ـ[مهاجر]ــــــــ[27 - 10 - 2006, 03:47 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
ثم بدأ الناظم، رحمه الله، الكلام على المد، أنواعه، أحكامه، فقال:
والمد أصلي وفرعي له ******* وسم أولا "طبيعيا" وهو
ما لا توقف له على سبب ******* ولا بدونه الحروف تجتلب
بل أي حرف غير همز أو سكون ******* جا بعد مد فـ "الطبيعي" يكون
وبداية مع تعريف المد:
فهو لغة: المط والزيادة، ومنه:
قوله تعالى: (كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا)، أي سنزيده من العذاب، وأكد الفعل "نمد"، بالمصدر "مدا"، والله أعلم.
واصطلاحا: عبارة عن إطالة الصوت بالحروف.
أو: إطالة زمن الصوت بحرف عن مقدار المد الطبيعي عند وجود سببه.
فالمد الطبيعي، "ومقداره حركتان"، كما سيأتي إن شاء الله، لازم لاجتلاب أي حرف، فإذا ما وجد سبب إضافي غير اجتلاب الحرف، كأن يقع بعد حرف المد همز كما في قوله تعالى: (السماء)، لزمت إطالة زمن الصوت، تبعا لنوع المد، فهو في هذا المثال، يطول إلى 4 أو 5 حركات، أو 6 حركات عند الوقوف على الهمزة المتطرفة "أي التي جاءت في آخر الكلمة"، فالزيادة حاصلة على مقدار المد الطبيعي بمقدار 2 أو 3 أو 4 حركات على التفصيل السابق، والله أعلم.
ويقابل المد: القصر، وهو:
لغة: الحبس أو المنع، ومنه قوله تعالى: (حور مقصورات في الخيام).
ومنه قول البلاغيين والأصوليين: تقديم المعمول على العامل يفيد القصر والحصر، كما في قوله تعالى: (إياك نعبد)، فتقدم المعمول، أي المفعول به، ضمير النصب المتصل "إياك"، على عامله، الفعل: "نعبد"، فلزم من ذلك قصر العبادة على الله، عز وجل، دون من سواه، وحصر هذا المعنى في صرف العبادة لله، عز وجل، دون من سواه، خلاف قولك: نعبد إياك، فإنه لا يمنع وجود معبود آخر، كأن يقول قائل: أعبدك وأعبد سواك، "لأن ضمير النصب المنفصل إذا تأخر عن عامله فالأصل فيه الاتصال، وهو هنا كاف المخاطب الراجعة إلى الله عز وجل"، فقوله صحيح لغة وإن كان فاسدا معنى، خلاف قوله: إياك أعبد وفلان، فهو فاسد لغة ومعنى، والله أعلم.
بتصرف من شرح الشيخ الدكتور عبد الغني عبد الجليل، حفظه الله، لـ "شرح شذور الذهب".
واصطلاحا: إثبات حرف المد من غير زيادة عليه.
أو: عدم الزيادة على المد الطبيعي لعدم وجود سبب لها.
فعلى سبيل المثال: في قوله تعالى: (قال)، لم يأت بعد حرف الألف، حرف المد، همز أو سكون، وهما سببا المد على تفصيل يأتي إن شاء الله، بل جاء بعدها حرف اللام، فامتنعت الزيادة عن حركتين، المقدار الطبيعي في هذه الصورة لتخلف شرط الزيادة، وهو مجيء الهمز أو السكون بعد ألف المد، كما تقدم، والله أعلم.
والمد كما ذكر الناظم، رحمه الله، ينقسم، بشكل رئيسي، لقسمين:
المد الطبيعي: وهو المد اللازم لاجتلاب الحروف، فبدونه لا يمكن النطق بالحرف أصلا، لأن أي حرف، غير الهمز أو الحرف المسكن، يأتي بعد حرف المد، يلزم للنطق به حركتان:
حركة الحرف نفسه، وحركة حرف المد، كما في قوله تعالى: (قال) و: (قيل) و: (نوحيها).
فلفظ: قال: عند النطق به، يمد القارئ ألف المد بمقدار حركتين، ليأتي باللفظ على وجهه، لأنه إن أهمل المد الطبيعي في هذا اللفظ، بأن أتى بحركة القاف فقط، فسوف تكون صورة النطق: قل، بفتح القاف مع نطقها بسرعة وفتح اللام، وهذا فساد في النطق يترتب عليه فساد في المعنى.
وكذا في قوله تعالى: (قيل)، بإهمال المد الطبيعي، وإسقاط ياء المد، تكون صورة اللفظ: قل، بكسر القاف مع نطقها بسرعة وفتح اللام.
وكذا في قوله تعالى: (نوحيها)، وهي لفظة حوت حروف المد الثلاثة: الألف والواو والياء، فبإهمال المد الطبيعي فيها، تكون صورة اللفظ: نحه، بضم النون وكسر الحاء وفتح الهاء، والنطق بجميعها سريعا دون إعطاء الضم أو الكسر أو الفتح حقه، لإهمال حروف المد، والله أعلم.
وبهذا يتضح قول الناظم رحمه الله:
ما لا توقف له على سبب ******* ولا بدونه الحروف تجتلب
فهو لا سبب له، لأنه لم يأت بعد حرف المد همز أو سكون أصلي أو عارض، وبدون المد الطبيعي لا تجتلب الحروف، بل يفسد النطق أصلا والمعنى تبعا، كما تقدم، والله أعلم.
¥