تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والأنصار، فقال: رَفِّئوني! قالوا: بمن يا أمير المؤمنين؟ قال: بأم كلثوم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي. وقد تقدمتْ لي صحبة، فأحببت أن يكون لي معها سبب. فولدتْ له أم كلثوم زيد بن عمر ورقية بنت عمر. وزيد بن عمر هو الذي لطم سمرة بن جندب عند معاوية إذ تنقص عليًّا فيما يقال". ويجد القارئ هذا الموضوع أيضا فى "ربيع الأبرار ونصوص الأخبار" للزمخشرى و"الوافى بالوفيات" لصلاح الدين الصفدى وغيرهما من المراجع، مع بعض التفاصيل الأخرى أحيانا.

ولو لم يكن زواج عمر بحفيدة رسول الله أمرا حقيقيا لما أورده ابن أبى الحديد الشيعى فى شرح كتاب "نهج البلاغة" إذ قال: "روى الزبير بن بكار، قال: خطب عمر أم كلثوم بنت علي رضي الله عنه، فقال له: إنها صغيرة. فقال: زوجنيها يا أبا الحسن، فإني أرصد من كرامتها ما لا يرصده أحد. فقال: أنا أبعثها إليك، فإن رضيتها زوجتكها. فبعثها إليه ببُرْدٍ، وقال لها: قولي: هذا البرد الذي ذكرته لك. فقالت له ذلك، فقال: قولي له: قد رضيتُه، رضي الله عنك. ووضع يده على ساقها، فقالت له: أتفعل هذا؟ لولا أنك أمير المؤمنين لكسرت أنفك. ثم جاءت أباها فأخبرته الخبر، وقالت: بعثتني إلى شيخ سوء. قال: مهلا يا بنية، إنه زوجك. فجاء عمر إلى مجلس المهاجرين في الروضة، وكان يجلس فيها المهاجرون الأولون، فقال: رفئوني، رفئوني. قالوا: بماذا يا أمير المؤمنين? فال: تزوجت أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل سبب ونسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي وصهري…

وروى الطبري في تاريخه أن عمر خطب أم كلثوم بنت أبي بكر فأرسل فيها إلى عائشة، فقالت: الأمر إليها. فقالت أم كلثوم: لا حاجة لي فيه. قالت لها عائشة: ويلك! أترغبين عن أميرالمؤمنين؟ قالت: نعم، إنه يغلق بابه، ويمنع خيره، ويدخل عابسًا، ويخرج عابسًا. فأرسلت عائشة إلى عمرو بن العاص فأخبرته، فقال: أنا أكفيك. فأتى عمر فقال: يا أمير المؤمنين، بلغني خبر أعيذك بالله منه! قال: ما هو؟ قال: خطبتَ أم كلثوم بنت أبي بكر? قال: نعم. أفترغب بي عنها أم ترغب بها عني? قال: لا واحدة، ولكنها حدثة نشأت تحت كنف أم المؤمنين في لين ورفق، وفيك غلظة. ونحن نهابك ولا نستطيع أن نردك عن خلق من أخلاقك، فكيف بها إن خالفتك في شيء فسطوت بها؟ كنت قد خلفت أبا بكر في ولده بغير ما يحق عليك. قال: فكيف لي بعائشة، وقد كلمتها فيها؟ قال: أنا لك بها، وأدلك على خيرمنها: أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب. تعلق منها بسبب من رسول الله. فصرفه عنها إلى أم كلثوم بنت فاطمة".

ونفس الشىء نُلْفِيه قبل ذلك فى "تاريخ اليعقوبى"، وهو أيضا مؤلف شيعى معروف: "خطب عمر إلى علي بن أبي طالب أم كلثوم بنت علي، وأمها فاطمة بنت رسول الله، فقال علي: إنها صغيرة! فقال: إني لم أرد حيث ذهبت. لكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل نسب وسبب ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي وصهري، فأردت أن يكون لي سبب وصهر برسول الله. فتزوجها وأمهرها عشرة آلاف دينار". وأظن هذا كافيا فى سحق ونسف ما يهرف به مؤلفنا المختلق الكذاب وذَرّه فى يَمّ الإهمال والنسيان.

إن كلا من عمر وعلىٍّ عظيم من عظماء التاريخ: كلاهما خدم الإسلام وشَرُفَ بهذه الخدمة، وأضحى جَرّاءَ هذا ملء السمع والبصر على مدى الأزمان، وسيظلان كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ولو أن الذين يتعصبون لعلى ويكرهون عمر وغيره من الصحابة العظام فتحوا عقولهم وقلوبهم واستضاؤوا بحب الله حقا لما طاوعتهم نفوسهم على النيل من الفاروق والكذب عليه وتزييف الأخبار والأحاديث التى تعمل على تشويهه عبثا، ولعرفوا له عظمته ونبله وسموقه. إنه وعليا، رضى الله عنهما، صنوان لا غنى لأى منهما عن الآخر. إنهما كشقى المقص لا يمكن القص إلا بتعاونهما معا. وأنا لا أحب أن أفاضل بينهما، بل أرى أنهما وأبا بكر وعثمان إخوة فى البطولة والعظمة والسموق، وأن أفضل ما يمكننا فعله هو أن نترك أمر هذه المفاضلة إلى الله سبحانه وتعالى. أما إن أصر البعض على تفضيل علىٍّ على إخوانه أو وَضَعَ أبا بكر وعمر وعثمان قبل على فى المكانة والتقدير فليفعلوا، ولكن دون تنقص من الآخرين، ولينظروا إلى ما كان بين هؤلاء العظماء

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير