(الفاء) باعتبار ما قبلها، و (ليت) من أخوات انّ، واسمها ضمير شأن محذوف، و (كفافاً) خبر لـ (كان) الناقصة مقدم عليها. و (خيرك) اسمها، و (كله) توكيد له و (شرك) معطوف على (خيرك) و (عني) متعلق بـ (كفاف) والجملة خبر لـ (ليت) و (ما) مصدرية ظرفية، و (ارتوى) فعل ماضي، (الماء) مفعوله و (مرتوي) فاعله. والمعنى: فليت كان خيرك كله وشرك كفافاً عني، أي: أن تكف عني مده شرب الشارب الماء. وروي بنصب (شرك) على أنه اسم لـ (ليت) محذوفة والخبر أيضاً محذوف والتقدير: وليت شرك كفافاً عني. وفي هذا البيت وجوه لا تستحق الذكر.
الباب الثاني:
الفصل الأول: في الكلمات النثرية
فمن ذلك قولهم (لا إلهَ إلا اللّه) اعرابه: (لا) عاملة عمل إنّ، و (إله) اسمها، وخبرها محذوف تقديره: موجود، و (الاّ) أداة [100] استثناء، ولفظ الجلالة بدل من اسم (لا) تابع لمحله وهو الرفع [101]. وعند أبي حيان [102] أنه بدل من الضمير العائد إلى اسم (لا) المستتر في الخبر ولا يجوز أن يكون بدلاً من اسم (لا) تابعاً للفظه لأنه معرفة ولا يجوز أن تعمل (لا) في المعرفة والبدل في نية تكرار العامل، وعند أبي البقاء النحوي أنه بدل من محل (لا) مع اسمها [103] فان محلها الرفع بالابتداءِ.
ومن ذلك (أحقُّ مَنْ سَألَ العبدُ رَبُّهُ) إعرابه:
(أحق) مبتدأ مضاف إلى (من). و (من) اسم موصول. و (سأل) الصلة والعائد محذوف أي: سأله. و (العبد) فاعل سأل. و (ربه) خبر لاحق.
ومن ذلك (كُنْ كَمَا أنْتَ)، إعرابه:
(كن) من الأفعال الناقصة واسمها مستتر فيها والخبر الجملة التي بعدها و (الكاف) في (كما) حرف تشبيه و (ما) كافة كفت الكاف عن العمل، و (أنت) مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: عليه أو كائن. والمعنى: كن مثلما أنت عليه أو كن مثلما أنت كائن. وللنحويين في المقام اعاريب لا تستحق الذكر.
ومن ذلك ما نقله جدي (مد اللّه ظله) انه وجد مصحف بخط أمير المؤمنين علي (صلوات اللّه عليه وسلم) كان في آخره (كَتَبَهُ عَلِيّ بنُ أبو طالب) برفع (أبو) والقياس يقتضي جره بإضافة (ابن) إليه. ووجهه أن (أبو طالب) محكي والمحكي يبقى على ما كان عليه قبل النقل وقد شاعت هذه الكنية فصارت كالعلم.
ومن ذلك ما روي عن أبي الحسنعليه السلام [الحمامُ يومٌ ويومٌ لا يُكْثِرُ اللّحم] [104] معناه أن (الحمام) إذا ذهبت إليه يوماً وتركته يوماً يكون لحمك كثيراً. واعرابه:
(الحمام) مبتدأ و (يومٌ ويومٌ لا) بدل اشتمال منه وترك الضمير الذي لا بد منه في بدل الاشتمال لأن البدل هنا مركب وإذا وقع البدل كذلك لا يتصل بالضمير. و (يكثر) خبر (الحمام).
ومن ذلك ما سألني عنه جدي (أدام اللّه عزه) ما وجه كسر (أعدائنا) في قولهم (أحبابنا قالوا أعدائنا) ومقتضى الظاهر فتحها لأنها مفعول لـ (قالوا). وقد أجابني عن ذلك: بأن (قالوا) أصله (قالون) جمع قالي بمعنى مبغض، كما أن (قاضون) جمع (قاضي) فلما أُضيف إلى (أعدائنا) حذفت النون منه. والمعنى: أحبابنا مبغضوا أعدائنا. و (قالوا: أحبابنا) خبر عن أعدائنا.
ومن ذلك (إن زيداً مما أن يقرأ)، إعرابه:
(زيداً) اسم إن، و (من) حرف جر، و (ما) نكرة بمعنى شيء غير موصوفة مجرورة بـ (من) والجار والمجرور خبر عن (ان)، والمصدر المنسبك من (أن يقرأ) بدل من (ما) بدل كل من كل، والمعنى: إن زيداً من شيء هو القراءة. والعرب إذا أرادت المبالغة في الإخبار عن أحد بالإكثار من فعل كالقراءة يقولون: إن زيداً مما ان يقرأ، وهذا بمنزلة [خُلِقَ الإنْسانُ مِنْ عَجَلٍ] [105] أي: جعل لكثرة عجلته كأنه خلق منها.
ومن ذلك قولهم (جاءَتْ نوارِ) والإشكال فيه كسر (نوار) ومقتضى الظاهر أن يكون مرفوعاً على أنه فاعل (جاءت)! والجواب: إن (نوار) مبني على الكسر كـ (حذام) و (قطام) فهو في محل رفع على أنه فاعل.
ومن ذلك قولهم (كأنك بالدنيا لم تكن) [106].
إعلم أن للنحويين في هذا المثال أعاريب كثيرة وأصحها أن (الكاف) اسم كان، وخبرها (لم تكن) و (بالدنيا) خبر تكن، واسمها مستتر فيها والمعنى: كأنك لم تكن في الدنيا. ومثل هذا على الأصح قولهم (كأنك بالشتاء مقبل) و (كأنك بالفرج آت). وقيل الأصح: كان زمانك بالشتاء مقبل، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وكذا قيل في (كأنك بالفرج آت).
¥