إنه أبي ... ما الذي أتى بأبي هنا الآن؟!
والدِي: هداكَ اللهُ يا بُنيَّ ما الذي تفعلهُ؟
أَذَّنَ الفجرُ , اُترُكْ مافي يدِكَ و هيَّا إلى الصلاةِ.
- حسناً سأقومُ الآنَ.
أغلقَ وَالِدي البابَ وذهب ...
كأنني بدأتُ أتعرَّف الموقفَ , مشاعِر الحَيَاءِ بدأت تَتَغلّغل في عروقِي
أتذكَّر هذا الموقِفَ المُشين جَيداً ..
كان ذلكَ في العامِ الماضِي بينمَا كانَ وَالِدي قائماً يَتَسحّر استعداداً لِصيام ِ
اليومِ الخامس ِمن أيامِ ذِي الحِجّة،،
أعلمُ يقيناً وأنا أتابعُ هذا الموقفَ
أن أبي سيعودُ ليؤنِّبنِي على تقصيرِي , فرغم تذكيرهِ لي بالصلاةِ
لم أقمْ وظللتُ أتابعُ ذلكَ الفِلمَ فلقد كان مثيراً لدرجةِ أنَّني لم أسمع الإقامةَ!
عادَ أبي و فتحَ البابَ بِغضبٍ:
- يا بنيّ لِمَ لم تذهب للصلاةِ , إلى متى ستستمر على هذهِ الحال
سهرٌ في الَّليلِ ونومٌ في النَّهارِ وتَضييعٌ للصلواتِ
كن حريصاً عليها في هذهِ الأيامِ الفاضلاتِ على الأقلِّ.
- لم أنتبهْ إلَى الإقامةِ فلقدْ كنتُ في الحمّام أتوضأ استعداداً للصلاة.
- في كلّ مرّة تُكَرِرُ نَفْسَ العذر
يا بنيّ ألا تعلم أن هذهِ الأيام هي أفضل أيام الدنيا؟!
والأُجورُ فيها مُضاعفة , هل تريدُ التقصير والتضييع فيها
كما ضيّعتَ وقتكَ في شهرِ رمضانَ؟
- يا أبي إن اللهَ غفور رحيم ..
- لكنه شديدُ العقابِ .. لا تُفقِدْنِي صَبْري
الكل حولكَ بين صائمٍ و متصدّق , حتى ابن جيراننا الذي كنتَ تسخرُ من رجولتهِ يوماً
أصبحَ أفضلَ منكَ فهو لم يضيّع صلاةً في المسجدِ منذ رمضانَ هذهِ السنةِ .. وأنتَ في كل عامٍ ينحدرُ سلوككَ
و تتدنّى اهتماماتكَ؟!
تعالَتِ الأصْوَاتُ , وتوَالَى التّأنِيبُ من والِدِي واللامُبَالاةَ مِنِّي!
وانتَهَى المَوْقِفُ بخرُوجِ أبي غاضِباً مِنَ الغرْفةِ ..
http://file.alfadela.net/download.php?img=252
أحْسَسْتُ بمَدَى سَخافتِي وَوَقاحَتِي وأنَا أقفُ عَلى عَتبَاتِ هَذا الموقفِ ..
فبين ليلٍ عامرٍ بالمناظرِ الفاحشةِ وتضييع ٍلصلاةِ الفجرِ والتِّي سيتبعُهَا تضييعٌ لصلاةِ الظّهرِ
لأننِّي وكما في كلِّ إجازةِ عيدِ أضحَى أكونُ نائماً ,
بالكادِ أدركُ صلاةَ العصرِ إنْ كنتُ مستيقظاً وقد يلهيني أمرٌ عنها!
وبين كذبِي على والدِي وعدم احْتِرامِي للحيتهِ التِّي اكتستْ بالبياضِ
مما أذقتهُ من سوءِ تصرفاتِي .. لم أتحمل نفسي ,
خرجتُ مسرعاً من ذلكَ المكان محاولاً نسيانَ وقاحَتِي.
ركبتُ سيارتي علّني أهربُ إلَى مَكانٍ يُذهب عني همِّي وغمِّي
فإذا بي أرى شخصاً يجلسُ بجانبي ,,
منْ أهذاَ أنتَ يا عمرُ؟!
التفتُّ إلى المقعدِ الخلفي منْ؟ أهذا أنا من جديدٍ؟!
وضعَ عُمرُ شريطَ الأغاني في المُسَجّلِ
ورفعهُ لأعلى مستوىً
نعم أعلمُ أعلمُ ما سيحدثُ الآنَ ..
لقد كانَ هذا في اليومِ التاسعِ من ذِي الحِجّة من العامِ المنصرمِ
في يومِ عرفة ...
كنّا متوجِّهينَ إلى صديقنا سعد لنَسمُرَ عندهُ هناك فلقد اشترى مجموعة أفلام جديدة
وبينما كنّا متوقفين عندَ الإشارةِ، والسّيارةُ تكادُ تنفجرُ من صوتِ الأغانِي
إذ بسيارةٍ تقتربُ من سيارتنا ... أخفضَ صاحبُها زجاجةَ نافذته وبادرنا:
- السلامُ عليكم ...
لم نسمعهُ فلقد كانَ الجوّ مطرباً للغاية
أعلى صوتهُ: السلامُ عليكم يا شبابُ
انتبهنا لهُ .. فإذا بهِ من أصحابِ الِّلحى المعقدينَ الذين لا يعرفونَ للحياةِ طعماً! >> ولا أعلمُ من ِالذي لمْ يذق في الحياةِ طعماً للراحةِ!
- ماذا تريد؟
- يا أخي اخفض المسجّلَ ألا تعلم أن الأغاني حرام؟!
كما أن اليومَ هو يومُ عرفة الذي قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فيه:
«ما من يوم أكثر من أن يعتقَ اللهُ فيهِ عبداً من النارِ من يومِ عرفة، وإنّهُ ليدنو ثمَّ يباهي بهم الملائكةَ فيقول: ما أراد هؤلاءِ؟».
[صحيح مسلم] فهو يومُ مغفرة الذنوب والعتق من النارِ.
- وماذا بعدُ؟!
أطرقَ وفي عينيهِ من معانِي الشفقة الكثير وكأنهُ يعلم أننا في عطشٍ شديدٍ لشيءٍ اسمهُ [راحة نفسية]
مدَّ إلينا بطاقات كُتب عليها:
http://alfadela.net/1429/post30/30-2.jpg
أغمضتُ عينيّ فلا أريدُ أن أرى ما سيحدثُ الآنَ
كنتُ في قمّةِ الوقاحةِ حينما ألقيتُ بالبطاقةِ على الرجلِ مُدّعياً
¥