تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وافقنا على استضافة هذه المهزلة على أرضنا!.

وتندر المتحدث الرسمي باسم الخارجية البريطانية مطالبا البلدين بالتهدئة وكأنها أزمة دولية تستحق صدور البيانات من وزارة خارجية دولة لها ثقلها الدولي كبريطانيا، وما قالها، بطبيعة الحال، إلا ساخرا مستهزئا، وحق له أن يسخر، ولو كنت مكانه لفعلت فعله بل ربما زدت عليه!:

يصنع الأعداء في جاهل ******* ما يصنع الجاهل في نفسه.

والإشكال في هذه الأزمة التي هي نتيجة نحو شهر ونصف من دعوى الجاهلية التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم دارت رحاها على الفضائيات وعلى المواقع الرياضية على شبكة المعلومات وحتى داخل البيوت التي يوجد فيها أزواج من البلدين، الإشكال فيها:

أنها شملت جماهير المسلمين بين البلدين هذه المرة، مع تراشق السباب الذي وصل إلى ثوابت كل منهما، فلو كانت أزمة دبلوماسية عليا، ما أهمت أحدا فليذهب الساسة إلى الجحيم إن أرادوا الإيقاع بين أمتين مسلمتين، فإن المسلمين لن يحلوا عقد ولائهم لبعضهم حمية لحكام فرضوا عليهم فرضا وعانوا منهم ما عانوا، ولكنها صارت أزمة جماهيرية، لمست طرفا منها مع قلة خروجي من المنزل إلا لعارض طارئ، فالشباب مشحون، وكأننا قد هزمنا في 67، والإعلام يمارس دوره السلبي في الشحن انتصارا للشعارات القومية، والساسة قد وجدوها فرصة لتمرير أشياء والتغطية على أشياء، وقد قابلت أحدهم فأسمعني تسجيلا على هاتفه المحمول من أحد الإخوة الجزائريين، لا يعرفه، وإنما اتصل عشوائيا منتقدا التصعيد الإعلامي في مصر، ولم يقدم أدلة تنفي ما قد قيل، ولم يقدم ذلك الشاب المصري أدلة تثبت، فلا أحد يستطيع تحرير محل النزاع تحديدا، وهذا هو الإشكال الذي يجعل الوساطة الآن لا قيمة لها، فلا أحد يعترف بخطئه، ولا أحد يقدم دليلا واضحا يقنع الطرف الآخر بخطئه فجلها دعاوى متبادلة، والإخوة في السودان ينفون التقصير، فلا أحد مقصر لا في القاهرة ولا في الخرطوم ولا في أي مكان، لأنه لا أحد يريد أن يتنازل لأحد ولو درءا للفتنة!.

ولم أملك إلا أن أذكر هذا الشاب، وإن بدا عليه عدم الاقتناع بكلامي، بأن أطراف الصراع: مسلمون، وبأن سبب المشكلة: "بالونة هواء" يتقاذفها مجموعة من اللاعبين يرتدون الشورتات التي يخجل أحدنا أن يسير بها في الشارع!، مع أنها لم تكن عند التحقيق هي السبب، وإنما هي العرض لنزعة جاهلية استحكمت في نفوس المسلمين، فأنستهم عقد الولاء والبراء الأول، عقد الديانة الذي تراجع في سلم أولويات العقل المسلم الحديث، كما قال أحد المداخلين الجزائريين، بفعل التنشئة الوطنية الصرفة التي ننشأ عليها فمصر للمصريين، والجزائر للجزائريين والعراق للعراقيين وكل حزب بما لديهم فرحون، على طريقة: "ما ليش دعوى بحد، خليني في حالي ياعم! " وهي الطريقة التي شاهدنا طرفا منها في اجتياح بلاد الأفغان ثم العراق ثم نازلة غزة، وكل قد اختبأ تحت فراشه وغطى وجهه لئلا يأتيه الدور!.

والإشكال الثاني أنها غطت على أحداث تهويد القدس، فأزمة النقاب في مصر، وقد كان على الأقل موضوعا مهما بخلاف الموضوع التافه الذي نعيشه الآن، تلك الأزمة قد جاءت مع محاولة اقتحام اليهود للمسجد الأقصى في أول أكتوبر الماضي، وتصدي إخواننا المعتكفون في المسجد لهم، فغطت عليها وأنستنا إياها، ثم جاءت محاولة الاقتحام الثانية التي تزامنت مع بدء حشد الجماهير في البلدين استعدادا للمعركة الفاصلة!، فلم يلتفت أحد لإخواننا الذين صدوا عن البيت المقدس هذه المرة بما طالته أيديهم حتى استعملوا الأحذية!. والآن يتوسع كيان يهود لبناء 900 وحدة سكنية إضافية في القدس الشريف، ويتداعى يهود أمريكا إلى نصرة إخوانهم في فلسطين فيسافر خمسون منهم بعقد ولاء وبراء حقيقي، وإن كان دينهم على غير ملة الحق، يسافرون لحجز شقق من تلك الوحدات تضامنا مع إخوانهم وتشجيعا لهم ونحن نحشد القوات ونفتح الجسور الجوية ونسلح المقاتلين بالسكاكين والعصي من أجل الوصول إلى كأس العالم!. وحق على أمة هذا حالها أن يذلها الباري، عز وجل، على يد أخس خلقه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير