ومن ذلك (قوس قزح) فانه يُقرأ (قزح) بالفتح على أنه علم معدول لا ينصرف. وبالكسر على أنه جمع قُزْحة.
ومن ذلك لفظ (أمير المؤمنين) من قول الشاعر [93]:
ومنا أمير المؤمنين شبيب
يجوز رفع (أمير المؤمنين) مبتدأ مؤخرا و (منا) خبر مقدم و (شبيب) عطف بيان أو بدل منه فعلى هذا يكون (شبيب) هو أمير المؤمنين. ونصبه منادى محذوف منه حرف النداء [94] و (شبيب) مبتدأ مؤخر و (منا) خبر مقدم فيكون المعنى: شبيب منا يا أمير المؤمنين.
ومن ذلك (زيد) في قولهم (ما قام القوم غير عمرو وزيد) قال بعض النحويين يجوز جر (زيد) عطفاً على (عمرو). ورفعه عطفاً عليه معنىً لأن المعنى: ما قام القوم إلاّ عمرو وزيد.
ومن ذلك (كل) في قول الشاعر [95]:
وأصْبَحَتْ أُمُّ الخِيارِ تَدَّعِي
عَلَيّ ذنْباً كلُّه لَمْ أصْنَعِ
يجوز رفع (كله) على أنها مبتدأ والخبر (لم أصنع) والعائد محذوف تقديره: لم أصنعه. ونصبه على أنها مفعول مقدم لـ (أصنع) قال ابن مالك (لا فرق في المعنى بين رفع كل ونصبها) انتهى. وفيه تأمل.
ومن ذلك (جئتك كي تكرمني) يجوز رفع (تكرم) على جعل (كي) اسما مخففاً من (كيف) والمعنى: جئتك كيف تكرمني. ويجوز نصب (تكرمني) على أن (كي) جاره والفعل بعدها منصوب بـ (ان) مضمرة.
واعلم أن (كي) على الوجه الأول في محل نصب على أنها حال والمعنى: جئتك على أي حال تكرمني.
ومن ذلك ما رأيته في كتاب مخطوط لست أعرف صاحبه وهو من كتب التاريخ يذكر فيه: أن اعرابياً يحدث أخاه في كرم حاتم وعدم بخله فقال له أخوه وكان نحوياً (أبى كرُم حاتمٍ لا البخلَِ) فنطق بالبخل بالنصب والخفض. هذا ما وجدته في الكتاب. ووجه النصب على المفعولية لـ (أبى) و (لا) زائدة. ووجه الخفض على أن (لا) اسم لأنه أريد بها اللفظ في محل نصب على المفعولية لـ (أبى) مضافة لـ (البخل) و (البخل) مضاف إليه إضافة اللام، والمعنى: أبى كرُم حاتمٍ لفظ لا التي للبخل.
ومن ذلك ما رواه سيبويه (مررت برجلٍ سواء والعدم) [96]، برفع (العدم) والوجه فيه أن (سواء) لما كانت صفة لـ (رجل) أُولَت بمشتق أعني (مستوى) فتحملت ضمير (رجل) على أنه فاعل لها و (العدم) معطوف عليه والمعنى: مررت برجلٍ سواء هو والعدم، ويجوز نصب (العدم) على أنه مفعول معه، قيل (وإنما ذكر سيبويه هذا المثال دليل على جواز العطف على الضمير المتصل بدون فصل شيء بينهما.
ومن ذلك ما وجدته بخط والدي حفظه اللّه ما رسمه (فائدة: إذا قال أنا سارق عبدِك - بجر العبد - كان ضامناً، وإذا قال أنا سارق عبدَك - بنصب العبد لم يكن ضامناً لأنه في الأول بمعنى الماضي وفي الثاني بمعنى المستقبل) - انتهى. وفيما قال نظر لأنه في صورة الجر أيضاً يمكن أن لا يكون ضامناً لاحتمال أنه أراد باسم الفاعل الاستقبال وأضافه لأن اسم الفاعل إذا عمل في مفعوله جاز إضافته إلى مفعوله ولذا قال ابن مالك [97]:
وانصب بذي الأعمال تلوا واخفض
وهو لنصب ما سواه مقتضى
ومن ذلك ما وجدته بخط والدي أيده اللّه: وهو اعراب (عمرك اللّه) بالروايتين في لفظ الجلالة الرفع والنصب. أما النصب فعلى أن (عمر) مصدر بمعنى التعمير مفعول مطلق مضاف إلى (الكاف) ناب عن فعله و (اللّه) منصوب بنزع الخافض. وأما الرفع فعلى أن (عمرك) أيضاً مصدر مضاف إلى مفعوله و (الله) فاعل.
ومن ذلك (خيرا) في قوله (كان الصاع يكفي من هو أوفى منك شعراً وخيرا منك) [98]. وروي برفع (خير) ونصبه أما الرفع فعلى أنه عطف على (أوفى). وأما النصب فذكر الشيخ جمال الدين سبعة أوجه فيه ولم يقبل منها إلا وجهاً واحداً وهو كون (خيرا) معطوفاً على (شعراً) و (منك) توكيد للأولى وعندي أنه يجوز أن يجعل (خيراً) خبراً لكان المحذوفة وعلى هذا يكون اسم كان ضميراً عائداً إلى (من) الموصولة.
ومن ذلك قول الشاعر [99]:
فَليْتَ كَفافاً كان خيرُكَ كلُّه
وشَرُّكَ عنّي ما ارتوى الماءَ مُرْتَوي
¥