تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

" ..... فإن الملك قد ينزل على الولي التابع بالاتباع، وبإفهام ما جاء به النبي مما لم يتحقق هذا الولي بالعلم به، وإن كان متأخرا عنه بالزمان، أعني متأخرا عن زمان وجوده، فقد ينزل عليه بتعريف صحة ما جاء به النبي وسقمه، مما قد وضع عليه، أو توهم أنه صحيح عنه، أو ترك لضعف الراوي وهو صحيح في نفس الأمر، وقد ينزل عليه الملك بالبشرى من الله بأنه من أهل السعادة والفوز وبالأمان ...... ". اهـ

نقلا عن: "علم التوحيد مبادئ ومقدمات"، ص198، 199.

وأذكار الطرق المعاصرة هي نتاج فكري لمرحلة التصوف الفلسفي ففيها من الأذكار التي يلزم قائلها، لولا عذره بالجهل فإنه لا يدري ما يقول، يلزمه المروق من الديانة، وشيوخها إما متلبسون بتلك البدع فيستترون بها، أو هم متأكلون برياساتهم كغالب رءوس الطوائف الخارجة عن ناموس الشريعة، أو هم على حد الأتباع من الجهالة والتقليد لمن ورثوا عنه هذه الرسوم.

والغلو في تناول أي أمر من أمور الديانة علما أو عملا مظنة وقوع الانحراف فإن الإسلام دين متكامل لا يرجح فيه جانب على آخر، إلا في أحوال بعينها لا يقاس عليها غيرها، فإنه قد يغتفر من بعض أهل السلوك أو الرياضة أو العلم أو العمل: ما يقع منهم من نوع غلو، لا لصحته، وإنما لكونه الأصلح لحال أفراد بعينهم، فلو تركوه لاشتغلوا بضده مما يسخط الرب، جل وعلا، فيكون ما هم عليه أفضل من هذا الوجه، وليست تلك الاستثناءات مما يصح تعميمه فهي ضرورات تقدر بقدرها فلا تتجاوز محالها، فالأصل أن أي غلو في باب من أبواب الديانة يتولد عنه لا محالة انحراف، وغالبا ما يكون التلازم بين الانحراف في العلم الذي به يكون التصور، والعمل الذي يصدر عنه صدور المعلول من علته فهو الحكم الخارجي المصدق له، فمن غلا في قيم الزهد من ذكر وخلوة ومارس الرياضات الجسمانية والذهنية برسم التعذيب للنفس بقهر شهواتها بل قتلها إن استطاع إلى ذلك سبيلا فذلك مؤد به إلى أجناس من الأقوال والأحوال المخالفة للشريعة، بل ربما استدرجه الشيطان إن كان ضعيف العقل قليل العلم، فأورده المهالك برسم الكرامات والخوارق، فطلب ما ليس له من المراتب العلمية من حدس يربو على قوة العقل، وهو ما حدوا به النبوة دون التفات لمعنى الاصطفاء، فجوزوا اكتسابها، وجعلوا الخلوة طريقا إلى ذلك كما قد تواتر من أحوال أصحاب الخلوات على غير رسم الشريعة، فإن الخلوة بالنفس للعبادة أو الذكر أو المحاسبة أمر مشروع، وفي حديث أبي أمامة، رضي الله عنه، مرفوعا: "ينبغي للعاقل إذا كان عاقلا أن يكون له من النهار أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه جل جلاله، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يأتي فيها أهل العلم الذين يبصرونه أمر دينه وينصحونه، وساعة يخلي فيها بين نفسه ولذتها من أمر الدنيا فيما يحل ويجمل، وينبغي أن لا يكون شاخصا إلا في ثلاث: مرمة لمعاش، أو خلوة لمعاد، أو لذة في غير محرم"، ولكن الإفراط في ذلك مظنة الانحراف بالانقطاع عن الجمع والجماعات واعتزال الناس على غير رسم الشرع، فالعزلة آخر الدواء فلا يصار إليه ابتداء، إذ ليست كل فتنة موجبة له، يقول ابن تيمية رحمه الله:

"وَالِاعْتِكَافُ الشَّرْعِيُّ فِي الْمَسَاجِدِ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ الشَّرْعِيَّةِ. وَأَمَّا الْخَلَوَاتُ فَبَعْضُهُمْ يَحْتَجُّ فِيهَا بِتَحَنُّثِهِ بِغَارِ حِرَاءٍ قَبْلَ الْوَحْيِ وَهَذَا خَطَأٌ؛ فَإِنَّ مَا فَعَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ إنْ كَانَ قَدْ شَرَعَهُ بَعْدَ النُّبُوَّةِ فَنَحْنُ مَأْمُورُونَ بِاتِّبَاعِهِ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا. وَهُوَ مِنْ حِينِ نَبَّأَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَصْعَدْ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى غَارِ حِرَاءٍ وَلَا خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ. وَقَدْ أَقَامَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَدَخَلَ مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَعَامَ الْفَتْحِ أَقَامَ بِهَا قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً وَأَتَاهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ؛ وَأَقَامَ بِهَا أَرْبَعَ لَيَالٍ وَغَارُ حِرَاءٍ قَرِيبٌ مِنْهُ وَلَمْ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير