تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[عطية زاهدة]ــــــــ[20 - 09 - 2006, 09:30 م]ـ

لغة الآية ونحوها

أقوال في النهار في لسان العرب لابن منظور:

أ - انتشار ضوء السماء واجتماعه.

ب - ضياء ما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس، أو من طلوع الشمس إلى غروبها.

ت - وقت الضوء الذي هو الضد أو المخالف لوقت الليل.

الاختيار:

النهار هو كل ضوء طبيعي منتشر في السماء والآفاق على قدر يمكن الإنسان من الإبصار المتمثل في تمييز وحقِّ الألوان color resolution وتبيُّنِها: "والنهار مبصرا" (يونس: 67)، "وجعلنا آية النهار مبصرة" (الإسراء: 12)؛ فأي ضوء ينتشر في السماء طبيعيا ويمكن الإنسان من الإبصار ولو ظهر عابرا في عز الليل هوَ نهار: "ويولج النهار في الليل" (لقمان: 29).

التجلية في المعاجم والتفاسير

التجلية هي: الإبانة، الإبداء، أو الكشف، أو الإظهار، أو الإبراز، أو التوضيح، أوِ الصقل. وتستعمل التجلية في حقِّ العروس؛ إذْ إنَّ تجلِّيَها هو أن تتزين بما يزيدها تألّقاً ً بمثل وضع المساحيق المبيِّضة، أو بلبس الأكاليل، أوْ بارتداء بذلة العرس البيضاء، أو بوضع تاج من الماسات، أو عقد من اللآلئِ فتصير تشع إشراقاً.

ونلاحظ أن المعاني الواردة للتجلية في المعاجم والتفاسير متقاربة إلى حد الترادف.

الاختيار:

التجلية هي التنوير المتمثل في اكتساب التألق، في ازدياد التألق، في ازدياد الابيضاض في الشيء المبصر، في ابيضاض مظهر الشيء المرئيّ. ولما كان الأمر يخص مظهر الشيء في العيون أو يتعلق بالرؤية والإبصار فالتجلية في المحصلةِ هي اكتساب مظهر ذي ابيضاض، أي أن يصل من الشيء المرئي إلى العيون أطياف ضوئية ذات جلاء white visuality تعطيه مسحة بيضاء، صدورا منه أو انعكاسا عنه. فالتجلية المقصودة في الآية: "والنهار إذا جلاها" هي ظهور ابيضاض في الشمس ينكشف فيها بعد اكتمال الطلوع ببرهة وجيزة. فهل هذا الابيضاض الذي هوَ أمر مشاهد بوضوح في صدر كل نهار ذي صحْوٍ، هو بسبب ضياء صادر من الشمس نفسِها أم هو منعكس من أمام وجهها، كأنه في ظاهره قادم منها؟ ..

دعنا نحدد الإجابة من فهم الآية نحويا (إعراباً).

"والنهار إذا جلاها"

النحو: الواو واو القسم وهي جارّة.

النهار: اسم مجرور بواو القسم وعلامة الجرِّ هي الكسر. "والنهار" الجار والمجرور متعلقان بفعل القسم وتقديره: أقسم.

إذا: اسم منصوب على الظرفية؛ لأنه في الآية متجرد للظرفية المحضة الخالية من الشرط (مفعول فيه في محل نصب. وهو مضاف).

"جلاها"

جلّى: فعل ماض مبني على النصب منع تعذر اللفظ من ظهور الفتحة على آخره.

والضمير المستتر العائد على النهار وتقديره "هو" في محل رفع فاعل.

الهاء في "ها" ضمير ظاهر متصل في محل نصب مفعول به، والألف للتأنيث. وجملة "جلاها" في محل جرِّ مضاف إليه.

توسعة عن "إذا":

اعتمادا على "البرهان في علوم القرآن" لبدر الدين الزركشي يمكن أن نعتبر أن "إذا" في الآية يمكن أن تحمل وجها من هذه:

1) أنها جاءت ظرف زمان للماضي. وهذا يعني أنَّه من السائغ أن نفهم الآية هكذا: (والنهار وقد جلاها)، أو: (والنهار إذْ جلاها). ويدعم هذا الفهمَ أخذُ الضحى بمعنى وقت طلوع الشمس.

1) أنها جاءت للحال؛ فيكون التقدير: (والنهارِ مجلِّياً الشمسَ).

2) أن هناك عاملا محذوفا متعلقا ب"إذا" في موضع نصب على الحال: (والنهار كائنا إذا جلاها)، ويدعم هذا التقدير أنَّ الضحى قد تأتي بمعنى: الضياء أو الحرِّ.

3) أنها قد تكون في الآية متجردة ليس فقط عن الشرطية بل وعن الظرفية أيضا، أي هي في الآية لمجرد الوقت، فتكون هنا مجرورة محلاً لكونها بدلاً عن النهارِ، والتقدير: (أقسمُ بالنهار وقتَ تجليته للشمس) أوْ: (أقسم بوقت تجلية النهارِ للشمسِ).

4) أنها للاستمرار والتكرار.

5) أنها قد تكون زائدة فيكون فهم الآية هكذا: (والنهارِ الذي جلاها).

وبأيٍّ من هذه الأوجه أخذنا فإنَّ ما نقصده من الإعجاز العلمي لن يتأثّر، بل إن هذه الأوجهَ تعضده.

خلاف بلا اكتشاف

ثار بين المفسرين هذا السؤال: على ماذا يعود الضمير الذي في "ها" من "جلاها"؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير