على سبيل المثال وهو أوصاف معنوية، لا يصح إثباته لعدم الدليل الخبري المثبت له، ولا يصح نفيه لعدم الدليل الخبري النافي ولكونه مما لا يلزم منه نقص، فيتوقف فيه بخلاف ما يلزم نفيه عقلا، وإن لم يرد النص بنفيه تحديدا كسائر عوارض النقص البشري من أكل وشرب ونوم وحدث ........ إلخ وإن كان بعضها قد ورد النص على نفيه تحديدا لرد شبهة أو نحوه على ما تقرر في مسألة النفي المجمل في باب الصفات فهي طريقة التنزيل: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)، ووروده مفصلا في بعض الأحيان درءا لشبهة أو تصور فاسد كما في قوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ)، و: (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ).
فالأصل في النفي أن يكون مجملا، وقد يرد مفصلا في مواضع كـ:
نفي ما ادعاه الكاذبون في حقه تعالى، كقوله عز وجل: (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ)، فـ: "ولد": نكرة في سياق النفي المؤكد بـ: "من" فهي: نص في عموم نفي اتخاذ الله، عز وجل، الولد.
أو: دفع توهم نقص في كماله، عز وجل، كما في قوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ)، فـ: "لغوب" أيضا: نكرة في سياق النفي المؤكد بـ: "من" فهي: نص في عموم نفي اتصاف الله، عز وجل، بالتعب أو الإعياء.
أو: كون الصفة كمالا في حق المخلوق فيتوهم كمالها في حقه تعالى، كما في قوله تعالى: (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ).
فالولد في حق المخلوق: كمال، ولكنه في حق الخالق، عز وجل: نقص، لما فيه من الحاجة والافتقار.
بتصرف يسير من "شرح الرسالة التدمرية" للشيخ الدكتور محمد بن عبد الرحمن الخميس، حفظه الله، ص83.
ومن صور قياس الشول أيضا:
قول المكيف أو المؤول الذي ألزم نفسه بلوازم التكييف الباطلة ابتداء فأول انتهاء، قوله في باب الصفات الإلهية الغيبية:
كل ما قامت به الصفات فهو جسم: فهذه مقدمة صغرى.
و: كل جسم مركب: فهذه مقدمة كبرى.
فتكون النتيجة: كل ما قامت به الصفات فهو مركب، فالتزموا نفي الصفات أو تأويلها فرارا من شبهة التركيب.
وقوله: كل مستو على مخلوق فهو مفتقر إليه، فيلزم مثبت الاستواء من تلك الكلية الجامعة أن الله عز وجل: مفتقر إلى العرش إذ هو مستو عليه، فلزم نفي صفة الاستواء تنزيها للرب جل وعلا.
يقول ابن تيمية، رحمه الله، في معرض الرد على هذا اللازم الباطل الذي تولد من قياس شمول فاسد:
"ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء".
فهو غني عن كل ما سواه وكل ما سواه فقير إليه ولهذا لم يكن ما وصف الله به نفسه مماثلا لصفات المخلوقين كما لم تكن ذاته كذوات المخلوقين فهو مستو على عرشه كما أخبرنا عن نفسه مع غناه عن العرش.
والمخلوق المستوي على السرير أو الفلك أو الدابة لو ذهب ما تحته لسقط لحاجته إليه والله غني عن كل ما سواه وهو الحامل بقدرته للعرش ولحملة العرش". اهـ
"الجواب الصحيح"، (2/ 295، 296).
ويقول في "الرسالة التدمرية":
"ثم قد علم أن الله تعالى خلق العالم بعضه فوق بعض، ولم يجعل عاليه مفتقرًا إلى سافله، فالهواء فوق الأرض، وليس مفتقرًا إلى أن تحمله الأرض والسحاب، أيضًا فوق الأرض وليس مفتقرًا إلى أن تحمله، والسموات فوق الأرض، وليست مفتقرة إلى حمل الأرض لها، فالعلي الأعلى رب كل شيء ومليكه إذا كان فوق جميع خلقه: كيف يجب أن يكون محتاجًا إلى خلقه، أو عرشه؟ أو كيف يستلزم علوه على خلقه هذا الافتقار، وهو ليس بمستلزم في المخلوقات؟ وقد علم أن ما ثبت لمخلوق من الغنى عن غيره، فالخالق سبحانه وتعالى أحق به وأولى". اهـ
¥