فيلزم أن تكون هذه الحروف ساكنة، فخرج بذلك الألف والواو والياء، إن تحركت، فلا يقال عن الواو في قوله تعالى: (ولقد أهلكنا)، بأنها واو مد، لأنها متحركة بالفتح.
ولا يقال عن الياء في قوله تعالى: (كذلك زين)، بأنها ياء مد لأنها متحركة بالكسر.
ويلزم أيضا: أن تكون حركة الحرف الذي يسبقها موافقة لجنسها:
فجنس الألف: الفتح، فيلزم أن يكون ما قبلها مفتوح، والألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحا.
وجنس الواو: الضم، فيلزم أن يكون ما قبلها مضموم.
وجنس الياء: الكسر، فيلزم أن يكون ما قبلها مكسور.
وأما إذا سكنت الواو والياء، وفتح ما قبلها، فيقال عندئذ:
بأنهما استوفيا الشرط الأول: وهو كونهما ساكنتين، ولكن الشرط الثاني: اختل، لأن الفتح ليس من جنس الواو أو الياء، فيقال لهما في هذه الحالة: حرفا "لين"، لسهولة خروجهما بهذه الصورة، وحروف اللين هي سبب مد اللين العارض للسكون، كما سيأتي إن شاء الله، ومن ذلك:
قوله تعالى: (بيت)، إن وقفت على التاء، فالياء ساكنة مفتوح ما قبلها، ولذا يسمى هذا المد: مد لين عارض للسكون، لأن السكون غير أصلي، فالتاء متحركة، فلما وقف القارئ عليها سكنها، فعرض السكون لحرف اللين فتولد مد اللين العارض للسكون، كما سيأتي إن شاء الله.
وقوله تعالى: (خوف)، إن وقفت على الفاء، فالواو ساكنة مفتوح ما قبلها.
وعليه يقال بأن حروف المد ثلاثة: الألف المفتوح ما قبلها، والواو المضموم ما قبلها، والياء المكسور ما قبلها.
وحروف اللين: الواو الساكنة المفتوح ما قبلها، والياء الساكنة المفتوح ما قبلها.
وحروف المد أقوى من حروف اللين، لأن موافقة ما قبلها لها في الحركة يكسبها قوة ليست موجودة في حروف اللين التي يكسبها فتح ما قبلها، والفتح أخف من الضم والكسر، يكسبها ليونة تجعلها أدنى من حروف المد، وترتب على ذلك:
أن المد المبني على حروف اللين أضعف من المد المبني على حروف المد، فعلى سبيل المثال: مد اللين العارض للسكون في قوله تعالى: (بيت)، إن وقفت عليها، أضعف من المد العارض للسكون في قوله تعالى: (رب العالمين)، إن وقفت على: "العالمين"، لأن الياء في "بيت" ياء لينة ساكنة مفتوح ما قبلها، بينما الياء في "العالمين" ياء مدية، مكسور ما قبلها، فكأن المد فرع عن سببه قوة وضعفا، فكلما كان السبب أقوى كان المد أقوى، والعكس صحيح، ويأتي مزيد بيان لذلك إن شاء الله عند الكلام على هذين المدين، والله أعلم.
فائدة: الألف يقال عنها بأنها: حرف مد ولين في نفس الوقت، لأنه لا يتصور وجود ألف ما قبلها غير مفتوح، فدائما ما قبلها مفتوح ليناسب جنسها، وهذا حد حرف المد.
وهي في نفس الوقت ساكنة مفتوح ما قبلها، وهذا حد حرف اللين، فاجتمع فيها الوصفان في نفس الوقت بشكل لا ينفك عنها أبدا، خلاف الواو والياء اللتين تستقلان بأحد الوصفين دون الآخر، ولا يمكن اجتماع كلا الوصفين فيهما في نفس الوقت، كما تقدم في الأمثلة.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[أبو طارق]ــــــــ[27 - 10 - 2006, 04:58 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أثقل الله موازينك
وتقبل لله منا ومنك صالح الأعمال
وكل عام وأنت بخير
ـ[مهاجر]ــــــــ[30 - 10 - 2006, 01:38 ص]ـ
ومنك ومن إخواني أبا طارق، حفظك الله، وأثقل موازينك
وعودة إلى المنظومة:
إذ شرع الناظم، رحمه الله، في بيان أحكام المد، فقال:
للمد أحكام ثلاثة تدوم ******* وهي الوجوب والجواز واللزوم
فأحكام المد ثلاثة:
الوجوب: ويكون في المد المتصل.
والجواز: في المد المنفصل، ويلحق به: المد العارض للسكون، ومد اللين العارض للسكون، ومد البدل، ومد الصلة الكبرى ومد الصلة الصغرى.
واللزوم: كما في المد اللازم بأقسامه الأربعة: الكلمي المثقل، والكلمي المخفف، والحرفي المثقل، والحرفي المخفف، على تفصيل يأتي إن شاء الله.
مسألة: أحوال حرف المد مع الهمز:
أولا: أن يتقدم حرف المد وتأتي الهمزة بعده في نفس الكلمة، وهذه هي صورة المد المتصل، ومن ذلك:
قوله تعالى: (جاء)، فألف المد متبوعة بالهمز المتطرف.
وقوله تعالى: (قروء)، فواو المد متبوعة بالهمز المتطرف.
¥