرّعهم القرآن على كفرهم به، وإلا فما أسهل الرد على ذلك التقريع بأن يقولوا إنهم كانوا يؤكدون أنه نبى مزيف، فكيف يريد القرآن منهم أن يؤمنوا بدينه؟ ثم هل كان عمر يحرص كل هذا الحرص على نشر الإسلام وتحطيم دولتى الفرس والروم لو كان منافقا؟ ترى منذ متى يحرص المنافقون على نشر ما لا يؤمنون به، وليس هناك قوة خارج نفوسهم تملى عليهم التظاهر بذلك الحرص؟ أم هل كان يحظى باحترام المسلمين جميعا لو كان منافقا؟ لقد رأينا كيف انقلب كثير من المسلمين على ابن سلول بما فيهم ابنه نفسه حين تبدى لهم نفاقه وشغبه على الرسول صلى الله علييه وسلم، وعرض هذا الابن على سيدنا رسول الله أن يقتله لو أراد. فكيف بقى عمر مبجلا مهيب الجانب رغم نفاقه المزعوم؟ ألا لعنة الله على الجهل الحقود!

...

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير