(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) هذا لأنه من عباده (الْمُخْلَصِينَ) وإعانة الله و مدده لعباده الصالحين لا تأتي إلا بعد نفاد طاقاتهم (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) (11) ولماذا لا يكون معه في هذه المحنة وطبيعي من حيث كونه بشر مثلنا كان يعاني و أَوشك على الاستسلام مع عدم الرضاء!
فما هو البرهان الذي نجابه يوسف عليه السلام وأشار إليه بقوله كذلك؟
بداية نقر حقيقة لا خلاف حولها، وهي انه لا احد من خلق الله شهد هيئة البرهان سوى يوسف، ولا احد من أهل التفسير فسر معنى البرهان التفسير الصحيح الذي يمكن الاستدلال به على المعنى الصحيح وكل ما قيل في الموضوع من المفسرين ما هو إلا اجتهادات أتت من خلال الفهم المختلط ببعض التكهنات البشرية، التي تحاول الخروج بتأويل معقول يقبله العقل لكلمة (برهان) و يتناسب مع فهمهم لكلمة (هم بها) وهذه من حسنات العقل أن يدلى كل عاقل بفهمه ومن سيئات العقل أن نقف عند قول عالم من العلماء قال رأيه حسب فهمه في موضوع اختلف فيه جمعٌ من أهل اللغة و المفسرين ونجعل قوله مقدس كـ قول الله أو رسوله، بشرط إن نلتزم الورع في حق أنبياء الله ورسله.
إن كلمة رأى البصرية لا تأتي في كتاب الله إلا وهي تشير إلى أول ما يدخل الشيء المنظور في مجال البصر، فقال عن يوسف رأى وربط رأى بالبرهان و يعني الرؤية الخارقة، لاختراق البصر للحواجز والبرهان آية بينة من حيث الدليل المعجز و نفسها مبينة لطريقة الفعل والنتائج يعنى أنها تحمل الصفتان و شرحنا هذا في بحث التفريق بين الإرادة والمشيئة و قلنا كتاب الله برهان لماذا لان آياته بينات يعنى أنها معجزة ونفسها مبينات دالة على طريقة الفعل و النتائج وذلك عندما فسرنا قول الله تعالى (وَكذلكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ) [الحج: 16] وقوله تعالى (لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [النور: 46]
أن يوسف رأى مكان وجود ربه العزيز بقدرة خارقة وهذه الآية (البينة) و نفسها المبينة للفعل الذي ترتب عليها نسق تسلسل القصة.
جاء مباشرة بعد قوله رأى برهان ربه، تلاها الفعل الممتد من السبب رأى ربه بقوله واستبقا الباب ضَمّنَ الفعل معنى المبادرة فر منها ليخرج وجاء بعده الباب معرف بالألف واللام وتعرف بما سبقه أي رأى برهان ربه لأنه جاء ذكر الأبواب قبلها بالجمع عند غلقها من امرأة العزيز (وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ)، ولو لم يكن الباب معرف بالبينة المبينة بقوله رأى برهان ربه لجاء (واستبقا باب) إذا كان الهروب منها عشوائي، وقال ألفيا سيدها إشارة إلى امرأة العزيز وحدها ولم يقول سيدهما لأن يوسف تعرف بالبينة على مكان وجود العزيز بقوله (رأى برهان ربه) وجاء بكلمة ألفيا الدالة على الفترة الزمنية لوجود العزيز أمام الباب والتي تدل على قوله تعالى (رأى برهان ربه)؛
وعنصر المفاجئ حدث مع امرأة العزيز عند فتح الباب لعدم علمها بوجود سيدها لدى الباب فقالت (مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءاً إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) مع أن يوسف هو الذي فتح الباب وهو الذي كان يطلب النجدة ولو أنها قالت ما قالته للعزيز ما كان فاضحها يوسف أمامه وهذا من طبع يوسف مع جميع من أساء إليه فهو الكريم ابن الكريم ابن الكريم.
والله ورسوله اعلم وأخيراً أختم بقول الله عز وجل (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ)
وقوله عز وجل (كُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) (20)
فكانت قصصهم تثبيت لفؤاد النبي عليه الصلاة والسلام وجاءك في هذه الحق تصحيح لما ألحقوه برسل الله من افتراء وكذب عليهم و تدنيس، وموعظة للنصح وذكرى للمؤمنين (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (21)
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبد الله الزنتاني
ليبيا/ الزنتان
Ayyoobabdulla***********
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[27 - 10 - 2009, 03:00 ص]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
ما رأيك أخي الكريم في قول القراء حين قالوا بالوقف بعد همت به
الوقف عند النقط الثلاث هكذا (ولقد همت به ... وهم بها لولا أن رأى برهان ربه)
ليصبح المعنى لولا أن رأى برهان ربه لهم بها
فلم يقع الهم أصلا من يوسف عليه السلام لأن لولا حرف امتناع لوجود تقدم جوابها عليها
كما تقول (سقط زيد لولا أن أمسكه أخوه)
ألا ترى أن الآية ختمت بقوله تعالى (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين) يوسف 24
ولماذا لا يكون معه في هذه المحنة وطبيعي من حيث كونه بشر مثلنا كان يعاني و أَوشك على الاستسلام مع عدم الرضاء!
في الحقيقة لا أتجرأ أن أقول على نبي الله أنه قد همّ بالفاحشة والعياذ بالله حتى مع عدم رضاه بها.
ملاحظة: لديك أخطاء نحوية وإملائية كثيرة فاعتن بهذا الجانب وأوله اهتمامك.
¥