تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى و: "الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ وَيَرُدُّ مُشِدُّهُمْ عَلَى مُضْعِفِهِمْ وَمُتَسَرِّيهِمْ عَلَى قَاعِدِهِمْ وينهاهم عن كل ما يوجب فساد ذات البين: "ما بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ و: "لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا يَبِعْ أَحَدُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ حَسْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ فالمسلم على حد القصر بتعريف الجزأين أخو المسلم فذلك إجمال ذيل بتفصيله: "لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ" فالنفي إخبار أريد به الإنشاء إمعانا في التوكيد، ويأمرهم بالتلطف مع الأهل: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي"، فتلك من الأخلاق المنزلية، ويأمرهم بالعدل في السلم والحرب: "اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تُقَاتِلُونَ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ لَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تُمَثِّلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَقُلْ ذَلِكَ لِجُيُوشِكَ وَسَرَايَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ" فتلك من الأخلاق الحربية، وينزل الناس منازلهم وإن كانوا كفارا، فيكاتبهم برسم التقدم والرياسة، فـ: "مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ"، فعظيم كل أمة مقدمها، فذلك من الأخلاق السياسية، وتعرض عليه مرتبة النبوة والملك فيؤثر مرتبة: العبد الرسول، ويشبع حينا ويجوع حينا، وينام على الحصير حتى يؤثر في جنبه الشريف، ولسان مقاله: "مَا لِي وَمَا لِلدُّنْيَا مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا"، ويضرب المثل بنفسه فلا تكون شدة إلا كان أول من يكابدها فيربط على بطنه الشريف حجرين، وكلٌ قد ربط واحدا، وأخلاقه، مع ذلك، أخلاق عملية مثمرة، فليست قيما كلية مجردة على حد ما اطرد من البحث الفلسفي في الكليات المجردة فهي أخلاق فعالة في الخارج، لا تحلق في سماء الجمهورية أو المدينة الفاضلة، بل تتعاطى مع الواقع تهذيبا لا مداهنة، فتمارس من أجناس المدافعة لصور الفساد الأخلاقي ما لا تمارسة مقررات الفلاسفة النظرية التي غايتها أن تكون قيما كلية عامة لم تتخط حيز الخيال لتصير واقعا ملموسا فلا أثر لها إلا في وجدان صاحبها إذ لم تتخطه فضلا عن كونها ردود أفعال لانحرافات الجماعة المفرطة في تعاطي الشهوات الحسية فقابلها أولئك بتقريرات بالغت في التجريد والمثالية فقوبل جنس الإفراط في تعاطي الماديات بجنس الإفراط في تقرير المعنويات المجردة فضلا عن افتقار أصحاب هذه المناهج إلى تأييد الوحي فليسوا أنبياء، وليس لهم من تركة النبوات نصيب فغايتهم أن يصيبوا تارة ويخطئوا تارات، والبحث الأخلاقي: بحث شرعي لا تتلقى مادته إلا من الوحي، وإلا لو ترك ذلك لآحاد البشر، فإن عقولهم تتفاوت في تقييم الأفعال حسنا وقبحا، وهو ما أدى في مراحل متأخرة إلى ظهور نظريات تعتبر الأخلاق كسائر الطبيعيات أمورا نسبية فليس فيها حسن وقبح لذاتها يدركه العقل، بل هي مما يتأثر بالعوامل الخارجية اقتصادية كما في نظريات ماركس وإنجلز، أو اجتماعية كما في نظربة دوركاييم، أو بيولوجية كما في نظرية فرويد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير