بتصرف من "منحة ذي الجلال" ص27_29.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[مهاجر]ــــــــ[23 - 10 - 2006, 08:34 م]ـ
بسم الله
السلام عليكم
كل عام وأنتم بخير، تقبل الله منا ومنكم
وعودة للمنظومة، وإن كان الوقت وقت بهجة وسرور والنفس قد تستثقل هذه الأبيات في مثل هذه الأوقات، عودة لها إذ انتقل الناظم، رحمه الله، إلى الكلام على المتجانسين فقال:
متقاربين، أو يكونا اتفقا ******* في مخرج دون الصفات حققا
بـ "المتجانسين" ثم إن سكن ******* أول كل فـ "الصغير" سمين
أو حرك الحرفان في كل فقل ******* كل "كبير" وافهمنه بالمثل
فالمتجانسان، حرفان لهما نفس المخرج، ولكنهما مختلفان في الصفات، فمن ذلك:
الطاء والتاء:
فكلاهما يخرج من طرف اللسان مع ما يقابله من أصلي الثنيتين العلويتين مصعدا إلى جهة الحنك الأعلى، فهما من الحروف النطعية كالدال تماما، لاتحادهم في المخرج.
وأما صفاتهما فمختلفة:
فالتاء من الحروف المهموسة، لأنها من حروف "سكت فحثه شخص"، والهمس هو عبارة عن خفاء التصويت بالحرف لضعفه بسبب جريان النفس معه حالة النطق به، وأما الطاء فهي من الحروف الجهرية، والجهر هو عبارة عن ظهور التصويب بالحرف لقوته بسبب انحصار الصوت الحاصل من عدم جريان النفس معه في حالة النطق به.
والتاء من حروف الاستفال، والاستفال هو عبارة عن تسفل اللسان وانخفاضه إلى قاع الفم عند النطق بالحرف، والطاء من حروف الاستعلاء، لأنها من حروف "خص ضغط قظ"، والاستعلاء هو عبارة عن استعلاء طائفة من اللسان عند النطق بالحرف.
والتاء من حروف الانفتاح، وهو عبارة عن انفتاح ما بين اللسان والحنك الأعلى وخروج الريح من بينهما عند النطق بحروفه، والطاء من حروف الإطباق، وهو عبارة عن انطباق طائفة من اللسان على ما يحاذيها من سقف الحنك وانحصار الصوت بينهما عند النطق بحروفه.
والطاء من حروف القلقلة، لأنها من حروف "قطب جد"، بينما التاء ليست من حروف القلقلة، والقلقلة هي عبارة عن تقلقل المخرج بالحرف عند خروجه ساكنا حتى يسمع له نبرة قوية.
ويشتركان في:
وصف الشدة، فكلاهما من حروف: "أجد قط بكت"، والشدة هي عبارة عن لزوم الحرف لمخرجه وحبس الصوت من أن يجري معه.
ووصف الإصمات، وهو عكس الذلاقة، التي تعني سرعة النطق بالحرف لخفته.
فاتضح مما سبق أن التاء والطاء، من الحروف المتجانسة، لأن المخرج واحد، والصفات، أو معظمها إن أردت الدقة، مختلفة، وهذا هو حد المتجانسين، كما سبق، ومن أمثلة ذلك:
قوله تعالى: (أحطت)، فالطاء ساكنة متبوعة بتاء متحركة، فيكون الحكم هنا: "إدغام متجانسين صغير"، لأن الأول ساكن والثاني متحرك، والإدغام هنا واجب، كما هو الحال في "إدغام المثلين الصغير"، والله أعلم.
وقوله تعالى: (الصالحات طوبى)، فالتاء والطاء، كلاهما، متحرك، فيكون الحكم هنا: "متجانسين كبير"، وإظهاره كإظهار "المثلين الكبير"، عند الجمهور، ما عدا "أبا عمرو" و "يعقوب"، رحمها الله، في أحد الوجهين عنهما، فقد اختارا فيه الإدغام، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، والله أعلم.
ومن ذلك أيضا:
الدال والتاء:
فالمخرج واحد وهو: طرف اللسان مع ما يقابله من أصلي الثنيتين العلويتين مصعدا إلى جهة الحنك الأعلى، كما تقدم عند الكلام على التاء والطاء.
والصفات مختلفة:
فالتاء مهموسة والدال جهرية.
والدال مقلقلة، لأنها من حروف "قطب جد"، والتاء غير مقلقلة.
ويشتركان في الشدة لأنهما من حروف "أجد قط بكت"، والاستفال، والانفتاح، والإصمات.
ومن أمثلة ذلك:
قوله تعالى: (قد تبين)، فالدال ساكنة متبوعة بتاء متحركة، فيكون الحكم هنا: "إدغام متجانسين صغير"، لأن الأول ساكن والثاني متحرك، والإدغام هنا واجب، كما هو الحال في "إدغام المثلين الصغير"، والله أعلم.
وقوله تعالى: (المساجد تلك)، فالدال والتاء، كلاهما، متحرك، فيكون الحكم هنا: "متجانسين كبير"، وإظهاره كإظهار "المثلين الكبير"، عند الجمهور، ما عدا "أبا عمرو" و "يعقوب"، في أحد الوجهين عنهما، فقد اختارا فيه الإدغام، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، والله أعلم.
وأخيرا وضع الناظم، رحمه الله، قاعدة كلية لمعرفة "الصغير" و "الكبير"، سواء كان في المتماثلين أو المتقاربين أو المتجانسين، فقال:
بـ "المتجانسين" ثم إن سكن ******* أول كل فـ "الصغير" سمين
أو حرك الحرفان في كل فقل ******* كل "كبير" وافهمنه بالمثل
فإذا سكن الأول وتحرك الثاني فهو: "صغير"، واجب الإدغام.
وإذا حرك الاثنان فهو: "كبير"، حكمه الإظهار عند الجمهور، خلاف "أبي عمرو" و "يعقوب"، في أحد الوجهين عنهما، فقد اختارا فيه الإدغام، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
وبالإضافة إلى ذلك يوجد نوع ثالث في حالة:
تحريك الأول وتسكين الثاني، أي عكس الصغير فهو: "المطلق"، ومنه قوله تعالى: (ما ننسخ)، فنون "ننسخ" الأولى متحركة والثانية ساكنة، وحكمه: "الإظهار".
والله أعلى وأعلم
يتبع إن شاء الله
¥