وفي حالة النون، فإننا نستخدم نفس الطريقة، فننطق بلفظ: "أن"، فيتضح لنا أن مخرج النون هو: "طرف اللسان"، وبالتحديد: "رأس اللسان مع ما يحاذيه من الحنك الأعلى فويق الثنيتين"، لأن رأس اللسان سوف يصطك بالحنك الأعلى، وبالتحديد بالمنطقة التي تلي الثنيتين، من أعلى الحنك، وهذا المخرج مختص بأي نون سواء كانت متحركة أم ساكنة، بتصرف من "منحة ذي الجلال" للشيخ علي محمد الصباغ، رحمه الله، ص24.
ثانيا: صفاته، فلكل حرف صفات يتميز بها، ولهذه الصفات دور كبير في معرفة أحكامه التجويدية، وحاصل صفات النون أنها:
· حرف جهري.
· متوسط، بين الرخاوة والشدة، لأنه من الحروف المتوسطة التي يجمعها قولك: "لن عمر"، و "لن"، فعل أمر من اللين.
· مستفل، من "الاستفال"، وهو تسفل اللسان وانخفاضه إلى قاع الفم عند النطق بالحرف.
· منفتح، من "الانفتاح"، وهو عبارة عن انفتاح ما بين اللسان والحنك الأعلى وخروج الريح من بينهما عند النطق بالحرف، خلاف الحروف المطبقة، من "الإطباق"، وهو انطباق طائفة من اللسان على ما يحاذيها من سقف الحنك وانحصار الصوت بينهما عند النطق بحروفه، فلا ريح تخرج من الفم عند النطق بالحرف، وإنما يحجز اللسان، بطائفة منه، الهواء المندفع من الجوف عند النطق بالحرف المطبق، وحروف الإطباق: الصاد والضاد والطاء والظاء،
· مصمت، (أي حرف النون)، غير مقلقل، فحروف القلقلة يجمعها قولك: (قطب جد)، والنون ليست منها.
· ولكن أبرز صفة يتميز بها حرف النون هي: "الغنة"، وهي صفة للنون والتنوين والميم الساكنة فقط.
والغنة، في تعريف أهل الاصطلاح: صوت لذيذ مركب في جسم النون والتنوين، فهو تبع لها في المخرج والصفات والأحكام، والميم الساكنة، ولا عمل للسان فيه، لأن مخرج الغنة هو الخيشوم.
وحكمها: المد، ومقداره: حركتان.
ويتضح من المقارنة بين غنتي النون والميم أن الأولى أقوى من الثانية، والله أعلم.
وأما التنوين فهو لغة: التصويت، ومنه: نون الطائر إذا صوت (أي أصدر صوتا).
واصطلاحا: نون ساكنة زائدة تلحق آخر الأسماء لفظا ووصلا، لا خطا ووقفا.
وعرفه ابن هشام، رحمه الله، في "المغني" بقوله:
· وهو نون زائدة تلحق الآخر لغير توكيد، فخرج:
· نون "حسن" لأنها أصل.
· ونون "ضيفن" للطفيلي، لأنها متحركة، وإنما زيدت مبالغة في وصف تطفل هذا الصنف من الضيوف.
· ونون "منكسر" و "انكسر"، لأنها غير آخر.
· ونون (لنسفعا)، لأنها توكيد.
بتصرف يسير من "مغني اللبيب"، (2/ 4).
فلا يظهر التنوين في الخط، أي الكتابة، فإذا قلت على سبيل المثال: رأيت محمدا، فإنك تكتبها ألفا منونة، وتنطقها نونا ساكنة زائدة بعد الدال، ولا تكتب: محمدن، إلا في الخط العروضي، (الخط الخاص بعلم العروض)، لأن المراد منه معرفة أوزان الأبيات الشعرية عن طريق التفعيلات، ولا يمكن ذلك إلا بكتابة كل حرف ينطق به اللسان، مع تحديد حركته، وإن لم يكتب في الخط الإملائي المعروف، والله أعلم.
وأما أقسامه فهي مما يختص به علم النحو، وأبرزها إجمالا:
تنوين التمكين: وهو الذي يلحق آخر الأسماء، كقولك: رأيت محمدا، وسمي بذلك لأنه يدل على تمكن الاسم في باب الاسمية، فالتنوين من أبرز علامات الأسماء، لأنه ينفي شبهه من الحرف إذ لو أشبهه لبني، وكذا ينفي شبهه بالفعل إذ لو أشبهه لمنع من الصرف والممنوع من الصرف لا يقبل التنوين، وإلى هذه الخاصة أشار العمريطي رحمه الله، بقوله:
فالاسم بالتنوين والخفض عرف ******* وحرف خفض وبلام وألف.
تنوين المقابلة: وهو التنوين الذي يلحق آخر جمع المؤنث السالم، كقولك: رأيت مسلمات ملتزمات، بالخفض مع التنوين، لأن جمع المؤنث السالم يخفض بالكسرة، وسمي بذلك لأنه يقابل النون التي تلحق آخر جمع المذكر السالم، والتي تأتي عوضا عن التنوين، في مثل قولك: رأيت مسلمين ملتزمين، والتنوين وعوضه يحذفان عند الإضافة، في مثل قولك: مسلمات مصر كثيرات، و: مسلمو مصر كثيرون.
¥