تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أين جواب إذا وقعت الواقعة؟]

ـ[د. أبو أسامة السامرائي]ــــــــ[16 - 03 - 2009, 08:58 م]ـ

((إذا وقعت الواقعة. ليس لوقعتها كاذبة))

(إذا) -كما يعرفها النحويون: هي ظرف لما يستقبل مبني على السكون، لشبهه الموصولات، ولإبهامها في المستقبل، وفيها معنى المجازاة، أو هي ظرف للمستقبل وضمن معنى الشرط، وقيل: قد تخرج عن الظرفية والاستقبال ومعنى الشرط وقد اختلفوا في كونها تجزم أم لا بين مجوز في السعة ومانع، كما ذكروا وجوب اقتران جوابها بالفاء من هذا وغيره اختلف النحويون والمفسرون في موقع إذا ونوعها والعامل فيها في الآية الكريمة إلى عدة آراء نوجزها فيما يأتي:

الرأي الأول: إن العامل في (إذا) هو (ليس) وقد أشار إلى ذلك الباقولي والزمخشري والفخر الرازي والعكبري وغيرهم وهو اختيار الزمخشري

الرأي الثاني: إن عاملها محذوف تقديره اذكر، ذكره الزمخشري والعكبري وأبو حيان والنسفي وغيرهم، وهي بهذا التقدير تكون في محل نصب مفعول به لا ظرف فكأنك تقول: (اذكر القيامة).

الرأي الثالث: انها ظرف لـ (خافضة) ذكر ذلك الفخر الرازي والعكبري والآلوسي فقال: إنها تكون على تقدير حذف المبتدأ المقترن بالفاء أي: فهي خافضة.

الرأي الرابع: هي ظرف لما دل عليه (فأصحاب الميمنة) أي: إذا وقعت بانت أحوال الناس فيها، أورده العكبري والقرطبي واختاره الآلوسي.

الرأي الخامس: هي ظرف لـ (رجت) ذكره العكبري وقال بعد ذلك: (وإذا) على هذا تكرار للأولى أو بدل منها.

الرأي السادس: ان العامل فيها الفعل الذي بعدها، وهي بذلك ظرف متضمن معنى الشرط فتكون كسائر أسماء الشرط وليست مضافة إلى جملة. وقد اختار هذا الرأي النحاس ومكي، ونقل عن سيبويه أن من العرب من يجزم بها نقله النحاس علماً أن سيبويه نقل ذلك عن الخليل وقصره في ضرورة الشعر

الرأي السابع: (إذا) صلة، فهي لا محل لها من الإعراب. نقل القرطبي هذا الرأي عن الجرجاني والزجاج لتكون بذلك (وقعت الواقعة) جواب (إذا رجت الأرض رجاً)، وقد قاس الجرجاني ذلك على قوله (اقتربت الساعة) وقوله (أتى أمر الله)

الرأي الثامن: إن موقعها الابتداء وخبرها (إذا رجت) والتقدير على عدها غير شرطية بل هي بمعنى: وقت، أي: وقت وقوعها وقت رج الأرض.

الرأي التاسع: إن العامل فيها محذوف بتقدير: إذا وقعت كان كيت وكيت.

الرأي العاشر: إنها ليس لها جواب في السورة على معنى أن في إبهام الجواب إشارة إلى تهويل أمر الواقعة وتضخيمه.

ومن خلال هذا العرض السريع يمكن مناقشة هذه الآراء للوقوف على الوجه الأرجح من بينها، فمن خلال النظر في الرأي الأول القائل: إن العامل في (إذا) هو (ليس لوقعتها كاذبة) ستجد من يرد هذا الرأي لعدة أسباب ذكر بعضها أبو حيان وغيره إذ ذكروا وجوب اقتران جملة (ليس) بالفاء لو كانت جواباً، وذلك إذا عدت شرطية، فإنما جعلت كأسماء الشرط، ومعلوم أن جواب الشرط لاسم الشرط يقترن بالفاء وفي جواز حذف الفاء أقوال، فمنهم من جوز ذلك في الضرورة، كما نقل ذلك السيوطي، ومنهم من منع الحذف مطلقا كالمبرد، والرأي الثالث القائل بجواز حذفها بضرورة ويمتنع في السعة ونسب إلى سيبويه. وتجب هنا الإشارة إلى أن ضرورة اقتران الفاء في جواب الشرط إنما في حالة واحدة وهو كون الجواب لا يصلح فعلاً للشرط، كأن يكون جملة اسمية أو فعلية فعلها طلبي أو فعلها غير متصرف أو لكونه مقروناً بحرف تنفيس أو بـ (لن) أو (قد) لفظاً أو تقديراً (). ويمتنع اقترانها بالفاء فيما سوى ذلك، إلا إن كان الجواب للشرطية مجروراً أو معه (إلا) جاز الحذف والإثبات.

من هنا يتبين أن (إذا) إن عدت كأسماء الشرط لزمها ما يلزم أسماء الشرط فلما كانت (ليس) فعلاً جامداً ولم يقترن بالفاء لم يجز أن تكون جواباً لـ (إذا). تعقب أبو حيان ما قاله الزمخشري والفخر الرازي من أنها انتصبت بـ (ليس) كقولك: (يوم الجمعة ليس لي شغل)، فقال: إن هذا الرأي لا يذهب إليه نحوي، وقد عد (ليس) مثل (ما) و (ما) لا تعمل في الظرف، فكذلك (ليس)؛ لأن ليس مسلوبة الدلالة على الحدث والزمن، والقول إنها فعل على سبيل المجاز؛ لأن حد الفعل لا ينطبق عليها، والعامل في الظرف هو ما يقع فيه من الحدث، فلما كانت (ليس) مسلوبة الدلالة على الحدث فلا عمل لها بالظرف. وردت دعواه هذه (أي: عدم عمل ما) بأنهم صرحوا بجواز تعلق الظرف بها لتأويلها بـ (انتفى) وأنه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير