وحديث أبي هريرة، رضي الله عنه، 160، كتاب الوضوء، باب: غسل الأعقاب، وفيه: (أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ
فَإِنَّ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ).
وحديث أم المؤمنين: عائشة، رضي الله عنها، في مسلم: 353، كتاب الطهارة، باب: وُجُوبِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ بِكَمَالِهِمَا، وفيه: (يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَسْبِغْ الْوُضُوء، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ).
وحديث خالد بن معدان: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي، وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره أن يعيد الوضوء. رواه أحمد وأبو داود، وزاد: "والصلاة"، وفي إسناده: بقية بن الوليد، رحمه الله، وهو مدلس قال عنه الذهبي، رحمه الله، في "السير"، (8/ 520): " كان من أوعية العلم، لكنه كدر ذلك بالإكثار عن الضعفاء والعوام، والحمل عمن دب ودرج". اهـ
فأحاديث غسل الرجلين متواترة قولا وفعلا، كما أشار إلى ذلك ابن تيمية، رحمه الله، بقوله: (الذين نقلوا عن النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء قولا وفعلا والذين تعلموا الوضوء منه وتوضؤوا على عهده وهو يراهم ويقرهم عليه ونقلوه إلى من بعدهم أكثر عددا من الذين نقلوا لفظ هذه الآية فإن جميع المسلمين كانوا يتوضؤون على عهده ولم يتعلموا الوضوء إلا منه صلى الله عليه و سلم فإن هذا العمل لم يكن معهودا عندهم في الجاهلية وهم قد رأوه يتوضأ ما لا يحصى عدده إلا الله تعالى ونقلوا عنه ذكر غسل الرجلين فيما شاء الله من الحديث).
"منهاج السنة"، (4/ 171).
أو محمولة على العطف على محل "برؤوسكم"، كما في قول الشاعر:
معاوي إننا بشر فأسجح ******* فلسنا بالجبال ولا الحديدا
فعطف "الحديدا" على محل "بالجبال": المنصوب على خبرية "ليس"، وإنما زيدت الباء لتوكيد النفي.
فيكون المعنى: وامسحوا برؤوسكم، وامسحوا أرجلكم إلى الكعبين، ويؤيده أن العرب تختصر الكلام إذا كان فعل المعطوف والمعطوف عليه من جنس واحد، كما في قول الشاعر:
علفتها تبنا وماء باردا ******* حتى غدت همالة عيناها.
والماء يسقى لا يقال علفت الماء لكن العلف والسقى يجمعهما معنى الإطعام.
وكذلك قوله:
ورأيت زوجك في الوغى ******* متقلدا سبفا ورمحا
أي: ومعتقلا رمحا، لكن التقلد والاعتقال يجمعهما معنى الحمل.
وقوله:
إذا ما الغانيات برزن يوما ******* وزججن الحواجب والعيونا
إذ ضمن الفعل: "زججن" معنى: جملن.
فيحمل هذا الوجه على:
أنه مجمل بينته السنة، وهنا تظهر مكانة السنة في بيان مجمل القرآن، فأصحاب الأقوال الضعيفة، كما يقول ابن تيمية، رحمه الله، يحتجون بظاهر القرآن على ما يخالف السنة، إذا خفي الأمر عليهم، مع أنه لم يوجد في ظاهر القرآن ما يخالف السنة، وإنما أتي القوم من سوء فهمهم وقلة بضاعتهم من كلام المعصوم صلى الله عليه وسلم.
يقول ابن تيمية رحمه الله: (وفي الجملة فيعلم أن سنة النبي صلى الله عليه و سلم هي التي تفسر القران وتبينه وتدل عليه وتعبر عنه فالسنة المتواترة تقضي على ما يفهمه بعض الناس من ظاهر القران فإن الرسول صلى الله عليه و سلم بين للناس لفظ القران ومعناه كما قال أبو عبد الرحمن السلمي حدثنا الذين كانوا يقرؤون القرآن عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهم أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه و سلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا معناها). اهـ
"منهاج السنة"، (4/ 176، 177).
فالمسح: مسحان:
مسح خاص: وهو المسح المعدى بالباء، ويفيد الإلصاق، كما في قولك: مسحت برجلي، وعليه تحمل بعض صور المسح الخاص كـ: المسح على الخفين، والمسح على العمامة.
¥