تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ما ذكره الأخ رؤبة حفظه الله وسدده هو ما يمكن أن يطلق عليه: المكاسب الاضطرارية فهو الأمر الواقع الذي ينبغي التعامل معه وما كان يلزم الانجرار إليه ابتداء، بل كان الواجب الابتعاد عنه، ولو بحساب مصالح الدنيا لا الدين!، فكما يقول بعض الفضلاء المعاصرين: 12 سنة من الحلم الجميل، والعقود المليارية مع الشركات الأجنبية، لا سيما الأمريكية التي انتقد رئيسها إسناد الشرف إلى قطر، مع أن الشركات الأمريكية ستربح أموالا طائلة على كل حال، بل افتكاكها من أموال المسلمين أفضل من افتكاكها من أموال الأمريكيين، ومع ذلك تبقى المنة للاتحاد الدولي!، فهو الذي ورط قطر في هذه المصيبة المادية، ولا يبعد أن يكون له نصيب من الكعكعة فعمولات تلك الصفقات لا تتورع المؤسسات الدولية عن قبولها، وفي دنيا رجال الأعمال: كل شيء جائز، فالأمر تجارة لا رياضة.

فهذا الفساد المادي، وأما الفساد الديني والأخلاقي فهو الأمر الأعظم:

في بطولة 2006 في ألمانيا أعلنت الدولة رسميا، كما نقل بعض الفضلاء المعاصرين من أهل العلم، أعلنت أنها قد وفرت الأماكن اللازمة لتعاطي الخمور وممارسة الدعارة، فتلك من الاحتياجات الرئيسة للجماهير!، ولا تملك اللجنة المنظمة الاعتراض وإلا سحب منها شرف التنظيم فالشروط مقاطع الحدود!، وقد اشترط عليك الطرف الآخر كذا وكذا من وسائل الترفيه، ولو محرمة، فإذا قبلت فأنت ملزم أمامه بما اشترطته على نفسك.

وقبل إسناد الأمر إلى قطر أعلن رئيس اللجنة المنظمة أن قطر لن تحظر تعاطي الخمور في الأماكن المعدة لذلك!، وعموما فإن معظم الفنادق في دول العالم الإسلامي لا ترى في ذلك غضاضة، بل هو، كما يتندر بعض الفضلاء، شرط لنيل النجمة الفندقية الخامسة، فمعايير التصنيف العالمية تجعل وجود ركن لتعاطي الخمور شرطا لنيل درجة فندقية أعلى، والناس على شروطهم، كما تقدم، ولكن الجديد في الأمر أن كمية المخمورين والزناة سوف تزداد بشكل كبير، والمردود الدعوي معهم ضئيل لا سيما أنهم ما جاءوا إلا ليقضوا وطرهم فليسوا في رحلة فكرية وإنما هي محض رحلة ترفيهية، مع إحساسهم بالتفوق الحضاري الذي يجعلهم يأنفون غالبا من قبول النصح، وهو أمر يغلب على العقلية الغربية عموما، وعقلية السائح في بلادنا خصوصا، فيرى أنه بأمواله أهل لتلبية كل رغباته، ولو كانت مخالفة لدين وأعراف البلد الذي يحل فيه، فلا يحترم مشاعر الآخرين في ملبسه أو مسلكه، فلن تأتي النساء لمشاهدة المباريات في قطر وهي ترتدي الحجاب!، والخطر الأعظم هو أن شباب المنطقة بأكملها سيتقاطرون لمشاهدة المباريات وربما أشياء أخرى، وربما تعدى الأمر حد الرؤية إلى الفعل، لا سيما والجو ملبد بالفواحش، فأي شؤم سيحل ببلاد الإسلام باستضافة حدث كهذا، وأي فتح لذريعة العصيان أعظم من ذلك؟!.

وبعض أهل العلم، وله ثقل دعوي معروف، يرى أن ذلك انتصار للمسلمين على أمريكا، فقد فشلنا في هزيمتهم في كل شيء، ولكننا نجحنا، ولله الحمد، في هزيمتهم في معركة استضافة المونديال!، وقد يقال، والله أعلم، بأن ذلك من المبالغة، ففي زمن لا انتصارات فيه تقريبا يلجأ الإنسان إلى اصطناع نصر، ولو لم يكن كذلك. يذكرني ذلك بمباراة إيران وأمريكا الشهيرة في بطولة 98، والتي انتهت بانتصار إيران!، ويومها اتصل أحد الزملاء، وهو من الفضلاء، ولا أزكيه على ربه جل وعلا، اتصل بأخي ليهنئه!، فهو انتصار للمسلمين على أمريكا!، وأخذ الأمر بعدا أكبر من حجمه كالعادة مع أن إيران لا تنطلق في سياساتها ولو رياضية من منطلق عموم المسلمين لا سيما العرب الذين تحتقرهم بحكم الصراع التاريخي بين العرب والفرس، فضلا عن التباين المذهبي الذي يصل إلى حد التباين الكامل في أصول وفروع الدين وإن جمعهما اسم دين واحد، فليس الأمر مما يعنينا من قريب أو بعيد، لمن دقق النظر، ولكنه البحث عن أي انتصار نسلي به أنفسنا، وحشد الجماهير لمعركة زائفة تلائم طموحاتنا وإضفاء نوع من البطولة على أمر تافه جعل مرشد الثورة الإيرانية بنفسه يستقبل الفريق في المطار ويطبع قبلة مباركة! على رأس اللاعب الذي سجل الهدف الأول فعد ذلك آنذاك وسام اختص به ذلك اللاعب، ويستمر مسلسل وهم البطولة الزائف في زمن الإفلاس من الانتصارات.

فكل تلك المفاسد لا يجد أهل الصلاح تعزية عليها إلا محاولة التعريف بالإسلام في تلك التجمعات، فهل تعدل هذه المصلحة المرجوحة تلك المفاسد العظمى الدينية والدنيوية؟!.

والله أعلى وأعلم.

رابط يتعلق بهذه النازلة الرياضية!:

http://islammemo.cc/Tkarer/Tkareer/2010/12/08/112825.html

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير