تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وكذا {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} [84] و {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ} [85]، لو لم يأت بـ "ما"جوّزنا أن اللين واللعن كانا للسببين المذكورين ولغيرهما، وحين دخلت "ما"قطعنا بأن اللين لم يكن إلا للرحمة، وأن اللعن لم يكن إلاّ لأجل نقض الميثاق.

والاستثناء من تفريعات الكلام يزيده تأكيداً، فأصل الكلام: جاءني زيد.

وهذا لا يقتضي قطع السامع بأن غير زيد لم يجيء، فإذا أريد جمع المعنيين، مجيء زيد ونفي مجيء، غيره قيل: ما جاءني إلا زيد.

وكذا في مسألتنا: اللّه إله، يوازن: زيد منطلق. فلما فرّع عليه وقيل "لا إله إلا اللّه"أفاد الفائدتين: إثبات الإلهية للّه تعالى، ونفيها عمّا سواه.

فإذن "لا إله"في موضع الخبر، و"إلا الله"في موضع المبتدأ. يوضح هذا أن "لا"تطلب النكرة أبدا [86]، لا تقول: لا زيد منطلق. والمبتدأ يجب أن يكون معرفة والخبر نكرة.

ثم تكلم بكلم آخر. [انتهى ملخص كلام الزمخشري].

وهذا الإعراب ارتضاه جماعة منهم ابن الحاجب وبعض مشايخنا، وذكره في ابتداء تدريسه قاضي القضاة جلال الدين القزويني [87]، رحمه الله، بالقاهرة، وأنكره بعض العلماء، ولم يبين لفساده معنى، وقد رُدّ بمخالفته الإجماع من وجهين: أحدهما أن "لا"إنما يبنى معها المبتدأ لا الخبر. الثاني: جوار النصب بعد إلاّ [88].

وفي بقية الكلام المنسوب للزمخشري، رحمة اللّه عليه، تعقّب.

سادسها: أن تكون "لا"مبنية مع اسمها، و"إلا اللّه"مرفوع بإله، ارتفاع الاسم بالصفة، واستغني بالمرفوع عن الخبر، كما في مسألة: ما مضروب الزيدان، وما قائم العمران.

وشجعني على ذلك قول الزمخشري رحمه اللّه تعالى: إله بمعنى مألوه [89]، من أُلِه إذا عُبِد. ولو قلت: لا معبود إلا اللّه، لم يمتنع فيه ما ذكرت.

وعلى ذلك اعتراضان: الأول أن هذا الوصف الرافع لمكتفى به ينظر في دخول النواسخ عليه، فقد منع سيبويه: إنّ قائماً أخواك [90].

الثاني: أنه على تقدير عمل "إله"يكون ذلك مطوّلا [91] فيقتضي ذلك تنوينه. والتطويل كما يكون بالعمل نصبا، كذلك يكون بالعمل رفعا.

ففي مسائل ابن جني [92] رحمه اللّه تعالى، لشيخه ت إذا قلت: يا منطلق وزيد، وعطفت على المرفوع في منطلق، وقلت إنّ العامل في المعطوف هو العامل في المعطوف عليه [93]، أتنصب "منطلق"أم ترفعه؟ فاستقر أمرهما بعد محاورة طويلة على أن ينصب، وأنه مطوّل [94].

والجواب عن الأول: أن الأخفش قد أجاز: إنّ قائما أخواك. ومنع سيبويه لها إنما هو لعدم مسوغ الابتداء بالنكرة.

قال بعض الفضلاء من أهل العصر، وقد عرضت ذلك عليه وارتضاه: قد خطر لي أن نحو "ليس قائم أخواك"يتفق الإمامان على إجازته.

وعن الثاني: أن ابن كيسان [95] اختار حذف التنوين من نحو ذلك، وجعل منه {لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ} [96] و {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ} [97]. وإن كان جمهور البصريين يؤولون ذلك.

قال بعض مشايخنا: وأرى أن مذهب ابن كيسان أولى لعدم التكلف.

[وجها النصب]:

وأما النصب في "إلا اللّه"فمن وجهين:

أولهما: أن يكون على الاستثناء إذا قدر الخبر محذوفا، أي لا إله في الوجود إلا اللّه عز وجل. ولا يرجح عليه الرفع على البدل، كما هو مقدر في الاستثناء التام غير الموجب، من جهة أن الترجيح هناك لحصول المشاكلة في الإتباعِ دون الاستثناء. حتى لو حصلت المشاكلة فيهما استويا، نحو: ما ضربت أحداً إلا زيدا.

نص على ذلك جماعة منهم الأُبذي رحمه اللّه تعالى. بل إذا حصلت المشاكلة في النصب على الاستثناء وفاتت في الإتباع ترجح النصب على الاستثناء. وهذا كذلك يترجح النصب في القياس، لكن السماع والأكثر الرفع. ولا يستنكر مثل ذلك، فقد يكون الشيء شاذا في القياس وهو واجب الاستعمال. وليس هذا موضع بسط ذلك [98].

وقاك أبو الحسن الأبذي في شرح الكراسة: إنك إذا قلت: لا رجل في الدار إلا عمرو، كان نصب "إلا عمرو" على الاستثناء أحسن من رفعه على البدل، لما في ذلك من المشاكلة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير