[النسب واسم المفعول!!]
ـ[بدر الخرعان]ــــــــ[23 - 03 - 2009, 03:35 م]ـ
:::
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
جرى خلاف آلمنسوب إليه يعمل عمل الصفة المشبهة أم يعمل عمل اسم المفعول؟!
الحقيقة أن المعنى معنى اسم المفعول فأنا إذا قلت: علي قريشيٌّ فكأني قلت نُسِبَ عليٌّ إلى قريش من الفعل نَسَب. فـ (علي) يعرب نائب فاعل لا فاعلاً.
وربما يقال أيضا إن الصفة المشبهة ترفع فاعلا لفظا ومعنى فكيف نقول إن المنسوب إليه يشبه الصفة المشبهة في العمل؟!
نقول: إن المراد بالشبه هنا العمل؛ لأن الأصل فيهما الجمود؛ لا العمل كما أن المراد بالتشبيه في الصفة المشبهة شبهها باسم الفاعل حين العمل برفع فاعل وبعض أحكامه ولو أخذت جميع أحكامه لأصبحت اسم فاعل.
فالمنسوب إليه الحقيقة أنه شابه اسم المفعول في عمله وأخذ بعض الأحكام كما في الصفة المشبهة وأخْذها بعض أحكام الفاعل.
فكلا الاسمين يجتمعان في الدلالة على الدوام والثبوت؛ النسب، الصفة المشبهة.
أيضاً ربما يقال إن اصطلاح (الصفة المشبهة) يصح أن يطلق على المنسوب إليه؛ لأن عمله يشبه عمل اسم المفعول. هذا إذا كان الفعل المقدر (نُسِبَ) ..
والرد على هذا الكلام المخالف لعلمائنا الأسبقين في شيئين؛ أولهما: أن الفعل المقدر ليس (نُسِب) بل (انْتَسَبَ) كما في المثال السابق نقول: انتسب عليٌ إلى قريش. ثانيهما: وهو تفسير للأول أن الفعل المطاوع سابق للفعل المبني للمفعول بمراحل. وهذا ما يقبله العقل والمنطق وتفسير بعض الظواهر اللغوية؛ فنحْو قولنا: كسر زيدٌ، (يليه) انكسر زجاجٌ، لاحظ أن كلايهما فاعلان مرفوعان بمعنى أن الرفع سابق النصب أو الفتح في الأسماء المعربة؛ بعدها قلنا: كَسر زيدٌ زجاجاً بعد تطور اللغة قلنا: كُسر زجاجٌ. وهذا التفسير قد يكون خطأً أو صواباً؛ لكنه قريب من المنطق ومن الممكن تأريخ بعض الظواهر من خلال التتبع لبعض الأوضاع.
وهذا يؤكد ما ذهب إليه إمام النحاة سيبويه –رحمه الله- أن عمل المنسوب إليه يجري مجرى الصفة المشبهة وهو الحق. والله أعلم ....
وشكرا لكم
ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[23 - 03 - 2009, 05:47 م]ـ
أخي الحبيب بدر الخرعان وفقك الله ورعاك وأيدك
تعجبني مداخلاتك وتعليقاتك وما تتصف به من ذهن متطلع وتفكير متأمل.
أما المنسوب فلا جدال أنه غير مشتق من فعل وإنما صار صفة لما اكتسب من أحكام الصفات. وبتأمل دلالته نجده يدل على الذات وعلى الاتصاف بالنسبة المستفادة من المنسوب إليه، وهذه النسبة صارت صفة ثابتة له كالصفات اللازمة التي وضعت لها الصفات المشبهة باسم الفاعل كالطول والقصر وغيرهما. فمعنى قرشيّ كائن من قريش أو منتم إلى قريش أو منتسب إلى قريش. وأما القول بأنه منسوب إلى قريش فلا أراه ملائمًا لما فيه من لبس؛ إذ كأنه منسوب إليهم وهو ليس منهم، ومحمول عليهم وهو خارج عنهم. وليس هذا المراد بقرشي إذ المراد واحد من قريش. لأن قريش اسم جنس جمعي واحده يكون بياء النسب. وفرق عندي أن يكون المرء منتسبًا وأن يكون منسوبًا. والله أعلم
ـ[د. أبو أسامة السامرائي]ــــــــ[23 - 03 - 2009, 06:55 م]ـ
الاستاذ الفاضل بدر السلام عليكم
الفعل المبني للمفعول له اغراض أهمها الجهل بالفاعل أو على أقل تقدير إدعاء الجعل به
فعلى ذلك يكون من غير المقبول ذوقيا جعل المنتسب لقبيلة ما تحت طائلة هذا المعنى
لذا أنا أؤيد ما ذهب إليه أستاذنا الفاضل أبو أوس
ـ[بدر الخرعان]ــــــــ[23 - 03 - 2009, 07:42 م]ـ
أستاذنا المفضال الدكتور أبا أوس حفظه الله
جزاكم الله خيرا عنا خير الجزاء لما تقومون به فالله أسأل أن يجعلها في موازين حسناتكم ...
قد كان بعض التعابير غير موفقة فأنتم تقوِّمون المعوج فهذا فضل نرجو من الله أن يجعلها في صحائفكم، نعم بوركتم أردت بالجمود هنا دلالتها على الثبوت غالباً كما هي الأسماء .. وربما يكون التفسير أن الأصل فيها الجمود لاشتقاقها من المصدر المشتق منه الفعل .. ورأيكم الذي ترونه هو الحق أن المراد انتسب أو انتمى أو اعتزى .. وهذا ما ظهر بعدُ .. لكن ما رأيكم أن الأفعال المطاوعة سابقة المفعول به زمنيا أي أن ركني الإسناد في الأفعال سابقان متعلقاتهما وقيودهما زمنيا. والتفسير أن اللغة تراكمية منطقية حتى بلغت أوجها ونضوجها فنزل قرآننا ودستورنا معجِزا ومعلِّما ..
أي أن الأفعال كانت لازمة فترة من الفترات ثم تطورت فجاء المفعول به منصوباً فبعض الأفعال صح تعديته بنفسه وبعضها بزيادة وهكذا دواليك ... وزيادة بنية الأفعال كانت مستساغة. وهذه ربما تفسر بعض الظواهر اللغة من خلال التتبع الزمني والرأي يشمل أي منتدٍ. والله الموفق لما فيه خير
ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[23 - 03 - 2009, 08:20 م]ـ
من الصعب التتبع الزمني، وقد ورثنا لغتنا في قمة تطورها وما من وثائق يركن إليها قبل العصر الجاهلي. وأما القول بأن الأفعال الزمة سابقة على المتعدية فليس من دليل على سبقه الزمني؛ لأن اللغة وسيلة تواصل بين أهلها ومن الطبيعي أن تعبر الأفعال عن الفاعل وهذا بالفعل اللازم كما تعبر عن علاقة الفاعل بمحيطه وهذا بالفعل المتعدي، ولكن من حيث التركيب يمكن أن تقول إن الأفعال تسند إلى الفاعلين إسنادًا مطلقًا للتعبير عن إتيانه الفعل ثم يجري تقييدها حسب الحاجة بذكر المفعولات أو الأزمنة والأحوال والعلل وبيان مبتدأ الغاية ومنتهاها وغيرها من الدلالات الفرعية.
بوركت وبوكت أفكارك الداعية للتأمل.