تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فإذا انتقلنا إلى علىٍّ كرم الله وجهه هالنا أوّلَ شىء أنه فى الوقت الذى كان المسلمون يصلون الصبح فى المسجد حين ضرب أبو لؤلؤة الفاروق بالخنجر كان هو جالسا على باب داره دون صلاة، وعلى دكّة مع أنه لم تكن فى ذلك الحين دكك فى المدينة. ثم هل يجلس الناس بأبواب دورهم فى عتمة الفجر؟ ترى ماذا يفعلون هناك فى ذلك الوقت؟ لقد قيل إنه كان ينتظر أن يأتيه أبو لؤلؤة بالخبر المجرم، خبر اغتياله عمر بن الخطاب، الذى كلفه هو به! لكنْ حاشا لله أن يكون هذا سلوك زوج الزهراء، رضى الله عنه وعن عمر، ولعن المجوسى الكلب. ثم إذا كان علىٌّ يرى أن عمر قد اغتصبه حقه ويريد أن يغتصب منه فوق ذلك ابنته أم كلثوم، ولا بد إذن من التخلص منه وتخليص الدنيا من شره، فلماذا لم يقم هو بهذا الواجب؟ أكانت تنقصه الشجاعة والبطولة حتى ينزوى فى الظلام ويرسل مجوسيا دنسا كأبى لؤلؤة كى يقتل عمر؟ أهذه هى الشجاعة العلوية؟ أهذه هى البطولة التى عُرِفَتْ به وعُرِفَ رضى الله عنه بها؟ كذلك لم انتظر علىٌّ كل هاتيك السنين منذ اغتصب حقَّه أبو بكر فسكت واستطال سكوته على مدار بضع عشرة سنة ولم يتحرك إلا الآن؟ قد يقول الجاهل الحقود إن عمر كان على وشك الدخول بأم كلثوم فأراد علىٌّ أن يستنقذ ما يمكن إنقاذه قبل أن يخسر الجلد والسقط على رأى المثل الشعبى المصرى. لكن السؤال: وأين كان علىٌّ من عَقْد عمر عليها فلم ينبض فيه عرق الكرامة إلا فى اللحظة الأخيرة؟ وهل حقا أن عمر لم يدخل بها رضى الله عنه وعنها؟ ألم يقل فريق من الشيعة أنفسهم إن عمر قد دخل بجنية اتخذت شكل أم كلثوم فظهرت كأنها هى، بما يدل على أن الزواج قد تم وانتهى الأمر وأن التمحك فى أبى لؤلؤة والزعم بأنه قتل عمر غضبا لعلى وابنته ورَبْئًابعرضهما أن يُنْتَهَك إنما هو ككل ما يقوله الشيعة فى هذا السبيل سخفٌ متناهٍ لا قِبَل لعقلٍ سليمٍ بقبوله؟ وهذا من وجهة النظر الشيعية، أما لو أخذنا بما يقوله التاريخ فقد تم زواج عمر بأم كلثوم فعلا وأنجب منها رقية وزيدا على ما هو معروف لكل ذى عقل فى ذهنه. أم ترى ينبغى أن نفقد عقلنا نحن أيضا مثل بعض القوم فنقول إن رقية وزيدا هما ابناه من تلك الجنية التى تظاهرت بأنها أم كلثوم بنت على، فنِصْفهما جنى، ونصفهما الآخر إنسى؟ إذن نرجع إلى الأساطير والخرافات التى طلقتها البشرية منذ دهور، لا لشىء إلا لسواد عيون الأغبياء الجهلاء!

وهذا كله، ولم نتحدث بعد عن واجب علىٍّ، واجبه وليس حقه، فى الدفاع عن الركن السادس فى الإسلام حسب قول الشيعة، وهو الركن الخاص بتوليه الخلافة عقب رسول الله ثم ذريته من بعده، إذ قد يجاب بأنه آثر التنازل عن ذلك الحق لسبب أو لآخر شأن أى حق لأى إنسان. ذلك أن المسألة ليست مجرد حق له كرم الله وجهه، بل هى قبل هذا مسألة واجب لا يتم الدين إلا به. ومعنى ذلك أن عليا قد شارك فى ذلك الإثم، إذ سكت عن أمر الولاية التى تمثل الركن السادس فى الإسلام من وجهة نظر من يقولون إنهم شيعته، وكان ينبغى أن يهبّ فيزيح أبا بكر منذ اللحظة الأولى دون تردد، وهو ما لم يحصل، ويبوء هو بإثمه قبل أى إنسان آخر. ولكننا ننظر فنجده، حين عرض عليه عمه العباس أن يبايعه كى يتولى الخلافة غِبَّ وفاة النبى عليه الصلاة والسلام، يرفض أن يتولاها بهذه الطريقة، ودون أن يُجْمِع عليه المسلمون. وهذا كلام العسكرى فى ذلك الموضوع، والعسكرى شيعى حتى لا يقال إن أهل السنة هم الذين يذيعون هذا الزعم لغرض فى نفوسهم. وهو موجود فى كتابه: "أحاديث عائشة": "وكان علي لا يشك أن الأمر له، وأنه لا ينازعه فيه أحد من الناس، ولهذا قال له عمه: امدد يدك أبايعك فيقال: عم رسول الله بايع ابن عم رسول الله، فلا يختلف عليك اثنان. قال: يا عم، وهل يطمع فيها طامع غيري؟! قال: ستعلم! قال: فإني لا أحب هذا الأمر من وراء رتاج (أى فى السر بعيدا عن الناس ورضاهم)، وأحب أن أُصْحِر به (أى أن يكون على مرأى ومسمع من الجميع)، فسكت عنه". إذن فالأمر أمر شورى لا بد فيها من رضا المحكومين. أوليس هذا هو ما نقوله من الصبح؟ فلم الخلاف إذن؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير