تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فطرها الله، عز وجل، على التوحيد، فجاء الوحي مقررا لتلك الفطرة مزكيا لها باسطا لمسائلها مدللا لها بالبرهان العقلي الصريح الجازم.

فغالب المهتمين بالعلوم الإسلامية ليسوا بحاجة إلى دراسة المنطق فضلا عن تقديمه وجعله الحاكم على نصوص الشرع، وادعاء مسيس الحاجة إليه في معرض جدال الأمم الأخرى، مع أن الصدر الأول لم يحتاجوا إليه في جدال الأمم الأخرى، ادعاء مبالغ فيه فقد استعمل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من البراهين العقلية في معرض جدال وفد نصارى نجران ما أقام به الحجة عليهم لما ألزمهم بطروء عوارض النقص البشري من حمل وولادة وغذاء وحدث ونوم ....... إلخ على المسيح عليه السلام فذلك مما لا ينكره المخالف، وتلك معان يتنزه عنها الباري، عز وجل، بداهة، فثبت بطلان ألوهية المسيح عليه السلام بمنطوق الخصم الذي أقر بطروء أوصاف النقص البشري عليه، فانتهى الأمر!، ثم جاء القياس على آدم عليه السلام من باب الإلزام، فإن جاز الاحتجاج بالميلاد المعجز من امرأة بلا رجل، فالإيجاد المعجز من الطين غير الحي ابتداء، أقوى دلالة، إذ تولد الحياة الحساسة المتحركة من غير الحي أعظم إعجازا من تولدها من الحي ولو بلا زواج فيكون آدم عليه السلام الأحق بالإلهية من المسيح عليه السلام من باب التنزل مع الخصم وتلك حجة عقلية، استعمل فيها قياس الأولى في معرض إعجاز الخصم، لم تستغرق أكثر من سطر واحد من الكتاب المنزل: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) مع ما فيها من معان يمكن إطناب القول فيها في صفحات، فلم يحتج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى حدود المناطقة وتشقيقاتهم العقلية المعقدة مع أنه كان يخاطب قوما أهل كتاب عندهم من العلم ما ليس عند العرب الوثنيين.

فضلا عن تمجيد من نقل ذلك العلم من لسان اليونان إلى لسان الإسلام، واعتباره من جند الرسالة الذين ذبوا عنها غائلة أصحاب الشبهات من الأمم الأخرى، كما يقول بعض المتخصصين المتأثرين بالمنهج العقلي الاعتزالي، مع أن تاريخ المقالات الإسلامية الحادثة من تجهم وقدر واعتزال ....... إلخ شاهد بأصولها الأجنبية التي حملها أولئك الذابون عن الرسالة عمن كانوا ينازلونهم من أعدائها في ساحات الجدال العقلي العقيم دون أن يتسلحوا بالوحي لكبر في نفوسهم تجده عند أغلب دعاة العقلانية والتجديد ....... إلخ من مفكري زماننا، فهم عند التحقيق الذين أدخلوا على البنيان العقدي لأمة الإسلام ما أضعفه فحملوا العدوى من الديانات المحرفة والفلسفات الوثنية ونقلوها إلى المسلمين، ووصلت عدواهم إلى السلطان زمن المأمون العباسي، غفر الله له، فكان ما كان من فتنة خلق القرآن التي امتحنت بها الأمة بأكملها في شخص الإمام المبجل والرئيس المقدم: أحمد بن حنبل، رحمه الله، وهي المحنة التي يقول عنها بعض الباحثين المعاصرين بأنها كانت: حادثة فردية!، لا يقاس عليها فليس كل المعتزلة على ذلك النمط المتطرف بل تلك فئة ضالة متطرفة!، مع أن ما قرروه من أصول الاعتزال الخمسة هو محور الفكر الاعتزالي عموما على زيادات اختصت بها كل طائفة منهم على حد قوله تعالى: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا).

وبلغ الغلو بآخرين إلى ادعاء أن أرباب المقالات الحادثة هم الذين أنقذوا الفكر الإسلامي من المأزق الذي وقع فيه بعد انتهاء الفتوحات الإسلامية، إذ اكتشف الفاتحون فجأة! أنهم انتحلوا دينا بلا براهين عقلية تقام بها الحجة على أصحاب العقول الصريحة، فطريقتهم الأسلم كما يدعي الخلف المقصرون في العلم والعمل أصحاب مقالة: طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم، فطريقة السلف: طريقة العجائز اللاتي لم يعرفن مقررات الفلسفة اليونانية وطريقة الخلف الحيارى باعتراف أساطينهم هي الأعلم والأحكم فكان لزاما عليهم أن يفتشوا في أفنية عقول الأمم الأخرى ليجدوا ضالة أمة الإسلام في فلسفات ومقالات لا تمت للوحي بصلة، فيستعملوها لنصرة الوحي وكسر خصومه!.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير