تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والانتخابات تفعل أكثر من ذلك، كما نوه بذلك بعض الفضلاء المعاصرين، فسكوت مريب أثناء قضية الأخت كاميليا شحاتة، حفظها الله وشفاها وحررها وأخواتها، فسكوت برسم: "ما لناش دعوة! "، فتلك قضية تخص الكنيسة مع رعاياها!، وقد طالت جريرة هذا السكوت بعض التيارات ذات التوجه الإسلامي ممن تبنت العمل العام فلم تشارك في تفعيل القضية مع عظم خطرها التفعيل المطلوب مع قدرتها على ذلك، بل هي، أيضا، ممن يشتري ود النصارى، أصحاب الصوت الانتخابي المؤثر، بتصريحات لا تروج على النصارى فلن يرضوا عن المسلم العلماني وإن استعملوه مطية لتحقيق أهدافهم فكيف بالمسلم الذي يرفع شعار الإسلام في معاركه الانتخابية وسياسته العامة بغض النظر عما يقع من أخطاء، ولو جسيمة، في معالجة القضايا الجزئية، ومن ضمنها قضية الأخت كاميليا، حررها الله، إن صح تصنيف قضية كهذه على أنها قضية جزئية لا تستدعي التضحية بقضية كلية هي الانتخابات!، فتكون الانتخابات أولى بالاهتمام من حماية أعراض المسلمات!، وتلك طريقة النظام العلماني والتيارات العلمانية المتطرفة كذلك الحزب الذي يترأسه ذلك النكرة الذي ظهرت صورته في التقرير، وهو من مخلفات الماضي التي لا زالت تتشبث بأهداب الحياة السياسية لعلها تحفظ ماء وجهها ولو بتمثيل صوري في مجلس صوري! فذلك منتهى هممهم الدنية، فيجوزون لأنفسهم في سبيل تحقيق ذلك الولوغ في أعراض خير طباق الأمة استرضاء للكفار الأصليين الذين صاروا هم الحكام الفعليين لما أعطى من انتسب إلى الإسلام الدنية بل قد صار في بعض الأحيان أشد شراسة في حرب الإسلام من أعدائه الأصليين فقد ظهرت في السنوات الأخيرة أنماط من العلمانية قد بلغت الغاية في التطرف، ما كان لها لتظهر من سنوات، فأغرت كل كاره للدين الخاتم كافرا كان أو منافق ليستعلن بمكنون صدره، ولم نر لأولئك العقلاء الذين يجتهدون في إطفاء نيران الفتنة الطائفية بالسكوت عن حقوق المستضعفين والمستضعفات من المسلمين والمسلمات لم نر لهم أي دور في حسم مادة الفتنة الرئيسة وهي تطاول النصارى على الإسلام وأهله حتى بلغ السيل زبى القدح في النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفي أمهات المؤمنين، رضي الله عنهن، وفي دين الإسلام وثوابته وأخيرا في اختطاف المسلمات بالتآمر مع من وقع في صورة من صور النفاق الأكبر بمظاهرة الكفار على المسلمين وهو يدعي الانتساب إلى الدين الخاتم، وإذا سألت عن السر فهو المصالح الانتخابية التي يبذل في سبيل تحصيلها الغالي والنفيس، حتى بذل بعضهم دينه برسم المداهنة للكفار الأصليين، فصار عمرو بن العاص، رضي الله عنه، مادة فتنة، وصار النصارى هم العقلاء الذين يجتهدون في إطفائها بالتعاون مع عقلاء المسلمين وقد ذكر منهم، ولا أدري صحة نقل الخبر، ذكر منهم: جعفر بن أبي طالب، رضي الله عنه، مع أنه استشهد في مؤتة قبل فتح مصر بنحو 13 سنة!، فكيف اشترك في وأد الفتنة العمرية؟!، أو أن الأمر خطأ في النقل مع أنه لا يستبعد وقوع أمثاله في هذا الخطأ وأشد فهم من أجهل الناس بتاريخ ودين المسلمين ومع ذلك هم من أشد نقاده! وكأنهم قد درسوه باستفاضة واستخرجوا من طيات نصوصه ما يصلح للنقد والمراجعة!.

ومن دولة إسلامية كبرى كلمة سواء جديدة أطلقها عاهلها هي: العدل والتوفيق والسلام!، وهي ثالوث يشبه إلى حد كبير ثالوث الثورة الفرنسية: الحرية والإخاء والمساواة، فهل تصلح هذه عوضا عن كلمة سواء جاء بها التنزيل: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)؟!، فالتوحيد الذي طالما رفعت الدولة شعاره هو الكلمة السواء التي يصح الاجتماع عليها، وإلا فكلمة المفاصلة: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)، فلا يصلح الاجتماع على كلمة غير كلمة التوحيد، فالاجتماع مظنة التوافق، وهو أمر غير كائن بين الحق والباطل، فليس لأهل الباطل في الدين الخاتم من صور المودة شيء، فليس ثم إلا البر بالمعاهدين مع إظهار العزة المفقودة في زماننا، فـ: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)، والبر الظاهر لا يقتضي مودة باطنة أو اجتماعا على عقد فكري يباين عقد التوحيد الذي أحكم الأنبياء عليهم السلام رباطه، فلا يقدر أحد على حله أو استبداله، فهو الكلمة المحكمة الباقية.

والله أعلى وأعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير