[تعامله صلى الله عليه وسلم مع اليهود.ولم طردهم؟]
ـ[الخطيب99]ــــــــ[27 - 10 - 2010, 10:58 م]ـ
تعامل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مع اليهود
علمنا في المقال السابق رفض اليهود –إلا عبد الله بن سلام t وبعض اليهود وهم قليل- الدخول في الإسلام مع علمهم بصدق رسالة رسول الله، فماذا سيكون الوضع: اليهود كلهم تقريبًا رفضوا الإسلام؟ ما حال أهل الكتاب في دولة يحكمها حاكم مسلم بشرع إسلامي؟
لقد علَّمنا رسول الله كيف نتصرف في هذا الموقف من خلال ما فعله هو، لقد قرر أن يعقد معاهدة بين المسلمين واليهود. ومن الأهمية بمكان أن ندرس ظروف هذه المعاهدة؛ لكي نستطيع أن نقارن بين واقعنا الذي نعيشه الآن وبين ما فعله رسول الله، فالرسول الذي عقد هذه المعاهدة، وحافظ عليها قدر استطاعته هو نفسه الذي أَجْلى بعد ذلك بني قينقاع ثم بني النضير ( http://majdah.maktoob.com/ إجلاء-بني-النضير-وعودة-الهيبة-للمسلمين)، وهو نفسه الذي قتل رجال بني قريظة.
الرسول هو الرسول، ولكن الحال اختلفت، ولنا فيه أسوة حسنة في كل مواقفه وخطوات حياته.
لا بد أن نعرف متى عاهد؟ ومتى حارب؟ متى قَبِلَ من اليهود بعض البنود في المعاهدة؟ ومتى لم يقبل منهم أن يجلسوا في المدينة المنورة يومًا واحدًا بعد أن أجلاهم؟ هذه أمور تحتاج منا بحثًا دقيقًا.
لماذا قرار المعاهدة؟ من الممكن أن يكون لدى الإنسان غيظٌ شديد من اليهود؛ لأنهم سمعوا هذه الكلمات التي أدركوا جميعًا أنها الحق، وبعد ذلك لم يتبعوه، ومع ذلك فإن الدين الإسلامي والشرع الإسلامي لا يظلم الناس شيئًا. ليس معنى قيام دولة إسلامية أن تُهضم حقوق أهل الكتاب.
إن العلاقة بين المسلمين وأهل الكتاب واضحة جدًّا في كتاب ربنا I، لخصها قول الله في سورة (الممتحنة)، قال I:
{ لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة: 8، 9].
الإسلام وحقوق الآخر
لقد صنع الإسلام قفزة حضارية هائلة، إن العالم اليوم يتحدث بالكاد عن قبول الآخر، وعن الاعتراف بالآخر، وعن سماع الآخر، وهذا يعني أن العالم الآن في طفولة حضارية، أما الإسلام فإنه تجاوز هذه المطالب إلى ما هو أعظم منها بكثير، فقد نزل الإسلام منذ 1400 سنة بما هو أعظم وأسمى من ذلك، نزل بالإحسان إلى الآخر، وبالبر بالآخر، وبالعدل مع الآخر، وبرحمة الآخر، فليس معنى أن الرسول معه الحق الذي لا ريب فيه، أن يُكرِه أهل الكتاب على الدخول في الإسلام، فرغم أنه كان يتفطَّر حزنًا على يهوديٍّ أو نصراني مات على غير الإسلام، فإنه لا يستطيع أن يكرهه؛ لأن الإكراه ليس من شرعنا {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256].
قرر رسول الله أن يعقد معاهدة مع اليهود؛ لأنه يرى أن فرصة الدعوة ما زالت موجودة؛ فلم يكن هناك تاريخ عدائي يُذكر بين المسلمين واليهود قبل ذلك. نَعَمْ هم كذبوا الآن، لكن ربما يفتح الله قلوبهم في المستقبل؛ فلم يكن الرسول ييئس مطلقًا من دعوة إنسان، فقرر أن يعقد معهم معاهدة.
بنود أول معاهدة في الإسلام
تُرى ما بنود هذه المعاهدة بين رسول الله واليهود؟ لا بد أن نركز تركيزًا شديدًا في بنود هذه المعاهدة؛ فهذه البنود يُستخلص منها قواعد المعاهدات في الإسلام وأصولها. هذه المعاهدة بهذا الوصف الذي سنصل إليه - إن شاء الله رب العالمين - توضح مدى التجنِّي على السيرة النبوية، الذي فعله مَن شبَّه المعاهدات الحديثة مع اليهود بالمعاهدة التي عقدها رسول الله في زمانه، فشتَّان بين المعاهدتين!
تعالَوْا نقرأ معاهدة الرسول:
البند الأول
"يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم".
هذه هي القاعدة الأولى، ومعناها أن حرية العقيدة في الإسلام حقيقة كبرى {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256].
¥