تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[01 - 04 - 2008, 05:46 م]ـ

دخولهم المرة الثانية:

قال: فلما بلغوا مصر ودخلوا على يوسف قربهم، ونظر إلى أخيه بنيامين وأدناه وأجلسه بين يديه.

قال الله تعالى: " ولام دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه ".

ثم قال له: أرى كل واحد من هؤلاء مع أخيه، فما بالك منفرداً? فقال: أيها العزيز، كان لي أخ، ولا أدري ما أصابه، غير أنه خرج مع هؤلاء الإخوة إلى الغنم، فذكروا أن الذئب أكله، وردوا قميصه هذا الذي علي وهو ملطخ بالدم.

فقال لهم يوسف: يا أولاد يعقوب، إن فيكم من يصيح بالأسد فيخر ميتاً ومن يأخذ برجل الذئب فيشقه اثنين، وفيكم من يقتلع الشجرة من أصلها، وفيكم من يعدو مع الفرس فيسبقه.

قالوا: نعم أيها العزيز. فقال: سوءة لكم ولقوتكم إذ يعدو الذئب على أخيكم فيأكله. فقالوا: إذا جاء القضاء ذهبت القوى.

فسكت يوسف، ثم أمر لهم بخمس موائد، وأمر كل اثنين منهم أن يجلسا على مائدة؛ ثم وضعت أخرى بين يدي بنيامين، فبكى؛ فقال له: ما يبكيك? قال: أيها العزيز، إخوتي يأكلون كل واحد مع أخيه، وأنا وحدي، ولو كان أخي يوسف باقياً أكل معي.

فقال يوسف: يا فتى، أنا لك كالأخ. ثم نزل عن السرير وأكل معه.

فلما فرغوا من الأكل جعل يوسف يسألهم عن أرض كنعان وهم يخبرونه.

ثم خرج صبي من القصر يتثنى، فنظر إليه بنيامين وبكى؛ فقال له يوسف: مم بكيت? قال: هذا الصبي يشبه أخي يوسف، فبكيت لأجله.

فقال يوسف: هل فيكم من حزن على يوسف? قالوا: نعم، كلنا حزنا عليه وبنيامين أشد منا حزناً.

ثم قال: فما الذي حملتم من البضاعة? قالوا: لم نحمل شيئاً، لأنه لم يكن لنا شيء، غير أنا رددنا عليك البضاعة التي وجدناها في رحالنا، لأنها ثمن الطعام الذي حملناه من عندك.

فأمر أن يعطوا من الطعام ما تحمله إبلهم، وأمر غلمانه أن يجعلوا الصواع في رحل بنيامين؛ فكانوا يكيلون وإخوة يوسف يخيطون الأعدال، حتى فرغوا.

ورحل إخوة يوسف وهم لا يشعرون بالصواع.

وقال الثعلبي: كانت السقاية مشربة يشرب فيها الملك، وكانت كأساً من ذهب مكللة بالجوهر، جعلها يوسف مكيالاً يكال بها.

قال الله تعالى: " فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون، قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون، قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم، قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين، قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين، قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين ".

فعند ذلك أمر يوسف أن تفتش رحالهم. قال الله تعالى: " فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله " الآية.

قال: فلما نظروا ذلك ضربوا بأيديهم على جباههم، وقالوا: ثكلتك أمك فضحتنا يا بنيامين. قال: إني لم أفعل ذلك. قالوا: من وضعه في رحلك? قال: الذي جعل البضاعة في رحالكم. فسكتوا، ثم قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكاناً والله أعلم بما تصفون.

قال الثعلبي: واختلف العلماء في السرقة التي وصف بها يوسف، فقال سعيد وقتادة: سرق يوسف صنماً لجده أبي أمه وكان من ذهب، فكسره وألقاه في الطريق.

وقال ابن جريج: أمرته أمه - وكانت مسلمة - أن يسرق صنماً لخاله كان يعبده.

وقال مجاهد: جاء سائل يوماً، فسرق يوسف بيضة من البيت.

وقال ابن عيينة: كان يخبأ الطعام من المائدة للفقراء.

وقال الضحاك وغيره: كان أول ما دخل على يوسف من البلاء أن عمته بنت إسحاق كانت أكبر ولد إسحاق، وكانت لها منطقة إسحاق، وكانوا يتوارثونها بالكبر، وكانت راحيل أم يوسف قد ماتت، فحضنته عمته وأحبته حباً شديداً فكانت لا تصبر عنه؛ فلما ترعرع وبلغ سنيات وقع حبه في قلب يعقوب؛ فأتاها وقال: يا أختاه سلمى إلي يوسف، فوالله ما أصبر عنه ساعة واحدة. فقالت: ما أنا بتاركته.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير