[الاغتسال اللغوي]
ـ[السراج]ــــــــ[10 - 11 - 2010, 08:23 م]ـ
[الاغتسال اللغوي]
بقلم الدكتور عبدالرحمن صالح العشماوي
قال صاحبي: سمعت من عدد من الأشخاص أنَّ لديك وصفةً نادرةً لعلاج الضعف اللغوي، وأنَّ هذه الوصفة ذاتُ أثرٍ فعَّالٍ تجعل مَنْ يستخدمها قادراً على التعامل الجيد مع اللغة العربية نطقاً وكتابةً خلال ستة شهور أو أقل، وأنَّ عدداً من الناس قد حصل على هذه النتيجة المذهلة، وحرصاً على صحة هذه المعلومة أردتُ أن آخذ الخبر اليقين من مصدره، فما آفةُ الأخبار إلا رواتها، فهل هذا الذي سمعته صحيح؟ مع أنني لا أستبعدُ المبالغةَ فيما سمعت.
قلت له: أشكركَ - أولاً - على حرصك الجميل على التثبُّت من الخبر
حتى لا تنضمَّ إلى رُواة وكالة (قالوا، ويقولون) الذين يتسابقون إلى نقل ما يسمعون وهم لا يعون، وأُقدِّرُ - ثانياً - صراحتك في إبداء ما في نفسك تجاه هذا الخبر وأنك لا تستبعد المبالغة فيه.
أمَّا ما سمعت من نقل عني في هذا الموضوع فهو صحيح، وسأشرحه لك بشيء من التفصيل الذي يوضح لك الصورة - بإذن الله عز وجل - وإليك البيان:
لعلنا جميعاً نتفق على وجود ضعفٍ لغويٍّ عامٍ عندنا نحن العرب في هذا العصر في معرفتنا بلغة القرآن الكريم نطقاً وكتابةً، وأنَّ هذا الضعف قد انتشر حتى أصبح هو الأصل، وأنَّه مرضٌ من الأمراض التي تحتاج إلى دواء، وأنَّه من أسباب تخلُّف الأمة، وتذبذبها وانهزامها نفسياً أمام الآخرين، ولعلنا نتفق كذلك أنه ما من مرض إلا وله دواء أوجده الله سبحانه وتعالى، وإنما يستفحل المرض حينما يستسلم له الناس ولا يبحثون عن الدواء الذي يزيله، ويريح الناس منه، ولعلنا نتفق أيضاً أن إيمان المريض بحالته واقتناعه بوجود دواءٍ لمرضه، وحرصه على بذل الأسباب لعلاج ذلك المرض من أهم أسباب العلاج الناجع، وما دام الأمر كذلك فإنَّ علاج (الضعف اللغوي) يتمثَّل في طريقة الاغتسال اللغوي التي سمعت عنها، وسألتني عن صحة ما سمعت، فدفعتني إلى كتابة هذه السطور لبيانها، وقد جرَّبت هذه الطريقة مع عددٍ من الإخوة والأخوات فكانت ناجحةً نجاحاً كبيراً، ولا بأس أن أقول: (نجاحاً فتَّاكاً) بلغة الإعلانات التجارية هذه الأيام، مع الفرق الشاسع بين النتائج الإيجابية لوصفتنا اللغوية، والنتائج السلبية لكثيرٍ مما تدعيه الإعلانات التجارية.
وإليك الوصفة اللغوية الناجحة:
اذهبْ - مشكوراً - إلى المكتبة واقتنِ واحداً من الكتب التالية:
الكامل في اللغة والأدب للمبرد، أو أدب الكاتب لابن قتيبة، أو البيان والتبيين للجاحظ، أو الأمالي لأبي علي القالي، أو سحر البلاغة وسرُّ البراعة لأبي منصور الثعالبي؛ وإذا أردت أن تكرم نفسك أكثر فاقتنِ هذه الكتب كلَّها لتكون نواةً لمكتبتك اللغوية الأدبية، وخذْ واحداً من هذه الكتب وأنا أُفضِّلُ أن يكون: (الكامل في اللغة والأدب للمبرد) لأن تجاربي مع بعض الإخوة والأخوات كانت مع هذا الكتاب وكانت ناجحةً جداً.
ابدأْ بقراءة صفحاتٍ من هذا الكتاب - بحسب قدرتك - بصوتٍ مرتفع كأنك تقرأ على أشخاصٍ جالسينَ معك، مراعياً في قراءتك جميع الحركات الموجودة على الكلمات، وانطلق في هذه (القراءة التطبيقية) يومياً دون انقطاع، وإذا استطعت أن تقرأ أحياناً على شخص له دراية باللغة الفصحى فذلك أفضل، ولكنه ليس بشرط واجب التحقيق، وهنا ستجد النتيجة المذهلة بعد انتهائك من قراءة الكتاب، حيث ستشعر بأنَّ النطق السليم قد أصبح سجيَّةً لك، وأنك ستراعي حركات الإعراب على أصولها حتى وإنْ كنتَ لا تعرف سببها، وأنك ستشعر بثقتك بنفسك، وبنشوة النجاح، وباطمئنانك حينما تلقي أمام أحدٍ خطاباً، أو كلمةً، لأنك قد داويت لسانك من الضعف اللغوي الذي كان يُشْعِرُكَ بالرهبة والارتباك، وإذا أضفت إلى هذه القراءة التطبيقية، كتابة بعض ما تقرأ بيدك لتدريب قلمك
على الكتابة الصحيحة فسوف تجد طريقاً سهلاً للتخلُّص من أخطائك الأسلوبية، والإملائية، وهنا يتحقق لك (الاغتسال اللغوي)، من أَوضار ودَنَس الضعف اللغوي المنتشر في عالمنا العربي.
ما فائدة ذلك؟
ستجيب أنت عن السؤال بوضوح حينما تصل إلى هذه النتيجة المذهلة التي توصلك إليها القراءة التطبيقية.
سكت صاحبي قليلاً ثم قال: سأبدأ على بركة الله
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[10 - 11 - 2010, 09:02 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي السراج وأنار بك ظلمات الجهل اللغوي الذي يحتاج إلى اغتسال مرات ومرات
وجزى الله شاعر القضية العشماوي على ما يقدم.
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[10 - 11 - 2010, 09:31 م]ـ
فعلاً إنها من عيون اللغة والأدب العربي لو ندرب ألسنتنا بقراءتها كما ذكرت لاستفدنا جميعاَ
بارك الله فيك على النقل المفيد وجزاك خيراً أخي السراج
ـ[السراج]ــــــــ[11 - 11 - 2010, 06:33 ص]ـ
شكراً على الحضور المُبارك: أخي طارق وأختي الباحثة.
لا شكّ من كثرة البحث عن حلول لهذه القضية التي تعاني منها الدول؛ فتستجمع قواها لمعالجة الانحسار الشديد للقراءة لدى طلاب المدارس.
أما الدكتور العشماوي فينقل الحل (المجرَّب)، والمثل يقول: اسأل مجربا ولا تسأل طبيباً، وهنا تعاضدت (التجربة) مع (الطب) فكان الدواء ..
¥