تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الرب، جل وعلا، بنفس الحجة الفاسدة! فانتصارهم لأنفسهم أعظم من انتصارهم لربهم عز وجل!)، ويبقى أحدهم مع طبعة وذوقه وهواه ينكر ما يكره ذوقه دون ما لا يكره ذوقه وينسلخون عن دين الله وربما دخل أحدهم في الاتحاد والحلول المطلق ومنهم من يحض الحلول أو الاتحاد ببعض المخلوقات كالمسيح أو علي بن أبي طالب أو غيرهما من المشايخ والملوك والمردان فيقولون بحلوله في الصور الجميلة ويعبدونها.

ومنهم من لا يرى ذلك لكن يتدين يحب الصور الجميلة من النساء الأجانب والمردان وغير ذلك ويرى هذا من الجمال الذي يحبه الله ويحبه هو ويلبس المحبة الطبيعية المحرمة بالمحبة الدينية ويجعل ما حرمه الله مما يقرب إليه: (وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء) ". اهـ

بتصرف من: "الاستقامة"، ص302، 303.

ويقول في موضع تال:

"ولهذا لم يأمر الله ولا رسوله ولا أهل العلم والإيمان بعشق الصور الجميلة ولا أثنوا على ما كان كذلك وكذلك العقلاء من جميع الأمم ولكن طائفة من المتفلسفة والمتصوفة تأمر بذلك وتثني عليه لما فيه زعموا من إصلاح النفس ورياضتها وتهذيب الأخلاق واكتساب الصفات المحمودة من السماحة والشجاعة والعلم والفصاحة والاختيال ونحو ذلك من الأمور حتى أن طائفة من فلاسفة الروم والفرس ومن اتبعهم من العرب تأمر به وكذلك طائفة من المتصوفة حتى يقول أحدهم: ينبغي للمريد أن يتخذ له صورة يجتمع قلبه عليها ثم ينتقل منها إلى الله!، (وتلك بوابة الحلول والاتحاد وهي من جنس قول بعض غلاة أهل الطريق لأتباعه: إذا دعوت الله، عز وجل، فتأمل في صورتي لتكون وسيطا بينك وبين الرب، جل وعلا، بمنزلة الوسيط الروحي فإن لم تكن أمامك صورتي فلتستحضرها بقلبك حال الدعاء! وذلك من الغلو بمكان فضلا عن مضادته للأمر بالدعاء المباشر بلا وسائط بين الرب، عز وجل، والعبد فذلك جوهر الرسالة الخاتمة: تخليص التوحيد علما وعملا، عقيدة وشرعة للباري عز وجل)، وربما قالوا: إنهم يشهدون الله في تلك الصورة ويقولون هذه مظاهر الجمال ويتأولون قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "إن الله جميل يحب الجمال" على غير تأويله فهؤلاء وأمثالهم ممن يدخل في ذلك يزعمون أن طريقهم موافق لطريق العقل والدين والخلق وإن اندرج في ذلك من الأمور الفاحشة ما اندرج. وهؤلاء لهم نصيب من قوله تعالى: (وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء) .......... وأصل الضلال والغي من هؤلاء الذين يستحسنون عشق الصور ويحمدونه ويأمرون به وإن قيدوه مع ذلك بالعفة أن المحبة هي أصل كل حركة في العالم فالنفس إذا لم يكن فيها حركة ولا هي قوية الهمة والإرادة حتى تحصل لها محبة شديدة كانت تلك المنهيات عنها، (من الشبهات العلمية والشهوات العملية والثانية في هذا الباب آكد لتعلقه بالإرادات، وإن كانت الإرادات لا تنفك عن تصورات سابقة، كما تقدم، والإرادات منها ما هو: محرم كالمحرمات الصريحة التي يعلم فاعلها حكمها ولكن نفسه وشيطانه يقهرانه فالنفس تطلب حظها العاجل، ولو كان محرما، والشيطان يطلب زلته فتلك مهمته، ومنها ما هو مبتدع فيقع فاعله في فساد العلم والعمل معا كمن يتعبد بمقارفة الذنوب فهو يستصلح قلبه بمادة فساده)، كانت تلك المنهيات: هي أصول الشر وهي التي إذا ظهرت قامت الساعة ................... فإذا اقترن بهذه الكبائر تلك المحبة في نفس صاحبها فإنها توجب حركتها وقوة إرادتها فيعطي من المال ما لم يكن يعطيه ويقدم على مخاوف لم يكن يقدم عليها ويحتال ويدبر ما لم يكن يحتاله ويدبره قبل ذلك ويصير والها من التفكر والنظر ما لم يكن قبل ذلك فلما رأوا ما فيه من هذه الأمور التي هي من جنس المحمودات حمدوه بذلك وهذا من جنس من حمد الخمر لما فيها من الشجاعة والكرم والسرور ونحو ذلك وذلك أن هؤلاء كلهم لحظوا ما فيها من جنس المحبوب وأغفلوا ما تتضمنه من جنس المذموم فإن الذي يورثه العشق من نقص العقل والعلم وفساد الخلق والدين والاشتغال عن مصالح الدين والدنيا أضعاف ما يتضمنه من جنس المحمود.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير