[استفسار بارك الله فيكم]
ـ[محمد الغزالي]ــــــــ[03 - 06 - 2010, 08:24 م]ـ
السلام عليكم:
قال الأزهري في كتابه موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب:
(ما) تأتي على ضربين: اسمية, وحرفية:
فالضرب الأول: الاسمية، وهي الأشرف، (وأوجهها سبعة):
أحدها: (معرفة تامة)، فلا تحتاج إلى شيء وهي ضربان: عامة وخاصة.
فالعامة هي التي لم يتقدمها اسم تكون هي وعاملها صفة له في المعنى نحو قوله تعالى: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي} فما فاعل نعم، معناها الشيء. (وهي) ضمير الصدقات على تقدير مضاف محذوف دل عليه تبدو أو هو المخصوص بالمدح، (أي: فنعم الشيء إبداؤها).
والخاصة هي التي يتقدمها اسم تكون هي وعاملها صفة له في المعنى، ويقدر من لفظ ذلك الاسم المتقدم نحو، (غسلته غسلا نعما)، ودققته دقا نعما. أي: نعم الغسل، ونعم الدق.
والثاني: (معرفة ناقصة، وهي الموصولة) وتحتاج إلى صلة وعائد نحو قوله تعالى: {ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة} فما موصول اسمي في محل رفع على الابتداء وعند صلته، وخير خبره (أي: الذي عند الله خير).
والثالث: (شرطية) زمانية وغير زمانية فالأولى: نحو قوله تعالى: {فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم} أي: استقيموا لهم مدة استقامتهم لكم. والثانية: نحو قوله تعالى: {وما تفعلوا من خير يعلمه الله}
والرابع: (الاستفهامية) نحو قوله تعالى: {وما تلك بيمنك يا موسى} ويجب في الاستفهامية (حذف ألفها إذا كانت مجرورة نحو) قوله تعالى: {عم يتساءلون} {فناظرة بم يرجع المرسلون} الأصل عن ما وبما فحذفت الألف فرقا بين الاستفهامية والخبرية.
وسمع إثباتها على الأصل نثرا وشعرا، فالنثر كقراءة عيسى وعكرمة {عما يتساءلون} بإثبات الألف. والشعر كقول حسان رضي الله عنه:
على ما قام يشتمني لئيم = كخنزير تمرغ في دمان
فالدمان كالرماد وزنا ومعنى، إلا أن حذف الألف هو الأجود وإثباتها لا يكاد يوجد، (ولهذا) أي ولأجل أن ما الاستفهامية تحذف ألفها إذا جرت (رد الكسائي على المفسريين قولهم في) قوله تعالى: {بما غفر لي ربي} (إنها استفهامية) وجه الرد أن نفي اللازم يستلزم نفي الملزوم، وكون ما الاستفهامية مدخول حرف الجر ملزوم لحذف الألف، وحذف الألف لازم، فإذا ثبتت الألف فقد انتفى اللازم. وإذا انتفى اللازم، وهو حذف الألف، انتفى الملزوم، وهو كون ما استفهامية. وإذا انتفى كون ما استفهامية ثبت نقيضه، وهو كونها غير استفهامية، وجوابه يؤخذ مما تقدم.
قال في (الكشاف) ويحتمل أن تكون (ما) استفهامية، أعني بأي شيء غفر لي ربي فطرح الألف أجود وإن كان إثباتها جائز. يقال: قد علمت بما صنعت هذا وبم صنعت انتهى.
وعلى وجوب حذف الألف (إنما جاز) إثبات الألف في (لماذا فعلت؟ لأن ألفها صارت حشوا بالتركيب مع (ذا) وصيرورتها كالكلمة الواحدة، فأشبهت (ما) الاستفهامية في حال تركيبها مع (ذا) (الموصولة) في وقوع ألفها حشوا لصيرورة الموصول مع صلته كالشيء الواحد.
والخامس: (نكرة تامة) غير محتاجة إلى صفة، (وذلك) واقع (في ثلاثة مواضع في كل منها خلاف) يذكر (أحدها) الواقعة في باب نعم وبئس، إذا وقع بعدها اسم أو فعل، فالأول نحو قوله: {فنعما هي} والثاني: كقولك: (نعم ما صنعت) فما في المثالين نكرة تامة منصوبة المحل على التمييز للضمير المستتر في (نعم) المرفوع على الفاعلية. والمخصوص بالمدح في المثال الأول المذكور (أي: نعم شيئا هي) وفي المثال الثاني محذوف، والفعل والفاعل صفته، أي: (نعم شيئا شيء صنعته). والخلاف في الأول ثلاثة أقوال وفي الثاني عشرة أقوال أتركها خوف الإطالة.
السؤال: ما الفرق بين المثالين المخطوطين بالأحمر
ـ[علي المعشي]ــــــــ[03 - 06 - 2010, 10:21 م]ـ
مرحبا أخي محمدا
الشاهد واحد في الموضعين وهو قوله تعالى: (إن تبدوا الصدقات فنعما هي)، ولكن النحاة مختلفون في (ما) في مثل هذا الموضع وذلك على أقوال يهمنا منها هنا قولان: أحدهما أنها معرفة تامة بمعنى (الشيء) والآخر أنها نكرة تامة بمعنى (شيء).
ولما كان النحاة مختلفين فيها في مثل هذا الموضع استشهد الأزهري بالآية في موضعين:
الأول: على رأي من يرى (ما) هنا معرفة تامة بمعنى (الشيء) والتقدير (فنعم الشيء هي) فتكون (ما) فاعلا لـ (نعم) ويكون الضمير (هي) في محل رفع مبتدأ والجملة قبله خبره.
الثاني: على رأي من يرى (ما) نكرة تامة بمعنى (شيء) والتقدير (فنعم شيئا هي) فتكون (ما) في محل نصب تمييزا لفاعل (نعم) المستتر، ويكون الضمير (هي) في محل رفع مبتدأ والجملة من نعم وفاعلها المستتر خبر المبتدأ.
ملحوظة: يرى بعضهم أن الضمير (هي) في الآية قائم مقام مضاف محذوف وأصل التقدير عندهم (إبداؤها)، فلما حذف المضاف (إبداء) انفصل الضمير فصار (هي) وأقيم مقام المضاف المحذوف فكان في محل رفع على الابتداء، وإنما قالوا هذا لأن المخصوص بالمدح في سياق الآية إنما هو إبداء الصدقات.
تحياتي ومودتي.